27 - 07 - 2024

الجِبة والقُفْطان بين الماضي والحاضر

الجِبة والقُفْطان بين الماضي والحاضر

في جرأة غير معتادة من دار نشر عربية، نشرت دار القدس في القاهرة كتاب "طرز خاصة من تراث الأزياء الشعبية التقليدية – الجبة والقفطان بين المشرق والمغرب العربيين". الكتاب من تأليف الدكتورة هبة أحمد ياسين وهي أستاذة في جامعة حلوان. 

تعتبر الجبة ملبسا رئيسيا طوال الحقب التاريخية للحضارة الإسلامية، وكانت للرجال والنساء علي حد سواء. والجبة كما تذكر المؤلفة ثوب يُلبس فوق الثياب. كان استعمال الجبة صيفا وشتاء مع اختلاف في نوعية القماش المستخدم والاتساع، اعتمدت في زخرفتها علي الأشرطة الطولية من الفراء وذلك في الشتاء، وفي الصيف كانت تزين بالأشرطة الحريرية، وقد تترك بدون زخارف.

تذكر المؤلفة أن القفطان قديم قدم من العراق. وكلمة قفطان تركية تعني تغطية الملابس. وكان القفطان في مصر مخصصا أساسا للاحتفالات، وكان يسمى "خُفتان" قبل وصول العثمانيين إليها. والقفطان نوع من الملابس عرفه المجتمع العباسي، وهو عبارة عن رداء مفتوح من الجهة الأمامية، ومزرَّر من ناحية الصدر، وله كُمَّان يصلان إلي المرفقين. وطوله قد يصل إلي القدمين. قارنت المؤلفة بين القفطان في مصر وبلاد المغرب العربي، فيشير المستشرق الإنجليزي وليم لين إلى أنه سترة طويلة من القماش الحريري والقطني العامر بالخطوط، وأحيانا تكون هذه الخطوط مزيَّنة بالرسوم أو الأزهار. وهذه السترة تتدلي حتي تبلغ  كعب القدم، ولها كمان طويلان، ويشد القفطان بحزام عبارة عن شال ملون.ويذكر مؤرخ الفنون الشعبية سعد الخادم أن لبس القفطان في مصر أصبح مقصورا على علماء الأزهر والمشايخ بعد أن تأثرت البلاد بالذوق الغربي في الأزياء. وكان قفطان السيدات يسمي "يلْكا".

تذكر المؤلفة أن الانتشار الجغرافي للإسلام ساهم في انتشار القفطان، الذي ظهر في المغرب مع الموحدين في القرن 12م، بتأثير من لباس القبائل. فالقفطان المغربي كان داكن اللون بأكمام قصيرة. وتذكر المؤلفة أنه في القرن 15 م صار القفطان لباسا نسويا في فاس، حيث يصفه الرحالة ليون الأفريقي فيقول: "ولباس النساء جميل، إلا أنهن في أيام الحر لا يلبسن سوى قميص يحزمنه بنطاق، ويكون في الشتاء عريض الأكمام ومخيَّط من الأمام مثل ثياب الرجال". 

وفي القرن 17 الميلادي، كان القفطان المغربي النسائي لباسا فضفاضا مصنوعا من الصوف أو المخمل من أي لون ويغطي الجسم كله، إلا أنه كان مفتوحا من عند الرقبة، وكان لهذا الطراز طوقا، أو خطا على مستوى الوسط، وكذلك حواشي القفطان مطرزة بخيوط ذهبية، وتم تثبيت القفطان بأحزمة واسعة من الحرير والذهب. وإلي الآن ترتديه العروس في حفلات الزواج بالمغرب. وخلال القرن 19 م كانت جميع قفاطين المغربيات مفتوحة من المقدمة، وتغلق بصف من الأزرار والحلقات الصغيرة، ولها حزام يصنع من الديباج على شكل خيط من الفضة.

الكتاب حافل بالتفاصيل والصور والأشكال مما يجعله محاولة فريدة لتوثيق الأزياء التقليدية في المنطقة العربية، بل ومحاولة للبحث في جذورها وأوجه التشابه بينها، وعليه فقد طرح تسجيل الجبة والقفطان في اليونسكو على قائمة التراث اللامادي في ضوء هذه الدراسة التي تقدم تفاصيل يصعب حصرها.
--------------------------------
بقلم: د. خالد عزب