27 - 07 - 2024

منين أجيب الدوا يا طبيب .. نقص الأدوية واختفاؤها يقض مضاجع المرضى

منين أجيب الدوا يا طبيب .. نقص الأدوية واختفاؤها يقض مضاجع المرضى

- خبراء: الدولار والتسعيرة الجبرية .. أهم أسباب اختفاء أغلب الأدوية من السوق 
- المنظومة الصحية تعانى نقصاً حاداً بالمستلزمات الطبية ومشاكل نقص الدواء حلها توطين ودعم الصناعة المحلية 
- مدير المركز المصرى للحق فى الدواء: نحتاج التوسع فى المراكز البحثية الطبية وتحفيز إنشاء الصناعات الدوائية
- شعبة الأدوية: ضرورة تطبيق الإسم العلمى فى بيع الأدوية بالصيدليات .. وانفراجة قريبة فى الأدوية غير المتوفرة
- لجنة الصحة بالبرلمان: تشجيع المرضى على استخدام البدائل المتاحة.. ورقابة على الصيدليات التى تحتكر الأدوية
- صناعة النواب: توطين صناعة الدواء وتشديد الرقابة على الأسواق .. هو الحل 

شهدت الفترة الأخيرة شكاوى متعددة من الكثير من المواطنين تفيد اختفاء أصناف عدة من الأدوية فى الصيدليات، وبعضها للحالات الحرجة وخاصة لمرضى الأورام والجلطات فضلاً عن ارتفاع أسعارها بشكل كبير جداً، الأمر الذى أثار غضب واستياء الكثيرين ممن يعانون من الأمراض المزمنة حتى طفح الكيل، واضطر العديد من المرضى إلى التخلى عن شراء جميع الأصناف المكتوبة فى الروشتة العلاجية التى يوصيهم بها الأطباء ويسعون لشراء إما الأدوية الأكثر أهمية أوالأقل سعراً، وهو مايلقى بضغوط كبيرة على الصيدلى فى إقناع المريض بأهمية الأدوية الموصوفة له أو صرف بعض البدائل التى قد تكون أقل فعالية، وبالرغم من تقبل الناس لظاهرة ارتفاع أسعار الأدوية إلا أنها لم تقف عند هذا الحد ولكن اختفاء أدوية كثيرة وهامة للمرضى معظمها أدوية الأورام وأدوية الأمراض المزمنة كل هذا يضع علامات استفهام كثيرة ويثير عدة تساؤلات، فمن المسؤول عن هذه الأزمة؟.

ظاهرة نقص الأدوية ليست وليدة اليوم ولكنها تفاقمت بشكل متسارع ومقلق للغاية خلال الأشهر القليلة الماضية، وتزايد الاختفاء الملحوظ لبعض الأدوية الهامة، وهو ما تسبب فى تكرار شكاوى المواطنين من عدم قدرتهم على الحصول على العلاج الذى يحتاجون إليه، حتى طالب عدد من أعضاء مجلس النواب بضرورة توطين صناعة الدواء فى مصر لتلبية الاحتياجات المحلية، ومن جانبها حاولت " المشهد" رصد أبعاد هذه الظاهرة والوقوف على أهم الأسباب التى أدت إلى تفاقم الأزمة، وصولاً إلى المقترحات والحلول للخروج منها. 

أشهر الأدوية الناقصة 

صناعة الأدوية من القطاعات الهامة التى تأثرت أسعارها  بشكل كبير بسبب التحرير المتتالى لأسعار الجنيه مقابل الدولار، واستيراد المواد الخام  من الخارج بنسب كبيرة ومن خلال الاستفسار من بعض أصحاب الصيديات  وبعض المرضى وجدنا نسبة كبيرة من الأدوية ناقصة وبشكل واضح فى السوق.

من  الأدوية التى تشهد نقصا فى السوق المصرى، حقن الكورتيزون إيموتريكسات، حقن فليبوتون، سلوبريد، بالكونيل وهيدروكين للروماتيد وأدوية السكر مثل ميكستارد وحقنة اندوكسان لجلسات الكيماوى ودواء كونسيرتا لفرط الحركة، ومنها أيضاً أدوية خفض الحرارة والمضادات الحيوية والأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة مثل الضغط والقلب والسكرى وأدوية الغدة والهرمونات بالإضافة إلى أدوية البرد بجانب قطرات الأنف والأذن والحنجرة وبعض أدوية الأطفال، ومجموعة الأوجمنتين ومجموعة زيثروماكس ومضاد حيوى شراب، تلك هى الأدوية الأكثر ندرة فى السوق إضافة إلى بعض الفيتامينات والمرطبات وغيره التى لا تخضع لهيئة الدواء ولا  التسعيرة الجبرية وحصلت فيها ارتفاعات متتالية دون رقابة.

التسعير الجبرى

فى البداية يقول الدكتور محمود فؤاد، مدير المركز المصرى للحق فى الدواء، هناك الكثير من الأصناف الدوائية غير متوفرة بالأسواق، ومن بينهاأدوية السكر مثل ميكستارد وأدوية للهرمونات والغدة وكذلك بعض أدوية الأورام والأمراض العصبية، كما أن الأزمة بدأت منذ عامين وذلك بسبب مشكلة سعر الدولار، وصناعة الدواء مرتبطة بالاستيراد من الخارج بنسبة 90% من مكوناتها، إذن هى مرتبطة بأسعار الصرف (الدولار)  بالإضافة إلى ذلك صناعة الدواء مرتبطة أيضاً بالتسعير الجبرى فى مصر منذ عام 1988، فبالتالى نحن لسنا أمام صناعة استهلاكية مثل صناعة السلع الغذائية مثل السكر والدقيق حيث يتم استيراد البضاعة وبيعها بأسعار متفاوتة، ولكن صناعة الأدوية تمثل أمنا قوميا ولها تسعيرة ثابتة، فعلى سبيل المثال سعر شريط الدواء لو كان فى القاهرة سعره عشرة جنيهات تجده فى الاسكندرية بنفس السعر.

وبالتالى تواجه مصانع الدواء مشكلات بسبب تكبد الخسائر وذلك بسبب التسعيرة الجبرية،  مما أدى إلى الامتناع عن شراء المواد الخام من الخارج، كما أن أسعار الأدوية المستوردة مرتفعة الثمن ثم الأدوية المنقذة للحياة مثل الأمراض المزمنة والأمراض المناعية وأمراض فرط الحركة وأنيميا البحر المتوسط وأمراض ضمور العضلات وأمراض الهرمونات، ونحن وصلنا إلى مرحلة صعبة جداً، خاصة أن الأدوية المحلية تغطى السوق بنسبة 40% مثل الفوار والقطرة وعلاج خافض الحرارة وأدوية المعدة والقولون اختفت أيضاً هى الأخرى نتيجة سوء إدارة الأزمة من قبل الحكومة خلال العامين الماضيين، وفي الأيام القليلة الماضية شاهدنا تكدس المواطنين أمام صيدلية الإسعاف ينتظرون صرف الدواء غير الموجود فى الصيدليات الأخرى وهذا أمر كارثى بالفعل.

يضيف فؤاد: أصل أزمة الدواء فى مصر موجودة بسبب كونه سلعة تخضع لما يعرف بالتسعيرة الجبرية التى تضعها الحكومة باعتباره سلعة استيراتيجية مهمة ولا يمكن التخلى عنها أو تركها للعرض والطلب، ومنذ شهر أكتوبر 2023 دخلت الحكومة فى مفاوضات مع أصحاب الشركات الذين طالبوا برفع أسعار ثلاثة ألاف صنف دواء ومصر مسجل فيها سبعة عشر ألف دواء، والحكومة المصرية قامت بعمل مفاوضات أكثر من مرة، ووعدت بتوفير الدولار، وكان ذلك بحضور نائب رئيس البنك المركزى وتم الاتفاق على الزيادة، ثم قالت الحكومة سوف نبدأ فى زيادة بعض الأصناف تدريجيا من مايو إلى ديسمبر وبها يمكن أن نستطيع تحريك بعض الأصناف على أن تقدم كل شركة 25% من الأصناف، فبدأت الشركات بتقديم أسماء الأدوية الأكثر مبيعاً وليس الأكثر احتياجا مثل دواء الكانسر.

وللأسف الشديد الأزمة لم تحل بعد، وبعد المفاوضات الصعبة بين الشركات الأجنبية والحكومة، للأسف ضغطت الشركات الأجنبية لرفع الأسعار لأنها تتحمل خسائر كبيرة، وهذه الشركات تستحوذ على 61% من السوق المصرى من إجمالى مايتم تصنيعه، واستجابت الحكومة لتلك المطالب، كما كانت هناك مطالب فى مجلس النواب بعدم رفع أسعار أدوية الأمراض المزمنة والمنقذة للحياة.

وأوضح مدير المركز المصرى للحق فى الدواء أن الأزمة بدأت من عام 2017 عقب تحرير سعر الصرف، كما أن المستشفيات لايوجد بها علاج والتأمين الصحى لا يوجد به أنسولين أيضاً ولذلك توجد مصيبة بمعنى الكلمة.

وأوضح أن هناك إحصائية للجهاز المركزى للتعبئة والاحصاء،  تشير إلى أن 25% من المصريين ينفقون 10% من إجمالى إنفاقهم الكلى على الصحة بالإضافة إلى أن 63% من التعداد السكانى لديهم تأمين صحى، غير أن منظمة الصحة العالمية تقول دائما أن الانفاق 30% ونحن نتحدث عن فئة أشد احتياجا للدواء.

ويضيف أن قرار 499 لعام 2014 نص على أن تأخذ الدولة المصرية المرجعية بخصوص الأسعار عند التطبيق من أهم دول فى العالم، وعندما ننظر لتك الدول نجد أنها متقدمة صناعياً،  ولذلك فهذه المقارنة ليست عادلة ونحن بذلك نكون قد وضعنا من يحتاج الدواء ما بين "السندان والمطرقة" فى العرض والطلب ولمافيا الشركات على حد قوله، فعليك أن تتحمل المسؤولية المجتمعية والأخلاقية بالنسبة لحقوق المواطنين.

وللخروج من هذه الأزمة يرى فؤاد ضرورة العمل على تسريع وتيرة التأمين الصحى وتحديد سعر الدولار الجمركى، فليس من المعقول بعد مضى ست سنوات أن يتم تطبيق التأمين الصحى الشامل على خمس أوست محافظات فقط، بالإضافة إلى دعم شركات قطاع الأعمال وتقويتها وذلك بإمدادها بالتكنولوجيا حتى يتحقق التوازن بين شركات قطاع الأعمال والشركات الخاصة.

وأوضح أن مصر قطعت خطوات جيدة فى صناعة الدواء وهناك شراكة قوية مع إيطاليا والصين فى هذا القطاع ولديها مشروع كبير جداً مع إسبانيا وهو الحملة القومية للبلازما، وهذه خطوات جيدة ولديها أيضاً "ايجيبت فارما" وهى مدينة الدواء ونحن نعول على أن تحدث انتفاضة ونقلة حقيقية فى صناعة الدواء فى مصر، لكن كل ذلك يحتاج إلى وقت طويل لتنفيذه، خمس سنوات على الأقل، موضحاً أن مصر ليس فيها أزمة صناعة دواء ولكنها تمر بأزمة اقتصادية طاحنة أثرت على كل الصناعات، والدواء صناعة حيوية فالتسعير الجبرى يؤثرعليه، ورفع أسعار الدواء لايحل أزمة نقص الأدوية فى السوق ، والمصريون بحاجة لحلول عاجلة لضمان عدم تكرار هذه الأزمة، لذلك فتوطين صناعة الدواء من المشاريع الهامة والتى تساعد فى تعميق التصنيع المحلى للأدوية بالتوسع فى إنشاء وتطوير المراكز البحثية الطبية وتحفيز إنشاء الصناعات الدوائية وتشجيع تصنيع وإنتاج  المواد الخام.

استيراد المواد الخام 

يقول الدكتور ثروت حجاج عضو مجلس نقابة الصيادلة، إن السوق المصرى يشهد عددا ليس بالقليل من نواقص الأدوية، والأزمة بدأت منذ فترة بنقص أصناف معينة من الدواء، وكل مريض لديه مشكلة فى شريط الدواء، كما أن الدواء يعتبر أهم شئ لدى المريض، ولذلك فهو ليس له ذنب بما يحدث فى أزمة الصرف، كما أن التعامل مع ملف الدواء يتم إدارته بطريقة غير علمية  وعندما حدثت أزمة الدولار ارتبك سوق الدواء لأن هذا متعلق باستيراد المواد الخام، مضيفاً أنه في العام الماضى فى شهر يونيو اجتمع رئيس الوزراء ووزير المالية ووكيل البنك المركزى مع هيئة الدواء والشركات المصنعة وبعد انتهاء الاجتماع تم الاتفاق على توفير الدولار الجمركى. موضحاً أن مصر تستورد المواد الخام بنسبة تصل إلى 90%، والأمر الآخر أن كل مستلزمات الإنتاج والتعبئة مثل الكرتون والطباعة والألمونيوم يتم استيرادها من الخارج أيضاً، وهذا شئ غير مطمئن على الإطلاق، لأن كل ماذكرته مرتبط بأسعار الصرف للأسف الشديد، ومن ضمن أسباب الأزمة أن معظم أصناف الدواء التى تنتجها بعض شركات الأدوية ناقصة في السوق لأن معظم انتاجها يتم تصديره للخارج فى نفس الوقت حققت هذه  الشركات أرباحا كبيرة هذا العام، فالشركات لا يعنيها سوى الأرباح فقط، كما أن إدارة الأزمة وفقه الأولويات تفتقده الدولة، وللأسف الحكومة تشجع التصدير للحصول على الدولار.

ويضيف أن السبب الرئيسى في الأزمة يرجع إلى انخفاض استيراد المواد الخام، إلا أنه في الفترة الأخيرة مع نقص وجود العملة الأجنبية اضطر بعض المستوردين إلى وجود نقص بكميات كبيرة فى العديد من الأدوية، وبالطبع لا توجد إمكانية لحصر تلك النواقص، ونقص العملة الصعبة وارتفاع سعر الصرف أدى فى نهاية المطاف إلى تقليل استيراد المواد الخام من الخارج  لأن مستلزمات الإنتاج يتم استيرادها من الخارج.

ومن ضمن الحلول لهذا الملف شديد الأهمية شركات قطاع الأعمال التي لا بد أن يكون لها دور فعال فى حل هذه الأزمة وفى صناعة الدواء بشكل عام متسائلا أين دور الحكومة؟، ولا بد أن تتجه الدولة فى تصنيع المواد الخام ولا تترك الأمر هكذا حتى لو بنسب بسيطة، فهى تكون بمثابة مشروع قومى لمصر، ونحن نمتلك من الخبرة الكبيرة من الصيادلة بجانب أن المرتبات متوسطة وهذا الأمر يحتاج إلى قرار سيادى ثم اقتصادى بحت، والهند والصين تنتج 80% من الكيماويات لاحتياجات العالم.

ومن أهم الحلول أيضاً للخروج من هذه الأزمة أن تعمل الدولة على توفير المواد الخام والتسعير العادل للدواء، ويأتى بعد ذلك التسهيلات التي يجب أن تقدم للمستثمرين بصفة عامة فى هذا الملف وذلك بشروط معلنة ومحددة، وأيضاً بعض المنتجات مثل المكملات الغذائيةوأدوية السعال المصنوعة من الأعشاب والمرطبات و"الفيتامينات" ومضمضة الفم وزيوت الشعروغيرها  يوجد منها أصناف كثيرة  فلا بد أن تدخل تحت هيئة الدواء، وأن يكون عليها رقابة وأن يتم تسعيرها جبرياً مثل الدواء، لأنها أصبحت هى الاتجاه الأساسى للتصنيع بدلاً من الدواء ولا يوجد عليها رقابة ولا تسعير.

وضع خطة استراتيجية

من جانبه يؤكد الدكتور أشرف حاتم رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب، أن هناك 40% من الأدوية بها نقص فى السوق المصرى، والسبب فى الأزمة أن المواد الخام يتم استيرادها من الخارج ، ولكن الإشكالية حاليا ليست فقط فى أسعار الدواء ولكن فى عدم توافره، ولأن قضية الدواء مهمة، فعلى الحكومة أن تتكاتف لتطوير صناعة الدواء فى مصر ودعم خطة تسعير الأدوية وهيئة الدواء المصرية ليست المسؤول الوحيد عن هذا الملف، مضيفاً أنه فى ظل ارتفاع الأسعار واستيراد الكثير من المستلزمات من الخارجظهرت أزمة لأصحاب مصانع الأدوية فى استمرارية الإنتاج فى ظل التسعيرة الجبرية المحددة فى مصر.

وأوضح أشرف حاتم أن اللجنة ستعقد اجتماعا خلال الأيام المقبلة لمناقشة ملف صناعة الدواء فى مصر وتسعيره فى ضوء ارتفاع مستلزمات الإنتاجمع ضرورة إعداد خطة دائمة لحل الأزمة، وهذه الخطة مسؤولية مشتركة من وزارات المالية والصحة والصناعة والاستثمار بجانب هيئتى الشراء الموحد والدواء، مؤكداً على ضرورة وضع خطة استراتيجية من قبل مجلس الوزراء لدعم مصانع الأدوية المنتجة للمواد الأولية المستخدمة فى أدوية الأورام، خاصة وأن الصناعة يمكن توطينها فى مصر وتساهم فى المستقبل فى تصدير المنتج مما يوفر العملة الصعبة ويعزز قدرة مصر فى تصدير الدواء للسوق العربية والافريقية ويجب إعطاء امتيازات للمصنعين لخفض نسب استيراد مستلزمات الإنتاج من الخارج.

توطين الصناعة

فى سياق متصل يوضح النائب مكرم رضوان عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، أن هناك تحديات كبيرة تواجه صناعة الدواء فى مصر، فالمنظومة الصحية تشهد نقصاً فى الكثير من الأدوية والمستلزمات الطبية ومن الارتفاعات المستمرة فى أسعارها نتيجة الأزمة التى عانى منها الاقتصاد فى الفترة الأخيرة والتى ألقت بظلالها على واقع صناعة الدواء والمستلزمات الطبية، وعدم وجود رقابة على السوق تسبب فى زيادة أسعار الأدوية بنسب مبالغ فيها مما ينعكس بالسلب على المواطنين ويحملهم مزيدا من الأعباء المالية، كما أنه يتم استيراد معظم المواد الخام والمواد الفعالة اللازمة للأدوية من الخارج وبالتالى كان لها تأثيرها السلبى على إنتاج مصانع الدواء.

ويضيف النائب: شكاوى المواطنين ترد إلينا وتحمل تخوفات من زيادة نواقص الأدوية فى السوق المحلى خلال الفترة المقبلة، حيث أنها تقترب من ألف صنف حالياً من أدوية السكر مثل ميكستارد وأدوية الأورام وأن الكثير من المواطنين يبحثون عن الأدوية لفترات طويلة ولا يجدون الكثير منها ولذلك يجب التدخل لمنع تفاقم الأزمة.

ويوضح أن أزمة نقص الدواء فى الفترة الأخيرة ليست فقط فى ارتفاع أسعاره ولكن فى عدم توافره، ولذلك الوضع الحالى فى المنظومة الصحية يستدعى تقديم كافة أوجه الدعم، كما أن تزايد نواقص الأدوية يفرض تقديم تسهيلات لمنع إعاقة صناعة هامة جداً ، وقال إنه تقدم بطلب إحاطة إلى لجنة الصناعة بالمجلس لمناقشة واتخاذ القرارات اللازمة لما فى ذلك من أهمية على صحة المواطنين، ولأن القطاع الطبى يمثل أمنا قوميا للبلاد، لذلك نناشد الحكومة وهيئة الدواء وضع حلول سريعة بدعم القطاع فى هذه المرحلة وتوفير الأدوية الناقصة فى السوق والمراقبة على سعرها فى الصيدليات والمستشفيات لأن مخازن الأدوية تحتكرها، فالحل هو دعم صناعة الدواء وحل المشكلات التى تواجه الصناعة فى توفير الاحتياجات المحلية المطلوبة من الأدوية والمستلزمات التى يحتاجها المرضى وكافة المستشفيات والمراكز الطبية، ويناشد الحكومة الجديدة وضع ملف توافر الأدوية على رأس أولويتها من خلال توطين صناعة المواد الخام خلال الفترة المقبلة، خاصة فى ظل المزايا التنافسية للاستثمار فى مصر وأبرزها وجود سوق استهلاكى ضخم وتوافر قاعدة صناعية إنتاجية، وفى الوقت نفسه تشديد الرقابة على الأسواق لمنع التلاعب فى أسعار الأدوية.

انفراجة قريبة

من جهة أخرى يرى الدكتور على عوف رئيس الشعبة العامة للأدوية فى الاتحاد العام للغرف التجارية، أن أزمة اختفاء بعض الأدوية غير مقتصر على السوق المحلية ولكن هى أزمة عالمية، موضحاً أن مصر تعانى فى الأساس من خلل فى طريقة التعامل مع الدواء، تبدأ كما قال من الطبيب الذى يكتب فى وصفته الطبية الاسم التجارى للدواء رغم أنه فى أغلب دول العالم يتم كتابة الاسم العلمى له أو المادة الفعالة الموجودة فيه، ويقوم الصيدلى بصرف ماهو متوفر من بدائل تتبع هذا الاسم العلمى، قائلاً:" نحن فى حاجة ماسة لتغيير ثقافة المريض والطبيب، مضيفاً أنه لا يوجد نقص فى أدوية الأورام، لكن هذه الأدوية تباع بأسعار مرتفعة جدا نظراً لطبيعتها وأنها أدوية  نادرة، وأن إحدى الحقن التى تعالج الأورام قد يصل ثمنها لأكثر من 80 ألف جنيه مصرى وهومبلغ لا تستطيع  أغلب الصيدليات المدرجة ضمن 80 ألف صيدلية مسجلة على مستوى الجمهورية توفيره للمرضى.

كما أن بعض الأدوية تتعرض للغش التجارى أو تباع فى السوق السوداء بأسعار مبالغ فيها جداً، وأن أدوية الأورام تباع فقط فى الشركة المصرية لتجارة الأدوية كمنفذ وحيد وتصرف عبر وصفة طبية وتقرير طبى معتمد وصورة بطاقة الرقم القومى، غير أن الموضوع لدينا يأخذ شكلا أكبر بسبب أننا نتعامل مع ثقافة المواطنين ونحاول إيجاد الاسم التجارى للدواء الموصوف لهم حتى لو كانت هناك بدائل بنفس الكفاءة وأقل سعراً، والمشكلة تكمن فى الاسم التجاري، وعلى سبيل المثال حدث نقص في عقار البنادول خلال فترة أزمة كورونا مع أن المادة الفعالة لهذا الدواء هى الباراسيتامول أو البارامول وأن هناك أكثر من 50 شركة تنتج الأدوية التى تحتوى على هذه المادة الفعالة بأسماء تجارية مختلفة.

فمن أهم أسباب الأزمة الثقافة المجتمعية وليس النقص بذاته ولكن أؤكد أن الأسماء التجارية هى ناقصة بالفعل من السوق المصرى غير أن بدائل الأدوية والاسم العلمى متواجدة بالفعل فى معظم الصيدليات، وأيضاً سبب النقص الحاد فى الأدوية هو عدم قدرة الشركات المنتجة على تحمل فارق تدبير العملة لاستيراد المواد الخام بعد ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه، وهناك سبب أخر وهو ارتفاع تكلفة الانتاج منذ شهر مارس الماضى بعد تحرير سعر الصرف فى حين وافقت هيئة الدواء المصرية للشركات على تحريك أسعار بعض الأصناف خلال شهر يونيو الماضى، وأن الدواء سلعة استراتيجية وأمن قومى، والدولة تسعر الدواء سواء المحلى أو المستورد تسعيرا جبرياً ويراعى فيه البعد الاجتماعى وأن هناك أدوية يتم استيرادها بسعر أقل من دول كثير على مستوى العالم ويحدث توفير للدواء بأقل من احتياج السوق لأن التكلفة أكثر.

وجدد رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية دعوته المستهلكين إلى عدم تخزين الأدوية وشراء كميات ضخمة لعدم تفاقم الأزمة.

غير أن "على عوف" توقع انتهاء أزمة نقص الدواء خلال الفترة القريبة المقبلة، قائلا إن أزمة نقص الأدوية التى تعانى منها مصر منذ أشهر ستنتهى بشكل كامل خلال فترة تتراوح بين شهر ونصف وشهرين بحد أقصى بعد توافر السيولة لدى بعض شركات الأدوية التى بدأت بالإفراج عن المواد الخام فى الموانئ لإنتاج النواقص إلا أن توافرها فى السوق قد يأخذ بعض الوقت لحين الانتهاء من كل إجراءات مراجعة الدواء وتوزيعه بمختلف أنحاء الجمهورية، بالإضافة إلى أن بعض الشركات الكبرى بدأت بالفعل فى طرح منتجاتها فى السوق لتغطية احتياجات السوق من الدواء. 

الخط الساخن

فى الوقت نفسه أتاحت هيئة الدواء المصرية خدمة عبر موقعها الرسمى، وعبر الخط الساخن لجميع المواطنين وتخصص هيئة الدواء  الرقم الساخن 15301 للاجابة على أى استفسارات تتعلق بنقص الدواء وذلك للاطلاع المريض على مكان توافره وسعره ومدى توفر بدائل خاصة به.
---------------------------
تحقيق: حنان موسى
من المشهد الأسبوعية