18 - 08 - 2024

معبد إدفو أيقونة المعابد المصرية القديمة

معبد إدفو أيقونة المعابد المصرية القديمة

- ثاني أكبر المعابد المصرية بعد الكرنك وتتعامد عليه الشمس مرة واحدة كل عام 
- استمر تشيده أكثر 180 عاما
 وبه مقياس للنيل يحدد منسوب الفيضان

يعد معبد الإله حورس بمدنية أدفو بأنه أجمل المعابد المصرية وأكملها على الإطلاق، فلم يتأثر بعوامل الطبيعة أو العوامل البشرية وظل محافظًا على بهاء تفاصيله الفنية الفريدة، اكتُشِف المعبد مطمورًا تحت التراب عام  1869م. ويتميز بضخامة هيكله ومساحته التي أقيم عليها، ويعد ثاني أكبر معبد في مصر بعد معابد الكرنك بالأقصر، ويقع المعبد بمدينة إدفو، على بعد 123 كيلو متراً من شمال أسوان، ونحو 100 كيلو من جنوب الأقصر. ويبلغ طول المعبد  137 مترًا وعرضه 79 مترا وارتفاعه 36 مترًا.

تاريخ الإنشاء

يشير الدكتور محسن لطفي عالم المصريات وأكثر من شرحوا نصوص المعبد أنه تم بناء معبد إدفو على أنقاض معبد قديم منذ عهد تحتمس الثالث من الأسرة 18،  صمّم المعبد إيمحوتب المهندس العظيم الذى بنى هرم الملك زوسر في سقارة حوالىْ سنة 2800 ق. م، أما المعبد الحالي فقد شيده  بطليموس الثالث 237 ق.م. للإله حورس، وانتهى من تشيده بطليموس الرابع  212 ق.م. دون أن يزخرف جدرانه، وأكمل زخرفته وتشيده بطليموس العاشر وبطليموس الحادي عشر 57 ق.م أي استمر بناء المعبد أكثر من 180 سنة 

إله المعبد

شيد هذا المعبد لعبادة الإله حورس الذي يرمز إلى الخير والعدل عند المصريين القدماء، وهو ابن إيزيس وأوزوريس أصحاب الأسطورة المصرية القديمة الشهيرة، حيث قتل ست إله الشر والد حورس وعندما كبر حورس انتصر على إله شر قاتل أبيه، وقتله في مكان المعبد الحالي بإدفو الذي دارت بين جنباته المعركة، وقد تزوج إله هذا المعبد من إلهة معبد دندرة حتحور إله الحب والسعادة عند القدماء المصريين فكان يقام احتفال داخل المعبد عبر رحلة سنوية يقوم بها الإله حورس لإحضار زوجته الإلهة حتحور من معبدها بدندرة إلى معبد إدفو.

عمارة المعبد 

يتضح من طراز وصور ونقوش المعبد أنه معبد مصري صميم أنشئ على التقاليد المصرية القديمة المتوارثة، دون أن يتأثر بالعمار الإغريقية. 

يتكون معبد إدفو من جزأين متماثلين بينهما باب في المنتصف، ويبدأ المعبد ببوابة كبيرة هذه البوابة كانت تغلق في الأزمنة الغابرة بباب مصنوع من خشب الأرز المطعم بالبرونز والذهب، ويعلو تلك البوابة الضخمة قرص الشمس المجنح الذي يمثل هنا بصفة خاصة حورس، ويقوم أمام الصرح صقران ضخمان من الجرانيت يرمزان إلى حورس إله إدفو وأشهر نترات المصريين القدماء، ويلى البوابة الفناء المكشوف الذي تقوم الأعمدة ذات التيجان النباتية على ثلاثة من جوانبه، ويليها الفناء أو صالة الأساطين التي يرتفع سقفها على اثنتي عشرة عمودًا ويزين مدخلها تمثالين من الجرانيت للإله حورس على شكل صقر، وتلى هذه الصالة صالة أخرى يقوم سقفها على اثنتي عشرة عمودًا أيضًا وتضم على يمين ويسار المدخل حجرتين، كان إحداهما مكتبة والأخرى لحفظ أدوات وأواني الطقوس الدينية، ويلى ذلك ردهتان كانت الأولى منها تسمى قاعدة المائدة، على اعتبار أنها مخصصة لتقديم القرابين، على حين الأخرى تسمى استراحة الإله، وينتهي المعبد بقدس الأقداس الذى كان يحتوى على الناووس المصنوع من الجرانيت، والذى كان مخصصًا لتمثال الإله وأمامه قاعدة القارب المقدس، ويحيط بقدس الأقداس اثنتا عشرة حجرة سجلت على جدرانها مناظر ونصوص دينية، ويوجد على سقف المعبد ميازيب كبيره من الحجر شكلت أجزاؤها على أشكال أسود.

كما يوجد دهليز خارجي أو ممر يدور حول المعبد وحول أجزائه الداخلية وقد حملت جدرانه الداخلية مناظر ونقوش مختلفة أهمها مناظر أسطورة الشمس المجنحة ومناسك عيدها.

مقياس النيل 

من المعالم البارزة في معبد إدفو مقياس النيل، حيث يوجد الدهليز الشرقي للمعبد سلم ملاحق للجدران الخارجي للمعبد يؤدي إلى مقياس النيل، حيث كان يستخدم في تحديد إيجار الأرض عامة طبقًا لكمية مياه الفيضان.

تعامد الشمس

وفي 21 يونيو من كل عام تتعامد الشمس على قدس الأقداس بمعبد إدفو، حيث تسقط ثلاثة أعمدة من الضوء بشكل عمودي من الفتحات الصغيرة الموجودة بسقف قدس الأقداس لتنير القمة الهرمية لـ"الناووس" الذي كان يحتوي في الماضي تمثال المعبود "حورس"،  ويعد قدس أقداس معبد "أدفو" هو الوحيد دون سائر المعابد المصري القديمة، الذي تم تشييد ثلاث فتحات مربعة صغيرة في سقفه، حتى يتوغل ضوء الشمس منها إلى داخله بشكل عامودي مرة واحدة في العام، هو يوم 21 من شهر يونيو، الذى يوافق بداية الانقلاب الصيفي، ذلك الحدث الفلكي، يتزامن مع أعياد المعبود "حورس"، ومن  المعروف أن المصري القديم، قد قدس شمس الظهيرة، باعتبارها تمثل تجسيدا سماويا للمعبود "رع" في طور شبابه وفتوته.

وتعد مصر الدولة الوحيدة بالعالم، التي تحتوي مقاصدها الأثرية والسياحية على معالم تاريخية تؤرخ لعلوم الفلك عبر التاريخ، مثل منطقة النبطة جنوبي مدينة أبو سمبل، ومعبد دندرة في مدينة قنا، بجانب ظواهر تعامد الشمس في أكثر من 14 معبدًا فرعونيًّا، بجانب معبدي أبو سمبل والكرنك، حيث يتم تعامد الشمس في أيام معينة من العام، بالتزامن مع أحداث تاريخية في مصر القديمة، وكذلك ظاهرة ما يسمى بتعامد القمر الأزرق على معبد الكرنك الفرعوني الشهير في الأقصر.