لا تتأتى ولا تكون لأى نظام شرعيته الجماهيرية (وهى أهم الشرعيات دستورية وقانونية وجماهيرية) بغير العلاقة التصادقية بين النظام والجماهير، كما أن هذه الشرعية أساسها إحساس المواطن أن هناك مسؤول يرصد الواقع ويدرك المشاكل ويوصف القضايا ويجد لها الحلول المناسبة والمتوافقة مع الإمكانات المتاحة والعمل على إتاحة غيرها.
والمسؤول هنا ليس المسؤول التنفيذى فقط، حيث أن الدور تكاملى بين السلطات الشعبية والتنفيذية. فالسلطة التشريعية هى من يتقدم للحكومة باقتراحات لإقامة المشروعات التى تساهم فى حل مشاكل الجماهير وفى كل القطاعات، على أن تقوم السلطة التنفيذية كل فى موقعه (محافظة . مركز . قرية) بتنفيذ المشروع بعد اعتماد التمويل. فى الوقت الذى يتم متابعة التنفيذ من جانب السلطة الشعبية حتى يتم محاسبة المقصر برلمانيا. هنا سنجد من يقول (ياعم بلاش كلام نظرى وشعارات فارغة) فلا حكومة تعمل ولا برلمان يحاسب .
نقول مع التقدير لكل الآراء، حيث أن المواطن لايعنيه التنظير والتقعير، ولكن يعنيه أن يرى حلا لأى مشكلة، فى الوقت الذى لانستطيع أن نفصل بين الواقع بضروراته وبين السياسة ودورها فى تغيير هذا الواقع.
وبعيدا عن التنظير هناك طريق يطلق عليه طريق الموت، وهو من مركز ديروط مرورا بمركز القوصية ومنفلوط وصولا بأسيوط . طريق مسافته لاتتعدى 60 كيلو مترا، هذا الطريق استنزف على أسفلته مئات الأرواح البريئة من شباب ورجال ونساء الشعب المصرى على مدار سنوات وسنوات، وذلك لعدم ازدواج هذا الطريق . شاءت الأقدار بحادثة راح ضحيتها ثلاث من خيرة شباب القوصية وكان كامل الوزير وزير النقل والطرق فى زيارة للمحافظة. تقابلت معه إحدى الأمهات التى فقدت فلذة كبدها، فقال الوزير لافض فوه: (لماذا لم يذهب ابنك للطريق الصحراوى!!) مع العلم أن الزراعى (طريق الموت) هو الطريق الطبيعى والتاريخى (60 كيلو مترا والصحراوى 90 كيلو مترا) هذا مثال على رؤية المسؤول، بعدها تم العمل على ازدواج الطريق. عظيم، ولكن ومنذ مايقرب من ثلاث سنوات لم يتم الانتهاء فى الوقت الذى تستنزف فيه الأرواح على مدار الساعة !!
فهل ازدواج طريق بمسافة 60 كيلو مترا لا ينتهى حتى الآن بعد هذه السنوات، وفى المقابل تم إنشاء محورين يربطان ديروط ومنفلوط بالطريق الشرقى والغربى فى مدة لم تتجاوز العام!! والغريب والمريب أن كل المشروعات هذه تابعة لوزارة النقل !! هنا هل هناك دور حقيقى لنواب الشعب؟ نعم بلا شك، فقبل عيد الاضحى المبارك الماضى خرج علينا نواب المراكز الثلاثة يتسابقون فيما بينهم ليزفوا إلينا خبر الانتهاء من الطريق بعد العيد مباشرة. ولا نعلم متى ياتى هذا العيد؟ ومن الواضح أن هذا هو الدور المتاح للسادة النواب وكتر خيرهم. أما دور المحليات، أين هو؟ هل هناك صلاحيات للمحافظ فى هذا الأمر؟ أم أن أمور النقل لايملك أحد التدخل فيها لأنها تابعة للوزير، والوزير صاحب الكرامات التى لم نجدها فى طريق الموت هذا مثل انشاء الطرق والكبارى الدولية؟ أما دور الشعب فهو المطالبة ثم المطالبة ثم المطالبة حتى يحين الله بالفرج، وأن يحس المسؤول الشعبى والتنفيذي بمهمته الجليلة التى يجب أن يعيها الجميع تجاه هذا الشعب العظيم الذى يعطى دائما بكل ارتياح مايستطيع أن يقدمه لهذا الوطن العزيز والغالى، وطن كل المصريين والذى سبظل وطن كل المصريين طوال الوقت. فهل هناك من يسمع ومن يعمل من أجل الجماهير والوطن حتى تكون هناك تلك المصداقية وتلك العلاقة الطبيعية بين الحاكم والمحكوم؟ نتمنى هذا . حفظ الله مصر وشعبها العظيم .
------------------------------
بقلم: جمال أسعد