* مجلد مفيد شهاب وثيقة إصلاح وإدانة حبيس فى الإدراج!
* خطابات اللجنة الأوليمبية إلى الوزارة تكشف العشوائية وعدم التخطيط !
* التخلص من اللجنة العلمية وكمال درويش سرا
* من رئيس جهاز الرياضة الى وزير الشباب والرياضة .. يا قلبى لا تحزن !
كعادتنا التي لن نشتريها بعد كل دورة أوليمبية..
تتحول النغمات الفيروزية الحالمة بداخلنا.. إلى موسيقي جنائزية حزينة .. فندور حول أنفسنا بفعل الإحباط والصدمة..
لا ندري ماذا جرى أو لماذا جرى.. كيف تحولت أمانينا إلى أضغاث أحلام .. ثم لا نلبث إلا أن نخدع أنفسنا.. فنتوهم أننا قادرون على الإصلاح والعودة إلى مسارنا وريادتنا التى لا تفارق كتب التاريخ.. فنناقش الأزمة والإخفاق والفشل.. ونبحث عن موضع الداء في غير موضعه.. ونصنع ألف ألف شماعة نعلق عليها فشلنا.. ونلقى بخيباتنا على أي من هذه الشماعات التي اخترعناها وصنعناها بأيدينا.. ولكن دون الاقتراب ولو من بعيد من نظامنا الرياضى الأعرج..
بعد كل دورة أوليمبية.. يتم تشكيل لجان ونتوعد بمحاسبة المقصرين.. نغير لوائح ونقيم انتخابات..
لا تتغير العناوين، ثم نذوب فى همومنا اليومية ونتعاطى كرة القدم وخلافاتها، وأزمات نجومها..
وكأنها أغنية للهزيمة نرددها بعد كل إخفاق وفشل فى دورة أو بطولة.
فى أغسطس 2021..
وبعد انتهاء أفراح دورة طوكيو واحتفالات الميداليات الست التي حصدتها البعثة المصرية.. أعلن الدكتور أشرف صبحى عن خطته بشأن التجهيز لدورة باريس بهدف حصد أكبر عدد ممكن من الميداليات والتى وضعتها الوزارة بالتنسيق مع اللجنة الأوليمبية.
وقال وزير الشباب والرياضه: الخطة تستهدف مضاعفة عدد الميداليات فى أوليمبياد 2024.
وسوّق الوزير ولجانه الإعلامية الخطة التى تم اعتمادها من مجلس الوزراء.. وتقوم على عدة محاور أهمها إقامة مشروعين قوميين للأبطال من أجل تجهيزهم للفوز بميداليات!!
المشروع الأول هو المشروع القومي للبطل الأوليمبي والذى يضم الأبطال الأوليمبيين الذين حققوا ميداليات فى دورة طوكيو وعلى رأسهم أحمد الجندي بطل الخماسي الحديث وهداية ملاك وسيف عيسى بطلا التايكوندو بجانب المصارع محمد إبراهيم الشهير بكيشو، وتم استبعاد أبطال الكاراتيه من المشروع بعد استبعاد اللعبة من دورة باريس.
( المشروع يركّز على الاهتمام بهؤلاء الأبطال وتجهيزهم بالصورة المطلوبة، وتوفير كل سبل الدعم المالى والفنى لهم، للحفاظ على مستواهم وتجهيزهم للمنافسات على الميداليات الذهبية فى باريس، وخاصة أن هذه الدورة ستقام بعد أقل من ثلاث سنوات)..
هذا ما تم تسجيله وكتابته فى الرؤية الخاصة بالمشروع والأهداف.
المشروع الثانى هو المشروع القومى للموهبة، والذى يضم المواهب الواعدة المبشرة التى تبشر بالمنافسة على ميداليات، ليتم الاهتمام بها بالصورة المطلوبة وتوفير الدعم والمعسكرات والبطولات والاحتكاك الخارجى، لتجهيزهم لدورة باريس بالصورة المطلوبة.
وتضمنت الخطة فى المشروع الثانى التركيز على 11 لعبة فردية أوليمبية واعدة، بإمكانها تحقيق ميداليات فى باريس، من أجل الاهتمام بها خلال السنوات الثلاث المقبلة، واللعبات هى: التايكوندو ورفع الأثقال والخماسى الحديث والمصارعة وتنس الطاولة والملاكمة والجودو والسلاح والعاب القوى.. وتمت إضافة كرة السلة وكرة اليد من الألعاب الجماعية بالإضافة إلى لعبة غير أوليمبية وهى الاسكواش.
وبالنسبة لكرة القدم تم الإعلان عن إقامة صندوق خاص بها بالتنسيق بين الوزارة واللجنة الأوليمبية والجبلاية للصرف على منتخب الشباب وتجهيزه للمشاركة في الأوليمبياد وتوفير الاحتكاك والمعسكرات المطلوبة!!
ولم يكتفِ وزير الشباب والرياضة بهذه المشاريع وإنما أضاف لها اللجنة العلمية برئاسة الدكتور كمال درويش، وتكون مهمتها كيفية توزيع أوجه الدعم للاتحادات الرياضية، وكيفية استغلاله في صناعة العديد من الأبطال من أجل تجهيزهم لكافة البطولات القارية والدولية، والعمل على توفير المناخ والبيئة المناسبة لتأهيل هؤلاء الأبطال لتحقيق المزيد من البطولات الكبرى.
وتهتم اللجنة العلمية بكل التفاصيل داخل كل اتحاد، ومدى قدرته على المنافسة على الميداليات فى البطولات (هذا ما أعلنه الوزير فى مؤتمر تقديم اللجنة العلمية).
ومن جانبها شكّلت اللجنة الأوليمبية لجنة فنية برئاسة كريم محمد سيد أحمد للتخطيط والمتابعة.
وطوال السنوات الثلاث الماضية كانت الوزارة ولجانها الإعلامية، تتغنى وتتحدث عن هذه المشاريع والدخول لعصر العلم وتوديع زمن الفهلوة، وأن الميداليات قادمة..
على الورق كل شىء تمام.. خطط ومشروعات ولجان مصاريف و.. و..
هكذا نحن دائمًا ندمن تعاطي نشر الخطط على الورق دون عمل حقيقى لترجمتها إلى واقع.. ونعانى من حجز مواقع المسؤولية الصعبة للتكريم قبل سن الإحالة للمعاش!
وجاءت نتائج البعثة المصرية فى باريس لتكشف وهم هذه المشاريع.. حصدت مصر ثلاث ميداليات..
لم تتم مضاعفة الميداليات ولا حتى حافظنا على نفس الرصيد، بل قل عدد الميداليات إلى النصف.
ولم يكن لهذه المشاريع دخل أو دور..
وظهر ذلك واضحًا خلال احتفالات الوزير بالأبطال الثلاثة الذين حصدوا الميداليات سواء.. فى القرية الأوليمبية بباريس أو فى مطار القاهرة أو حتى فى مدينة العلمين.. لم ينسب إنجازاتهم إليه..
وفى الوقت ذاته قام جهاز الرياضة بالقوات المسلحة بعمل قائمة تضم 28 لاعبًا ولاعبة شاركوا في دورة باريس ويلعبون فى أندية المؤسسات ونادى طلائع الجيش وضمت الثنائي.. سارة سمير بطلة رفع الأثقال وصاحبة الميدالية الفضية من قطاع البطولة بالإسماعيلية، ومحمد السيد بطل السلاح الحاصل على الميدالية البرونزية من مدرسة المستقبل.. وضمت أيضًا عددًا ممن تألق وكان قريبًا من البرونز مثل المصارع عبداللطيف منيع والحاصل على المركز الخامس ويلعب فى نادى الطلائع.
ولم تكن تلك النتائج وحدها التى كشفت مشاريع الوزير واللجنة العلمية والتى سيقوم أشرف صبحى بالتضحية بها وبأستاذه كمال درويش قريبًا، وإنما كانت هناك أكثر من شكوى ومراسلات من اللجنة الأوليمبية تكشف عن العشوائية وعدم التخطيط وعدم وجود أي معايير علمية يتم العمل بها.
الخطاب الذى حمل توقيع المهندس الباسل عبدالله القائم بأعمال المدير التنفيذي للجنة الأوليمبية فى 18يوليو 2023 أى قبل عام بالتمام والكمال من انطلاق دورة باريس كان خير دليل على ذلك.
فى هذا الخطاب طلبت اللجنة الأوليمبية من وزارة الشباب والرياضة ضرورة وضع خطط واضحة ومحددة لتأهيل اللاعبين للمشاركة في الدورة الأوليمبية وفق آليات ثابتة ومعلنة.
وقالت اللجنة الأوليمبية فى خطابها إنه حدث تأخير كبير في صرف الدفعات والمبالغ المالية لتغطية أنشطة الاتحادات وأن وزارة الشباب والرياضة لم تحدد أسماء الاتحادات ولا المبالغ المالية المخصصة لكل اتحاد، وموعد صرف هذه المبالغ.. وأن غياب الوضوح يؤدى لتقليل فرص تحقيق إنجاز فى باريس.
وذكرت اللجنة فى خطابها تواريخ وأرقام الخطابات السابقة (76،74،71،70،65،63،50،48،40) والخاصة بشأن صرف الدعم المقدم لباريس والرغبة فى التنسيق مع الوزارة لوضع خطط واضحة المعالم.
ولم تكن مشاريع أشرف صبحى ولا لجانه، وتوعد بحساب المقصرين فى باريس، هى الأولى من نوعها بل هى عادة مصرية أصيلة بعد كل دورة أوليمبية.. بل إنه فعلها بعد العودة من طوكيو، وقام بتشكيل لجنة عليا لتقييم نتائج الدورة والحساب بالورقة والقلم.. ولم يحدث أى شىء.. لا خرج تقرير للجنة ولا تم حساب أى اتحاد.
وعندما تعود إلى ملفات الدورات الأوليمبية السابقة ستجد نفس الكلمات والعناوين.. ستجد نفس الوعود والتصريحات.. ستجد نفس المشاريع ولكن بمسميات مختلفة..
ولكنك لن تقرأ في الأوراق القديمة.. استقالة وزير الشباب والرياضة بسبب هزائمنا في دورة (......... ) الأوليمبية.
لن نعثر علي قصاصة ورق تؤكد سطورها اعتراف رئيس اللجنة الأوليمبية بالتقصير.. أو انسحاب رئيس اتحاد لعبة.. وإعلانه ترك المسئولية لجيل جديد لعله يكون قادرًا علي التعامل مع المستقبل..
وسوف تكتشف في النهاية.. أننا نتفوق في الكلام.. ونجيد فن قتل الحقيقة..
في جريدة الأهرام يوم 30 ديسمبر عام 1988 وبعد أيام قليلة من انتهاء دورة سول.
طلب سعيد حشمت رئيس جهاز الرياضة - في ذلك الوقت - فى تصريح بتكثيف الجهود استعدادًا للدورة الأوليمبية المقبلة في برشلونة وتحدث عن اهتمام جهاز الرياضة باحتضان 500 لاعب من الموهوبين، وأنهم سوف ينتظمون في التدريبات بالمركز الأوليمبي بالمعادي لتلقي تدريبات يومية لا تقل عن ثلاث ساعات.
وأضاف أنه ينبغي ضرورة وجود أجهزة إدارية متفرغة بالاتحادات لتكون مسؤولة عن النتائج التي تتحقق في البطولات، وأن المجلس الأعلي نجح في التنسيق مع وزارة التعليم العالي علي تطوير المسابقات الرياضية بالمدارس بحيث يستفيد منها 600 ألف طالب في المراحل التعليمية المختلفة وإنشاء 12 مدرسة رياضية في ست محافظات كخطوة تمهيدية لتعليم مدارس التربية الرياضية.
وفى 19 أكتوبر 1988.. نشرت كل الصحف المصرية تصريحات للدكتور عبدالكريم درويش رئيس اللجنة الأوليمبية قال فيها إن هناك عقوبات رادعة ضد بعض اللاعبين المقصرين، وأنه ينتظر تقارير عاجلة من الاتحادات الرياضية لتقييم نتائج بعثة مصر في الدورة.
لم تختلف التصريحات كثيرًا عما قاله الدكتور أشرف صبحى فى 2021 ولا حتى عما جرى بعد دورة بكين 2008 والذى لا يختلف كثيرًا عن ما يحدث فى 2024.
بعد الإخفاق الذى عرفته الدورة الأوليمبية التى أقيمت فى الصين والعودة بميدالية برونزية واحدة لهشام مصباح طلب رئيس الجمهورية من رئيس مجلس الوزراء تشكيل لجنة لبحت وتقييم نتائج البعثة المصرية فى دورة بكين، فأصدر السيد رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 2212 لسنة 2008 الذى نص في مادته الأولى على أن تشكل لجنة برئاسة الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية، وعضوية مدحت البلتاجي المدير التنفيذى للمجلس القومى للرياضة والمستشار محمد الدكروري عضو مجلس الشعب والدكتور محمد صبحى حسانين عميد كلية التربية الرياضية بجامعة حلوان سابقاً والمهندس حسين صبور رئيس نادى الصيد، والدكتور لطفى القلينى رئيس قطاع بوزارة الشباب والرياضة سابقًا وعصام عبدالمنعم نائب رئيس تحرير جريدة الأهرام وإسماعيل الشافعي رئيس اتحاد التنس..
وجاءت مهمة اللجنة وفقًا للمادة الثانية من القرار: "تتولى اللجنة دراسة ما تحقق من مشاركة بعثة جمهورية مصر العربية فى الدورة الأوليمبية ببكين عام 2008 والألعاب الأوليمبية التي شاركت فيها البعثة، على أن تتناول الدراسة أداء الاتحادات الرياضية واللجنة الأوليمبية ومدى تحقق الأهداف التى حددتها قبل السفر من واقع التقارير، التي تقدم من الجهات المختصة، وفي ضوء ما ترى اللجنة استيفاء من بيانات ومعلومات ولها على الأخص:
أولاً: دراسة التقرير الذى أعده رئيس البعثة والوقوف على أسباب إخفاق الأبطال الرياضيين والفرق الرياضية في تحقيق النتائج المرجوة بالمقارنة بالدورة السابقة.
ثانيًا: تحديد المبالغ التى أنفقتها الدولة على البعثة ببكين ومدى إنفاقها فى الأوجه المخصصة لها.
ثالثًا: دراسة المعوقات (قوانين - لوائح -إجراءات إدارية - غيرها) التى تحول دون تحقيق نتائج مرضية فى الدورات الأوليمبية.
رابعًا: وضع مقترح لدور الدولة والاتحادات الرياضية واللجنة الأوليمبية فى إعداد الأبطال الأوليمبيين للدورات الأوليمبية القادمة.
خامسًا: إصدار التوصيات اللازمة بالإجراءات التى يتعين على الدولة اتخاذها للنهوض بالحركة الرياضية مما يؤدى إلى خلق أبطال أوليمبيين.
تكليف بقرار رسمى ومهام محددة..
وقامت لجنة تقصى الحقائق بتشكيل ثلاث لجان وبالتحديد لجنة فنية ولجنة مالية وثالثة إدارية واستعانت بخبراء ومتخصصين وشخصيات رياضية ودرست تقارير المهندس حسن صقر رئيس المجلس القومى للرياضة وقتها واللواء منير ثابت رئيس اللجنة الأوليمبية والمهندس محمد شاهين رئيس بعثة مصر فى بكين والسفير محمود علام سفير مصر في بكين بجانب تقارير مع الاتحادات الرياضية سواء التى شاركت فى الدورة الأوليمبية أو التى لم تتأهل لها.
وامتّد عمل لجنة تقصى الحقائق لأكثر من شهر وسجلت كل أعمالها فى مجلد نملك نسخة منه ووصلت عدد صفحاته إلى 368 صفحة.. ولم يترك كبيرة أو صغيرة فى دورة بكين والمشاركات الأوليمبية السابقة إلا وتناولها بالدراسة والتحليل وخصص بابًا كاملاً للحديث عن الأرقام المالية ونسب توزيع الدعم المادى لدورة الألعاب الأوليمبية وأيضًا للدورة العربية والأفريقية والمبالغ المنصرفة على اتحادات مشروع البطل الأوليمبى بجانب الدراسات العلمية والخطط التى قامت بها دول أخرى للتفوق على المستوى العالمي والأوليمبي ووضعت كل لجنة التوصيات والمقترحات الخاصة بها سواء على المدى القصير (دورة لندن 2012) أو على المدى البعيد فى أكثر من عشر صفحات.
وجاء فى ختام التقرير كلمة للدكتور مفيد شهاب.. أكد فيها أن تقرير لجنة تقصي الحقائق يعد فى المقام الأول وثيقة إصلاح وليس وثيقة إدانة!
وفى الوقت الذى نهتم بتشكيل اللجان ونغير أسماء المشاريع القومية وتسيطر الفوضى والمجاملات والعشوائية على الرياضة ونتفوق فى الكلام .. تسبقنا العديد من الدول..وتصل للميداليات الأوليمبية بأقل الإمكانيات المادية!
---------------------------
تحقيق: عاطف عبد الواحد
الحلقات السابقة
مولد سيدى دورة أوليمبية ! (1): كشوف البركة فى البعثة المصرية
مولد سيدى دورة أوليمبية ! (2) الميزانية السرية للبعثة المصرية في أولمبياد باريس
مولد سيدى دورة أوليمبية! (3) | بعثة كبيرة .. ونتائج صغيرة
مولد سيدى دورة أوليمبية ! (4) | المسكوت عنه فى البعثة المصرية .. تدليل ومجاملات وإهمال