29 - 06 - 2024

ماذا يريد الشعب؟ (١٤)

ماذا يريد الشعب؟ (١٤)

أى نظام سياسى لابد له من الحصول على الشرعية، والشرعية هنا تعنى الشرعية الدستورية التي تعنى التزام النظام بالدستور وأحكامه التى تعنى وتقصد فى المقام الأول تحقيق المصلحة العامة للجماهير فى كل مناحى الحياة. والشرعية القانونية وتعنى أن يأتى النظام بكل مؤسساته ملتزما بالشروط والمبادئ القانونية التى تحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم. وبالطبع لابد أن تكون تلك المبادئ والتشريعات متوافقة ومطبقة لروح الدستور وتوجهاته الأساسية. أما الشرعية الثالثة والأهم وهى الشرعية  الجماهيرية، والأهمية هنا تأتى لأنه يمكن أن ياتى النظام السياسى حسب الدستور والقانون، ولكن الشرعية الجماهيرية لا تكون بغير أن يكون النظام مرتبطا ومتفاعلا ومتجاوبا مع الجماهير عارفا بقضاياها مرتبطا بمشاكلها معبرا عن تطلعاتها محققا لأمانيها. ولا تكون ولا تتواجد هذه العلاقة وتلك الشرعية الجماهيرية بعيدا عن المصداقية التى هى سياج الأمن للنظام وحصن الأمان للجماهير.

وعندما تهتز هذه المصداقية بين الحكم والجماهير يصبح الأمر خطرا حقيقيا على الوطن والنظام والجماهير، ذلك لأن الوطن هو المركب الذى يحتوى الجميع وسلامته تعنى سلامة الجميع.

ولا يكون الارتباط والتفاعل والتجاوب بدون أن تبدى الجماهير آراءها وأن يسمع النظام إلى تلك الآراء جيدا والأهم ليس السمع فقط ولكن التجاوب مع المطالب الجماهيرية وبغير تلك الحلقة تغيب المصداقية وتغيب الشرعية الجماهيرية.

وعلى تلك القاعدة نقول:هل سلوكيات وقرارات وتجاوب حكومة مدبولى السابقة والقائمة بالأعمال تتوافق مع مشاكل وقضايا ومطالب الجماهير؟ وهل هذا التقاعس فى تشكيل الحكومة والتى كان يجب أن تكون بعد حلف اليمين الدستورية للدورة الجديدة لرئيس الجمهورية فى أول أبريل والتى لم تعلن حتى الآن، يمكن أن ينتج هذه المصداقية؟ وهل الوعود المتكررة من رئيس الوزراء (من الواضح أنه لاعلاقة له بالسياسة ولا العمل السياسي) فى مشكلة الكهرباء، تلك الوعود التى لا تصدق بل تزيد المشكلة ازديادا وتفاقما. هل تكون تلك الوعود طريقا للمصداقية؟ فهل يعلم رئيس الوزراء المكلف بأن قطع الكهرباء وبعيدا عن الخسائر الاقتصادية لاقتصاد الأفراد وبالتالي اقتصاد الوطن هى خسارة معنوية وهدم للسلامة النفسية للمواطن، خاصة عندما يكون هذا القطع يأتى فى ظل ظروف قاسية وغير مسبوقة يعيشها المواطن المصرى بكل طبقاته الاجتماعية خاصة فى المجال الاقتصادى الذى ينسحب على باقى مجالات الحياة؟ وماذا يعنى خروج مدبولى وفى ظل ظروف نفسية وتذمر، لابد لنا من رصده ومعالجته، من مشكلة الكهرباء ليعلن اعتذاره، والأجمل يعلن أن القطع سيكون لثلاث ساعات مع العلم أن القطع أصبح أكثر من هذا بكثير وفى أكثر من وقت طوال النهار والليل؟!

نعم أعلن أن المشكلة فى الغاز ومشكلة الغاز فى التمويل النقدى، فهل هذا الكلام جديد ؟ فهذا قيل من العام السابق . فماذا فعلت حكومتك طوال العام فى توفير هذا النقد، خاصة بعد تدفق الدولارات من رأس الحكمة ومن المزيد من الديون من صندوق النقد والبنك الدولى والاتحاد الأوروبى؟ وهل مشكلة الكهرباء وما ينتج عنها من نتائج (لن تكون فى صالح أحد) لا تستحق رصد كل المبالغ المطلوبة للحل؟ أم هى النظرة القاصرة وغير السياسية للأمور؟ الأمر خطير وسلامة الوطن تعنى الجميع بلا استثناء بعيدا عن الخلافات السياسية، والامر يتطلب السرعة فى اتخاذ القرارات المطلوبة والواجبة فى إطارها السياسى بعيدا عن أى منظور اقتصادى تقليدى لايصلح ولا يؤتى خيرا فى مثل هذا الظروف. 

التهديدات تحيط بنا من كل جانب، فلا تزيدوا الأمر سوءا. والوطن لايتوقف أمام اختيار مدبولى أو غيره، فالمهم والأهم هو مصر الغالية وشعبها العظيم . حمى الله مصر وشعبها من كل سوء.
---------------------------
 بقلم: جمال أسعد

مقالات اخرى للكاتب

ماذا يريد الشعب؟ (١٤)





اعلان