26 - 08 - 2024

وداعا فارس الخارجية.. نهاية فصل حاسم في مسيرة سامح شكري

وداعا فارس الخارجية.. نهاية فصل حاسم في مسيرة سامح شكري

مع انتهاء فترة تولي سامح شكري وزارة الخارجية، ينتهي فصل بارز في تاريخ الدبلوماسية المصرية التي تأثرت بشكل عميق بقيادته، منذ تعيينه في عام 2014.

 منذ أن تولى فارس الدبلوماسية منصب وزير الخارجية المصري في مارس 2014، شكلت فترة قيادته مرحلة مفصلية في الدبلوماسية المصرية، حيث سعى جاهداً لتعزيز موقع مصر الإقليمي والدولي.

 لقد كانت هذه الفترة مليئة بالتحديات والفرص، مما جعلها فترة حافلة بالإنجازات والتحولات الاستراتيجية التي أثرت على السياسة الخارجية المصرية.

 كان شكري القائد الذي قاد الدبلوماسية المصرية بمهارة وثبات،  عبر سنوات من العمل الدؤوب، حيث ساهم بشكل كبير في تعزيز العلاقات الدولية لمصر في ظل ظروف إقليمية معقدة، من الأزمة الليبية والسورية إلى النزاع اليمني، وحتي القضية الفلسطينية.

في بداية فترة توليه، ركز شكري  على تعزيز دور مصر في حل النزاعات الإقليمية، حيث  كان الملف الليبي من أبرز القضايا التي تولت وزارة الخارجية الاهتمام بها، وعملت الدبلوماسية المصرية على دعم جهود المصالحة الوطنية بين الأطراف المتنازعة في ليبيا،  هذا التوجه تضمن تنظيم مؤتمرات ومباحثات مع أطراف مختلفة لتحقيق استقرار سياسي وأمني في البلاد.

أما في سوريا، فقد استمرت مصر في الدعوة لحل سياسي شامل للأزمة السورية،  مع التركيز على أهمية دعم المؤسسات السورية وتعزيز استقرار الدولة، وكانت مصر تدعم الحلول التي تضمن حقوق الشعب السوري دون التدخل العسكري الخارجي.

وفي اليمن، لعبت الدبلوماسية المصرية دوراً في دعم جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى تسوية سلمية، مع التركيز على الجانب الإنساني ومساعدة المتضررين من النزاع.

وأخيرا، كان للقضية الفلسطينية الدور الأكبر من اهتمام شكري، حيث لعب دوراً محورياً في جهود حل القضية الفلسطينية عبر مشاركته النشطة في الدبلوماسية الإقليمية والدولية،  سعى دبلوماسي مصر الأول،  إلى تعزيز الموقف المصري كوسيط رئيسي في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أحد أبرز أدواره كان في دعم المبادرات السلمية وتعزيز التنسيق مع الأطراف المختلفة لتحقيق تسوية عادلة وشاملة.

سامح  شكري،  كان يدرك أهمية تقديم الدعم الكامل للحقوق الفلسطينية من خلال  التفاوض السلمي والحوار، وقد ساهمت مصر، تحت قيادته للدبلوماسية المصرية في  تنظيم العديد من الاجتماعات واللقاءات بين الفرقاء الفلسطينيين، بما في  ذلك المفاوضات بين حركة حماس والكيان الصهيوني. 

كما  عمل على تعزيز التعاون مع الدول العربية الأخرى والمجتمع الدولي لضمان  تفعيل القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، مثل قرارات الأمم  المتحدة التي تدعو إلى حل الدولتين.

وفي أوقات التصعيد والتوتر، قام الوزير بتكثيف الجهود للتوسط في دعم قطاع غزة والتخفيف من معاناة المدنيين.

وقد عكست هذه الجهود التزام مصر الثابت بالسلام والاستقرار في المنطقة، مما يعزز دورها كوسيط رئيسي وفاعل في الساحة الدولية.

بجانب هذه المبادرات، واصل رجل الخارجية دعم مصر لتكون منصة دبلوماسية للجهود الرامية إلى إحياء عملية السلام، وأكد على أهمية التوصل إلى تسوية عادلة تضمن إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وقابلة للحياة، من خلال هذه الأنشطة.

شكري لم يقتصر عمله على قضايا الصراعات فحسب، بل كان له دور كبير في تقوية العلاقات مع الدول الكبرى، وتعزيز التعاون مع الدول الأفريقية، مما عزز من مكانة مصر على الساحة العالمية.

في سياق العلاقات مع القوى الكبرى، شهدت فترة تولي الدبلوماسي المحنك تطوراً ملحوظاً في العلاقات المصرية الأمريكية، حيث سعى شكري لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مثل مكافحة الإرهاب والتنمية الاقتصادية، مع التأكيد على أهمية دعم حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

أما مع الاتحاد الأوروبي، فقد عملت وزارة الخارجية على تعزيز التعاون في مجال الهجرة، مع التركيز على مكافحة الهجرة غير الشرعية وتعزيز التنمية في البلدان المصدرة للمهاجرين.

كما كانت الفترة التي تولى فيها  شكري الوزارة فترة من التجديد الدبلوماسي، حيث تم التركيز على توسيع العلاقات الدولية لمواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ والأمن الغذائي. 

من بين الإنجازات البارزة التي حققها كانت استعادة العلاقات مع بعض الدول التي شهدت توتراً في الماضي، فقد تم تحسين العلاقات مع بعض الدول العربية والأفريقية مثل قطر وتركيا ، حيث كانت مصر تعمل على تعزيز التعاون الإقليمي والاستثمار في مشاريع التنمية المشتركة.

بقيت مبادرات الدبلوماسي المخضرم ، ومساهماته راسخة في الذاكرة كعلامة على قدرة الدبلوماسية المصرية على التكيف مع التغيرات وتوسيع نطاق تأثيرها.

مع انتهاء فترة توليه، يبرز إرث سامح شكري كدليل على القيادة الحكيمة والقدرة على إدارة الأزمات بفعالية.

لم تكن فترة ولايته مجرد فترة عادية،  بل كانت تجربة غنية بالإنجازات والتحديات التي شكلت مسار الدبلوماسية المصرية.

إن ما قدمه رجل الخارجية الأول سيتجاوز فترة توليه، ويستمر في التأثير على السياسة الخارجية لمصر ويشكل مرجعية للدبلوماسيين وصناع القرار في المستقبل.

انتهت فترة تولي شكري لوزارة الخارجية في ظل عالم مليء بالتحديات والتحولات، لقد كانت فترة مليئة بالجهود الدبلوماسية لتعزيز مكانة مصر على الساحة الدولية، حيث تم التعامل مع قضايا معقدة بمرونة وفعالية.

بينما نودع فترة من التأثير الدبلوماسي البارز، فإن الإنجازات والتحديات التي شهدتها فترة  فارس البلوماسية تظل جزءاً أساسياً من مسيرة السياسة الخارجية المصرية، وتدعو إلى تقييم مستمر وتطوير في المستقبل لضمان استمرار تأثير مصر الإقليمي والدولي.
------------------------------
بقلم: أميرة الشريف

مقالات اخرى للكاتب

وداعا فارس الخارجية.. نهاية فصل حاسم في مسيرة سامح شكري