24 - 06 - 2024

قَطْرَةٌ من تِرياق

قَطْرَةٌ من تِرياق

اكْتِحَالُ الرُّوُح

أحْلمُ لبلادي أنْ يفتَرَّ ثغْرُها عن ابتسامةِ الرِّضا .. ولكنْ أَنَّى لها وأهلها شِيَعٌ !!

يؤلمني كثيراً أن تسودَ الكراهية بين أبناء شعبنا .. وأن ينفخ فينا سَدَنَة الشرِّ من روحهمُ الخبيثة التي تفرّق المصريين شيعاً يكره بعضُهم بعضاً ويتربّصُ كلُّ شِعْبٍ بأخيه .. هم أعوانُ الشيطانِ على أمتنا يفرّقون لغرضٍ في نفوسهم ، وما دَرَوْا – أو دَرَوْا – أنهم يخدمون مصالحَ مَنْ يدبّرون لهذا الشعب بليلٍ أو نهار !.. والكل يرى ما أحدثَتْهُ دسائسُ قوى الشر مِنْ هلاكٍ في الجوار.. ولكنْ قليلون هم أولو النظر في زمنِ العَمَى !!

ينبغي ألا يثنينا عن التوحُّد نكوصُ ثُلّةٍ من أهل المآرب عن طريق العدل والصدق .. ففي كل البرايا مارقون من الحق مُروقَ السَّهم من الرّمية ..! .. والأوفياء في بلدنا كثُرُ وإن أُغْرِقتْ سيرُهم عمداً في محيط الزَّيف ، وبقي على السطح غُثَاءٌ وزبد .. ولكنَّ الله غالبٌ على أمره ...

هذه البلد أغلى كثيراً مما نظن.. لا يعرفُ هذا إلا من أضناه البُعاد ولا يعرفُ الشّوقَ الا من يكابِدُهُ ... وكيف لا أذوب وَجْداً وأنا رضيعُ قَطْرِ جمالِها ، ولا أهوى فِصَاماً حتى يُغيّبَني الثرى.. وهل يتنكّرُ الرضيعُ لرحمٍ آواه وشريانٍ غذّاه ؟!! .. ما يفعل ذلك إلا غيرُ ذي أصل .. وما أظنّ المصريين كذلك .. فمصرُ بلدٌ .. نهرُ الأصالة ينبع من تحت عباءتها و تلكم التي نتدثّر بها من عوادي الزمن ..أهلُ المحروسة البررة خُطّت أرواحُهم بقلمِ الحكمة ويراعِ الوفاء...

تمثّلْتُ في غربتي قولَ خيرِ الدينِ الزرْكليّ :[ العينُ بعد فراقها الوطنا ... لا ساكناً ألِفَتْ ولا سَكَنَا ]...فقلتُ في نفسي : إذن فلا أقلّ مِنْ أَنْ نسكُنَها في البَرْزَخ !!

وأوصيتُ زوجتي : إِنْ أَذْوَتْنِي السّنون ، ودخلتُ في ثُمَالةِ أيامي ،ثم جاءني السفرُ الطويل .. فلا تدفنوني في غيرِ أرضِها ..

إنْ فارقَتْ رُوحِيَ الجَسَدَا   .......          فلا تَرُومُوا لِي في غيرِها قَبْرَا 

سيسكنُ العظمُ تحتَ  تُرابِها .....   لكنَّ رُوحِي في السَّما لنْ تبْرَحَ النَّظَرَا 

فقد يغيّبُ الأجسادَ الثرى .. لكنْ تبقى الأرواحُ تكتحلُ برؤية من تُحبّ..!!

ومَنْ سواكِ يأوي إليه الحبُّ ؟ ..    فأنتِ موئِلُهُ ومأواهُ

ومَنْ عداكِ يهْمِي إليه العشقُ ؟ .. فأنت موطنهُ وسُكْنَاهُ

يا بسْمَةَ الصّبرِ التي زاحَتْ  ...... عن المحْزُونِ بَلْوَاهُ

يا كُسْوةَ النُّورِ التي  شاقَتْ  .......   إلى المغْبُونِ دُنْيَاهُ

يا نَغْمةَ الأَمَلِ التي طابَتْ   .......        لِرَوْعَتِهَا مُنَاهُ

هلْ تَرْبِتِي على القلب المُعَنَّى ؟  فَمِنْ يَدَيْكِ يَكْتَسِي سَنَاهُ

أتمنى أن أرى أمّي حانيةً على كل أبنائها ..فالأمُّ تظل هي الأم وإِنْ شَرَدَ هذا أو فَسَدَ ذاك ..أتمنى أن نكون لُحْمةً واحدةً تحت لوائها .. فنحن شعبٌ واحد وسنظل كذلك ولو كره المغرضون ... أتمنى أن يجمعنا حبُّ الوطن لا أن يفرقنا التّشّفِّي والإبعاد..

أيها النَّاعِقون كالغِرْبَانِ تبْغُونَ خَرَابَها .. خابَ مسْعَاكم .. لن تنزعوها من قلوبنا، حتى لو نزعتم قلوبنا ..فلسوف تنبضُ أرواحُنا بحبِّها حتى تقومَ السّاعة .. وبَعْدَ قِيَامِهَا. !!  

مقالات اخرى للكاتب

ندوة عن تطور الشعر الأموي بمكتبة الإسكندرية





اعلان