30 - 06 - 2024

إبراهيم عطا الله .. الحكمةُ ضالة المؤمن !

إبراهيم عطا الله .. الحكمةُ ضالة المؤمن !

جميلٌ أن يكون المرء ذا أثر طيب في نفوس من خالطهم في كلِّ عمل أُسند إليه، أو مهمة ألقيت علي كاهله، وهذا ما آنسته، وجنيتُ ثماره خلال عملي مُحاضِرا بالجامعة الإسلامية بولاية مينيسوتا الأمريكية، حيث درستُ لطلاب كلية الإعلام مادتي الإعلام والتنمية، والتربية الأخلاقية، فاختيرت للأولي بحكم عملي بإحدى الصحف القومية، وللثانية بحكم تخصصي في الدراسات الإسلامية، والفكر الإسلامي في دراساتي التكميلية بعد الليسانس .

ولا أُخفي أن وراء ذلك سببا رئيسا، وهو إخلاصي في عملي قدر الجهد، وحرصي علي إتقانه؛ احتراما لقول ربنا : { وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون }، ولقول نبينا محمد صلي الله عليه وسلم : ( إن الله يحب إذا عملَ أحدكم عملا أن يتقنه )، فدأبت - آنئذ - لا أنفك عن إعداد محاضراتي جيدا، وترتيبِ أوراقي، والاستعانة بأكثر من مصدر يُخدّم علي القضية موضوع البحث، فكانت المحاضرة ورشة عمل، وحلقة نقاش، تفيض بالفوائد والدروس .

ولا أكذب في أنّ الوصول لهذه النتيجة من البحث والدرس لم يكن عمادُه جهدي وحدي، بل يرجع الجهدُ الأكبر لطلاب نابهين، وطالبات يقظات، عرفوا جميعا ما لهم وما عليهم، فأدوا واجبهم علي أكمل وجه، ولم يتنازلوا عن حقوقهم ولو قيد أنملة، فكانت المحاضرة بيننا سجالا، والحديثُ متداولا، لسان حالهم معي ما قاله الشافعي رحمه الله :

أخي لن تنال العلم إلا بستـــة / سأنبيك عن تفصيلها ببيــان

ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة / وصحبة أستاذ وطول زمان

وأؤكد أنَّ نقاشي مع طلابي، الذين كانوا بالنسبة لي إخوة وأخوات، جعلني أكتشفُ فيهم مواهب جمة، وقدراتٍ خارقة، فألفيت فيهم الشاعرة المرهفة، والروائية واسعة الخيال، والخطيبَ المفوه، والباحث المتميز المالك لأدواته البحثية، والمحاورَ الملمَّ بأدب الحوار، وكلها مغريات جعلتني أنتظر المحاضرة تلو الأخرى، وأعدّ الساعات والدقائق؛ ليتجدد لقائي بطلابي وأصدقائي من جديد .

انقضت مدةٌ طويلة علي غيابي عن طلابي بعد انقطاعي عن التدريس لشواغل عملي ببلاط صاحبة الجلالة، ومازال اتصالي ببعض طلابي موصولا، نتبادل سويا اتصالات التهنئة في المواسم والأعياد، ورسائل المحبة، وروابط العديد من الأبحاث والمقالات، فأتعلم منهم ويتعلمون مني شعارنا سويا : (الحكمة ضالة المؤمن أني وجدها فهو أحق الناس بها ).

ومن الطلاب المتميزين خلقا وبحثا إبراهيم عطا ابن سوريا الشقيقة فرّج الله كربها، وأقال عثرتها، وأعاد إليها سابق عزها ومجدها، المُقيم مع أسرته بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، الذي لم تنقطع صلتي به يوما، فقد حرصت قبله - وأنا الأستاذ - علي التواصل معه، وتبادل أطراف الحديث ، وليس عيبا أن أصرح بأنه منذ أن جمعتنا حلقة البحث عبر برنامج الزووم، وأنا أكنُّ له حبا وتقديرا؛ لهمته العالية، وجهده الواضح، ونقاشه المثمر، يزين ذلك كله أدبه الجم وخُلقه الرفيع .

يتحفني إبراهيم عطا الله، الذي أضحي خريجا في كلية الإعلام، برسائله الزاخرة بالعلم والأدب والفوائد، والتي تجعلني أعلن بملء فيَّ أنني فُزتُ بإخوته ورب الكعبة، وأطمح في أن أكون أنا وهو من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله علي اعتبار أننا رجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه .

ويبدو أن إبراهيم عطا الله وأسرته جميعا، ورثوا الكرم كابرا عن كابر، فقد كانت له ولأخته الفاضلة وزوجها المهذب فضلٌ علينا في موسم حج هذا العام ندعو الله أن نستطيع رده إنه جواد كريم .
-----------------------------
بقلم: صبري الموجي * 
* مدير تحرير الأهرام


مقالات اخرى للكاتب

إبراهيم عطا الله .. الحكمةُ ضالة المؤمن !





اعلان