27 - 09 - 2024

العقل ليس شقة للإيجار

العقل ليس شقة للإيجار

لقد ميز الله الإنسان عن سائر المخلوقات بالعقل، والعقل هو ليس عضوا أو جزءا ماديا ملموسا أى لا يمكن لمسه أو رؤيته كالدماغ ولا يتكون من أية خلايا عصبية أو غيرها. بل هو قدرة الدماغ على الإدراك والتفكير والفهم والإحساس والذاكرة والعاطفة وغيرها من الوظائف.

ولذا، فالعقل وبهذه المواصفات يمكن الإنسان عندما يفعل عقله أن يدرك الأمور ويعي المواقف ويتخذ القرارات ويفصل بين الكليات والجزئيات وبين الصواب والخطأ.

وهنا من الطبيعى لابد من هذا العقل لمدركات حسية ومشاعر عاطفية وعلاقات اجتماعية وتربية دينية ومسارات ثقافية من خلال المسار الحياتى (أسرة . عائلة . مجتمع . اصدقاء . مؤسسات دينية ..الخ ) تكون هى المادة الخام التى يستعملها ويفعلها العقل للوصول إلى الفكر والرؤية والقرار السليم . وهذه المواد الخام يتم حفظها فى العقل الباطن دون تصنيع، أى دون إعمال الفكر. 

هنا تكون تلك الأفكار هى الحاكمة والمؤثرة والمسيطرة على العقل طالما لا يتم تفعيل وإعمال العقل والفكر فى هذا الموروث. وفى إطار الواقع الحياتى المعيش نجد أن هناك تمسكا عاطفيا بهذا الموروث دون إعمال أى فكر اعتقادا بأن هذا الموروث هو الحقيقة، بل هو الحقيقة المطلقة، خاصة لو كان هذا الموروث فى إطار التدين المتأثر تماما بالخطاب الديني الذى ورثه وتأثر به الشخص عقلا وتفكيرا. 

وفى هذا الإطار الدينى الموروث الذى تأثر بالعادات والتقاليد الاجتماعية والموروثات الثقافية المتواترة على مر التاريخ المصرى منذ التاريخ المصرى القديم حتى الآن فى اطار الحالة الدينية المصرية الموروثة، نجد أن هناك حالة خاصة تقدس غير المقدس. وبالرغم من الجانب التعليمى الذى يسير فى إطار العلوم حتى الحديثة منها، نجد هذا الشخص الذي أوقف إعمال عقله فى هذا الموروث. يقوم بتقديس الأشخاص تحت مسميات (ولى وقديس وشفيع ومريد ومرشد روحى وأب اعتراف ...الخ هذه المسميات ) حتى أننا نجد من يقدس شخصا تحت تلك المسميات ومن خلال ما ورثه عن قداسة أمثال هذا الشخص حتى أنه يلغى عقله ويسقط تفكيره ويتحول إلى حالة تسليمية للشخص بلا مناقشة ولا تفكير، ونجد بينهم بشرا لهم باع من العلم والثقافة بل الوضع الاجتماعى. ولكن أمام هذه النماذج يلغى كل ما يمت بالفكر والتفكير بصلة. هنا يتحكم هذا الشخص ليس فى سلوكياته بل فى حياته ومستقبله. فهو الذى يحدد له الدراسة والكلية التى يجب أن يختارها!!. هو الذى يقول له هذه تصلح لك زوجة أم لا تصلح !!! وصولا إلى الإيمان بأن هؤلاء الأشخاص غير المقدسين لهم معجزات! يا سبحان الله!!

فهل صحيح الأديان تقول هذا ؟ وهل إعمال العقل يجيز ذلك ؟ وهل تلك السلوكيات تخدم الدين والتدين الصحيح فى شيء؟ وبالرغم من وجود وقائع مزرية ومخزية على مدار التاريخ صادرة من هؤلاء غير المقدسين مثبتة وموثقة، ومع ذلك لانزال نجد تلك الممارسات المخجلة تمارس بلا حياء أو تعقل. وهذا بالطبع إسقاط الفكر وتجميد للعقل وإيمان بالخرافات والخزعبلات التى لا ولن يكون معها تقدم للوطن الذى يحتاج إلى تدين صحيح والى اعمال العقل حتى نكون أمة متقدمة بين الأمم . وحتى لانظل نؤجر عقولا كشقق مفروشة، بما لايليق بجلال العقل الذى اراده الله سبحانه وتعالى . حفظ الله مصر وشعبها العظيم.
-------------------------
بقلم: جمال أسعد


مقالات اخرى للكاتب

العقل ليس شقة للإيجار