27 - 07 - 2024

عجايب غراب أبيض |"أنس" الدبلوماسية المصرية

عجايب غراب أبيض |

نفتقد "أنس مصطفى كامل" وأمثاله ممن شرفوا الدبلوماسية المصرية ووزاره الخارجية. وبمناسبة أو بدونها، تذكرته هذه الأيام. وقد عرفته عن قرب خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات مثقفا وباحثا وكاتبا من طراز رفيع، يتميز بالكفاءة والوطنية والإخلاص لشعبه، وإنسانا صديقا يقظ الضمير مرهف الحس كريم الأخلاق. 

 عشت وأصدقاء وقائع نضاله لسنوات صعبة أمام المحاكم، حتى استرد حقه في الالتحاق بعمله بوزارة الخارجية، وبوصفه مواطنا، وخريجا متفوقا في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وفائزا عن جدارة واستحقاق بمسابقة الوزارة. معركة باسلة خاضها متمسكا بموقفه الوطني المشرف المعارض لكامب ديفيد ومعاهدة الصلح والتطبيع مع الكيان الصهيوني الإرهابي. 

 يمر بخاطري شريط طويل من ذكريات ومواقف شخصية،ومع كتب ودراسات ومقالات ونقاشات مهمة في قلب الصراع السياسي الاجتماعي والفكري لبلدنا والمنطقة والعالم. وأعثر على مرثية نشرها الراحل "طلال سلمان" في "السفير" 31 ديسمبر 1995 إثر وفاة "أنس" بلبنان. كتب عنه: "هو الحاضر الناظر المتدفق عروبة ولياقة وكياسة والممتليء ثقافة .. والذي كان بسلوكه الشخصي والدبلوماسي شهادة لمصر وللدبلوماسية المصرية على النضج والإخلاص وصفاء السريرة". وأيضا ما قاله حينها رئيس جمعية خريجي الجامعات المصرية بلبنان المهندس "خالد شهاب:" أعطى صورة مشرفة للدبلوماسية المصرية".

رحم الله "أنس"، وكل "أنس"، أمواتا كانوا أو أحياء. لم تطأ أقدامهم أرض فلسطين تحت الاحتلال، ولم تصافح أكفهم مجرمي الحرب والاستعمار الاستيطاني الإبادي، ولم تتلوث سمعتهم بما يشين وطنيا ووظيفيا وأخلاقيا وإنسانيا، ولا بتزلف ونفاق روسائهم.

وفي الليلة الظلماء يفتقد "الأنس".

وعجايب!
------------------------
بقلم: كارم يحيى

 

مقالات اخرى للكاتب

عجايب غراب أبيض | شقة بـ 8 ملايين ..