17 - 10 - 2024

طاهر البهي في كتابه "حكايات فنية": مرثية للصحافة الفنية الورقية

طاهر البهي في كتابه

صدر هذا الاسبوع كتاب الزميل الكاتب الصحفي والناقد الفني طاهر البهي بعنوان "حكايات فنية..من دفاتر صحافة زمان" ، الكتاب جاء كمرثية في ما آلت إليه أحوال الصحافة الفنية التي توشك أن تندثر، ليعود بنا الكاتب إلى زمن النجوم، نجوم القلم والنموذج القدوة لجيل من المحررين الفنيين العظماء وصحافة بكر مبتكرة ، يعيد للمحرر الفني وعلى رأسهم أحمد صالح وأحمد رجب ومصطفى أمين وغيرهم الذين اغتالتهم سينما المقاولات فقدمت نماذج مشوهة للمحرر الفني، ويعدد المؤلف أسباب إختياره للإصدارات الفنية المدهشة للنصف الأول من القرن العشرين وعلى رأسها: الصباح والاتنين والكواكب والفن والاستوديو والشبكة والموعد التي اعتمد عليها وما تلاها من إصدارات ، لينشر جواهر منسية في تاريخ النجوم منوعا بين فنون الخبر والتحقيق والمتابعة والحوار، ويكشف للقاريء لماذا اختار الصحافة الفنية كمستند ووثيقة للدخول إلى عمق الحياة الفنية دون الوسائل الأخرى مثل الحوار الإذاعي والتليفزيوني. 

أبضا يتناول الكتاب جانبا من السيرة الذاتية لـ 15 فنانا من الزمن الجميل اعتمادا على ما نشر عنهم ورقيا، كما يقدم بعض الدراسات المتناثرة إحياء لذكرى خلدتها الصحافة الفنية، التي كانت عبارة عن طبق من الفاكهة المتنوعة لا نفرق بين صحيفة وأخرى، تزينها حرية القول والتعبير كما لا ينقصها التطرق إلى الحياة الخاصة بجرأة وأدب وحميمية وندية بين المحرر والفنان.

الصحافة الفنية في عصرها الذهبي الذي يعلن المؤلف انحيازه التام لها لم تتطاول على فنان - إلا فيما ندر من بعض الإصدارات التي لجأت إلى الابتزاز والإثارة والنميمة، ولا توجد صحافة في الدنيا بأسرها تخلو من تلك الآفات وهي سقطت في أول الطريق، لكن معظم الصحف كانت تقف إلى جوار الفنان تؤازره، لذلك لم يبخل عليها الفنانون بأخبارهم وتسريباتهم. بل وسمحت لهم بشئ من النميمة والفكاهة والنكتة أحيانا تقدمها بقلم النجم نفسه!! وإشراك القارئ في التفاعل مع نجمه المفضل ووصلت أهمية الصحف الفنية إلى حدود اصطحاب الفنان للمحرر في رحلات خاصة واستشفائية... الصحافة الفنية باختصار شديد (كانت) هي الأصدق في توثيق مشوار النجوم واعتماداً عليها وحدها تأتى وثائق هذا الكتاب الذي  يخلد الصحافة الفنية الذي يعد خبر إغلاق بعضها خطأ فادح دفع ثمنه المحرر والفنان والقاريء والحركة الفنية بأكملها ومن المحزن أن أصبح إسمها مسبوقا ب (كان)!!

من موضوعات الكتاب لماذا أحبت الصحافة الفنية عبد الوهاب،كل فنان وله مزاج، مديحة يسري تشكو المعجبين، قصة الرقص الشعبي في مصر والريادة لنعيمة عاكف قبل فريدة فهمي وقصة فرقة "يا ليل يا عين"، التي سبقت رضا والقومية، أم كلثوم لماذا لم تتزوج محمود الشريف هل كان مصطفى أمين هو السبب، عبد الحليم حافظ يشرح مراحل مفعول حقنة البنج، بديعة مصابني تعلن توبتها من بيروت وهذه هي قصة إسلام ليلى مراد وحكاية وسام الكمال لأم كلثوم.. والعديد من نماذج فن الخبر كما قدمته صحافة زمان!!