27 - 07 - 2024

اعتزال فنان ضاحك بدون كلمة وداع!!

 اعتزال فنان ضاحك بدون كلمة وداع!!

خبر يدعو للرثاء وفنان يدعو للشفقة؛ هذا ما أثاره في نفسي خبر اعتزال فنان الكوميديا الكبير عبد الله مشرف، الذي أضحكنا وأبهجنا سنوات طوال ربما تمتد إلى النصف قرن من الزمان!!

فقد فوجئنا بتصدر اسم الفنان عبدالله مشرف محركات البحث على مواقع التواصل الاجتماعي بعدما أعلن نهائيا قرار اعتزاله التمثيل والتفرغ للاستمتاع بحياته مع أسرته وأحفاده.

عبد الله مشرف المعروفة أدواره بأسماء شخصياته التي حفرت شقوقا وأخاديد على الوجه، وسعادة بالغة في القلب.. اعتزل الضحك الذي لم يعد له رموز ولا جمهور في اشتياق إليه في وقت عز فيه الابتسامة.

مشرف وصل من سنوات عمره المديد إلى الثمانين ـ أطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية ـ والعمر لا يعني شيئا أمام (القدرة) على العطاء؛ هو بفضل من الله لا يعاني مرضا ولا عائقا يعيقه عن مواصلة تجسيد الشخصيات الـ "جراند بريمييه" التي طالما نادينا المؤلفين بالحرص على وجودها بين أوراقهم (النصوص) ولكن لا حياة لمن تنادي!

مشرف الممثل الكوميدي الذي عرف بتركيبة مميزة لا تخطؤها العين، يحفظها وينتظرها جمهوره في السينما والتليفزيون والمسرح، دون أن يقع في فخ النمطية، هو يعلن في كل عمل فني: أنا عبد الله مشرف، من دون أن يكرر إفيهاته ولا لزماته؛ فهو لا يحتاج إليها؛ لأن مجرد ظهوره سواء بشعره المنكوش أو المصفف بعناية هو مادة غنية بالضحك والسعادة!

أن نفاجأ بفنان محبوب، كوميديان ملء العين، تتقد عيناه ذكاء وموهبة، وعقله حضورا طاغيا لرد الإفيه بأجمل منه لم ينضب معينه بعد، فنان في كامل صحته ولياقته، تركناه حتى يكتئب، حتى ينزوي، حتى يتوارى، حتى يغلق باب موهبته بالضبة والمفتاح، وأن يكون السبب المعلن هو: الاستمتاع بالأسرة والأحفاد، وهل يمنع الفن من الدفء الأسري؟!

لنكن صرحاء: إن جو الانتاج الحالي المنقسم بين الداخل والخارج، يعتمد على أسماء بعينها، مجموعة أو شلة من المحظوظين، ليس لها قواعد محددة تحكمها، أرقام تدفع بعشرات الملايين بلا منطق، بلا سبب، في الداخل والخارج، فيما يوجد فنانون موهوبون صادقون ممتلئون بالفن، ولكنهم مهملون حتى نفاجأ باعتزالهم أو انزوائهم دون كلمة وداع!!

والفنان عبدالله مشرف تخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1974، وهو من مواليد 15 فبراير عام 1942، على مدار مشوار شاق كان عاشقا للمسرح مخلصا له، عمل لسنوات طويلة مع الفنان محمد صبحي وشاركه عددا كبيرا من أعماله منها "أنت حر"، "الهمجي"، "وجهة نظر"، "تخاريف"، "لعبة الست" و"كارمن"، وفي مسرح الطليعة قدم عددا آخر من المسرحيات منها: "عفاريت من ورق"، "«الناس الطيبة"، "ليالي شهرزاد"، و"الدندرمة"، وهو فارس من فرسان الشاشة الصغيرة قدم بها أشهر المسلسلات التي شارك فيها بأدوار رئيسية، منها: "رجل خطير جدا"، "على هامش السيرة"، وحقق شهرة كبيرة من خلال أجزاء مسلسل "يوميات ونيس"، "زيزينيا"، "أبوضحكة جنان"، "أولاد الشوارع"،"العمة نور" و"فارس بلا جواد".
------------------------------------
بقلم: طاهـر البهـي

مقالات اخرى للكاتب

 اعتزال فنان ضاحك بدون كلمة وداع!!