29 - 07 - 2024

لا تقاطع .. ولا تصالح !

لا تقاطع .. ولا تصالح !

لا تقاطع .. ولا تصالح .. 

لا تقاطع ولو منحوك نياشين أو رتبا .

و"لا تصالح ولو منحوك الذهب" .

 "لا تصالح" بقيت حية في الذاكرة .. فمنذ أن  صاغها أمل دنقل شعرًا عفيًا في سبعينيات القرن الماضي صارت أيقونة الكتابات والكلمات والقصائد .. "لا تصالح" تقال لكل الذين يرون أن هناك أملًا في صلح مع العدو الصهيوني.. ويتحدثون عن فرصة ما للسلام .. أو لحل سلمي .. أو لعدم جدوى المواجهة بين المقاومة واسرائيل ، باعتبارها قوة فتاكة مدمرة، حينما حاولت حماس مواجهتها - كما قال ابراهيم عيسي في برنامجه ذات ليلة - بعملية طوفان الاقصى في ٧ اكتوبر الجاري ، دمرتها وأحالت غزة قاعًا صفصفًا .. وقتل منها (استشهد) نحو ٤٠ ألفا (من بينهم آلاف الأطفال) خلافا للمصابين والجرحى.

إبراهيم عيسى خصص بعض حلقاته للهجوم العنيف على حماس .. كونها قامت بعملية من وجهة نظره غير مدروسة ، تسببت في كل هذا الدمار والخراب ، ولم يعد عليها الهجوم بأي نفع! كان هذا في وقت مبكر من العملية .. وفي وقت كان العالم كله يدين حماس. بعد عدة أشهر من البطولة والصمود الفولاذي تغير الرأي العام العالمي.. التعاطف المذهل كان لصالح غزة وأطفالها الضحايا والمصابين.. اقتيدت إسرائيل لمحكمة العدل الدولية .. طوفان من الشعوب خرج إلى الشوارع يدين مجازر إسرائيل في غزة . لم نعد نسمع صوتًا لعيسي عاليًا هذه الأيام .. وربما هو عال لكنه لايصل إلينا .. وذلك قد يكون خطأنا نحن وليس خطأه!ربما !

أخطا عيسى في تحليله بشأن المقاومة في غزة .. فالفلسطيني - حمساوي أو فتحاوي أو غير ذلك - لايملك إلا المقاومة لتحرير فلسطين .. لن تحرر القدس أو حتي تقوم دولتان إلا بمقاومة تزلزل أرجاء العالم وليس إسرائيل وحسب .. ومهما يكن من أمر فهذا قرار الفلسطينيين وحدهم .. ولا يمكن المزايدة عليهم !

"لا تصالح ولو منحوك الذهب" ..أوجهها لإبراهيم عيسي ، إن كان لايزال يزايد على المقاومين الفلسطينيين ، ولو منحوك الذهب يا إبراهيم ! 

لا تقاطع !

نعم لا تقاطع .. فهذه ليست كتلك .. الأولى (لا تصالح ) موقف اختاره صاحبه ، له كل الحق فيه ، شأن كل اختيارات في الدنيا .. أما لا تقاطع فهي دعوة آخرى مختلفة تمامًا  . موقف فكري وليس موقفًا سياسيًا .. دعوة للانتصار لحرية الفكر والعقيدة والابداع. هذا سيناريو فيلم جديد كتبه ابراهيم عيسي بعد أفلامه السابقة، "مولانا" من اخراج مجدي أحمد على ، و"الضيف" من إخراج هادي الباجوري، و"صاحب مقام" الذي لم يطرح للعرض العام  (كتب سيناريو مسلسل واحد إسمه فاتن امل حربي).

في منتصف الشهر المقبل سيبدأ عرض فيلم "الملحد" .. تحديد يوم ١٤-٨ المقبل . هكذا سبقنا إبراهيم عيسى في مناقشة قضية مجتمعية هامة .. كنت بحكم متابعاتي قد رصدتها.. وفاتحت بعض أركان الملتقى - ملتقى الشربيني الثقافي - في مناقشتها عبره.

- يقينا المناقشة شيء والترويج للإلحاد جريمة. كيف ولماذا يقبل  الشباب على الإلحاد هذه الأيام وماعلاقة ذلك بالاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية التي نعيشها؟. معدلات الإقبال على الإلحاد كهوية دينية تتزايد .ومن هنا وجب مناقشة الظاهرة. 

- إبراهيم عيسي  سبقنا  بفكره ودأبه .. ووجد الوقت والجهد والعزيمة وسبق كل المنتجين وكتب سيناريو فيلم مهم .. عن قضية مهمة ، ناقشها كثير من علماء الاجتماع في الآونة الأخيرة .. وكان مفاجئًا أن تمتليء وسائل التواصل الاجتماعي بهذه الحملة المستميتة والدعوة الشرسة لمقاطعة العرض، حتي قبل أن يعرض؟!

- هل هي مكارثية جديدة ..ومحاكم تفتيش في الألفية الثالثة ؟! 

- المشتركات الوحيدة ببني وبين ابراهيم هي الإنسانية أولا.. والزمالة ثانيا (في مؤسسة واحدة هي روزا اليوسف) في مهنة الصحافة والكتابة ..ومشاركات اخرى مهمة تتمثل في رفض وجود جماعة الإخوان ومناهضة تسلقهم إلى السلطة. عدا ذلك فمن أسف أن السبل تقطعت بيننا، فلسنا أصدقاء حميمين.. ولسنا من مشارب فكرية واحدة .. فيكفيه عداؤه لعبدالناصر كي لا أساندمواقفه .  ويكفيه موقفه من المقاومة (ولاتهمني المقاومة الموصوفة بالإسلامية حماس) كي أغضب منه وأرفض هجومه على الفلسطينيين المقاومين الآن،  بصرف النظر عن انتمائهم الفكري إخوان أم غير ذلك.

يكفي كل ذلك لكي أرفض مواقفه وأقف في خندق المعادين له، ولكن أنا لا أفعل ذلك ولو على سبيل الهجوم عليه وغمزه ولمزه.

- لا يهمني إن كان إبراهيم يكسب الملايين .. (ربما يهمني إن عرفت مصدرًا للكسب لا أقدره .. ربما.. لايهمني علاقاته ولا تصرفاته الشخصية.. ولست بقادر على الحكم عليه أخلاقيا.. مطلقًا ولن أفعل، وليس من حقي، فمن كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر. 

- لذلك فأنا اختلف مع كل دعوات المقاطعة التي تروج ضد الفيلم.. واثق أنها سوف يكون لها أثر عكسي، بالعكس نحن نحتاج إلى مواجهة أنفسنا ونعرف لماذا يقبل البعض على الإلحاد .. نريد أن نواجه أنفسنا.. ونتأكد أيضًا أن ديننا ليس هشًا ولا بسيطًا، بحيث تنال منه أو تهزه مجرد فكرة .. أو حتى دعوة ، او ترويج للإلحاد كما يراها البعض.. وهي رؤية لا أظنها صحيحة مطلقًا!

-.. وغاية أملي أن يكون العمل الفني الجديد لعيسى جذابا ومطابقًا لمعايير  السينما والفن.. وليس فيلما خطابيا مباشرا.. وأن تكون القضية واضحة وغير مائعة. .

لا_للمكارثية_الفنية _في الألفية الثالثة.
---------------------------------
بقلم: محمود الشربيني

مقالات اخرى للكاتب

لا تقاطع .. ولا تصالح !