27 - 09 - 2024

وجهة نظري | الاستغناء عن الحكومة

وجهة نظري | الاستغناء عن الحكومة

يصدعون رؤوسنا ليل نهار بكلمات فجة لامعنى لها .. يطلبون منا مزيدا من التحمل والصبر والاستغناء .. لاتجد كلماتهم آذانا صاغية ليقين كل من يسمعهم أنهم لا يقدرون حجم المعاناة التي وصل إليها البسطاء المطحونون في هذا البلد الضنين.

تنطلق وجوههم برغد العيش وتشى كلماتهم بحياة منعمة مرفهة تكشفها أرقام يعلمها الجميع لدخول مرتفعة يستطيع أصحابها ببساطة تجاوز أزمة الغلاء مهما بدت فاحشة، أو على الأقل تضمن له حياة مريحة لا قلق فيها ولا مأزق يوميا لتدبير أبسط الإحتياجات بالكاد ووجع القلب.

وبدلا من الصمت أو التحلى بأبسط مشاعر الإنسانية والتضامن مع آلام المطحونين لايتوقف هؤلاء عن المزايدة والنفاق والتطبيل للحكومة وكأنهم يعطون لها الضوء الأخضر في التمادى بسياستها الفاشلة لتسير حياة الشعب معها من سيء لأسوأ.

تتعالى أصواتهم يوميا بنصائح لوذعية، أصبحنا نحفظها عن ظهر قلب كلما زادت أسعار السلع وعم الغلاء وفرض بخناقه على رقاب الجميع إلا رقابهم التي مازالت تصدعنا بالكلمات "الممجوجة".. الحاجة التي  ترتفع أسعارها قاطعها واستغن عنها، والحاجة تضيق عليك عيشتك وتجعلك غير قادر على الحياة بأدنى حالات الراحة وتشعرك بالعجز عن تلبية أبسط احتياجاتك عليك رفضها وإزاحتها والتخلي عنها وإبعادها ..

هكذا تنصحنا ليل نهار أبواق الإعلام الموجهة المنافقة الممجوجة متجاهلة أن حكومتنا السنية ينطبق عليها كل ماسبق ومن الأولى مواجهتها والمطالبة بتنحيها أو على الأقل تغيير سياستها ربما ينصلح الحال كما يتوهمون وينصحون.

نظرة سريعة للحال التي وصلنا إليها نجد ترديا على جميع الأصعدة .. حال مدارسنا ومستوى التعليم فيها لايخفى على أحد .. تماما مثل حال جامعاتنا التي تقهقرت لذيل القائمة على مستوى جامعات العالم .. ولايقل سوءا عنهما ماوصل إليه حال المستشفيات الحكومية بل والخدمة الصحية كلها وماشابها من ضعف وجشع وإهمال ومعاملة غير إنسانية للمرضى .. والفشل الذى طال وزارات التعليم والتعليم العالى والصحة نالت منه وزارة التموين ما لا يقل قدرا بل يفوق .. ارتفاع في الأسعار وجشع تجار وأسواق بلا رقابة ودعم هزيل لايسمن ولا يغنى من جوع ..أما في الصناعة فحدث ولاحرج بدلا من النهوض وافتتاح المصانع والتقدم بخطى قوية في هذا المجال يتم إغلاق المصانع وبيعها بدلا من تطويرها وحل مشاكلها ودعمها.

تلك الوزارات وغيرها مسؤولة عن تردى أحوالنا ويكفى ما سعت إليه بكل قوة لعمل مشروعات كلفتها ملايين المليارات ولم تتجاهل فيها فقه الأولويات فقط لكن يبدو أن ثمارها عصية على النيل إن لم تكن مستحيلة .. ويبدو أنها في النهاية لن  يحظى بها سوى القلة وليست الأغلبية المرفهة من الشعب المطحون.

الأخطر من كل ذلك تلك المشروعات الإستثمارية غير المصرية التي تستهدف الرؤوس السياحية الحيوية المصرية من رأس الحكمة لرأس بناس وغيرها.

بين سندان الغلاء ومطرقة القمع لايواجه الشعب المطحون الخطر سوى بالصمت ودعاء العاجز .. بينما لا يكف المنافقون من حملة المباخر عن تزيين الحال المتردى لأولى الأمر وكأنهم يحثونهم على المزيد.

وبين الصمت والتطبيل يئن وطن مأزوم يستحق مكانة أفضل وأعلى، وينتظر من يرفعه بعزم وصدق لتلك المكانة.
-------------------
بقلم: هالة فؤاد

مقالات اخرى للكاتب

وجهة نظري | الاستغناء عن الحكومة