25 - 10 - 2024

ماذا يريد الشعب؟ (٢٢)

ماذا يريد الشعب؟ (٢٢)

طرح رئيس الجمهورية مبادرة تحت مسمى (بداية جديدة لبناء الإنسان المصرى )، بداية نقول إن المبادرة هى جزء من العمل المخطط له أو نشاط يتم تنفيذه خلال فترة زمنية ويهدف إلى تحقيق غرض معين .

كما أن المبادرة من المفترض أنها تحتاج إلى إصلاح أو تطوير واتخاذ القرار بفعل ذلك دون انتظار إذن أو أمر من أحد . إنها القدرة على السير خطوة أضافية وبذل جهد إضافى للقيام بالأعمال الخارجة عن دائرة المهام الاعتيادية .

كما أننا عشنا ولم نتعايش مع كثير من الثورات والمبادرات  الافتراضية (الثورة الإدارية ..الثورة الخضراء ...الخ ) .

ومع ذلك إننا لا نمانع إطلاقا من إعلان المبادرات وذلك فى إطار حصر الاحتياجات وتحديد الأولويات مع وضع الخطط العملية فى إطار الإمكانات المتاحة مع تحديد مدة زمنية للمبادرة والأهم هو تقييم النتائج لمعرفة تحقيق هدف المبادرة من عدمه، وذلك فى ظل مناخ مواتى ومهيأ لإطلاق القدرات الذاتية والشخصية للمسؤول والمشارك على ضوء اهداف تلك المبادرة . 

لقد أعلنت مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان وهو هدف سامى يحتاجه الوطن فى إطار خطة شملت مقدرات الأمن القومى والمطلوب فى إطار التعليم والصحة والثقافة ...الخ .كما تم تحديد مدة زمنية لهذه المبادرة من ٧ سبتمبر ٢٠٢٤ وتستمر لمدة مائة يوم . وهذا شئ جميل (ما أقدرش اقول حاجة عنه ) . هنا نقول هل هناك فارق بين أهداف المبادرة وبين ماجاء من تكليفات رئيس الجمهورية للحكومة الحالية عند تشكيلها؟ وهل هناك مهام وتكليفات للوزارات المشاركة غير الذى جاء فى تكليف الوزارة ؟ ام أن هذا يعنى مشاركة العمل الأهلى وجميع المؤسسات والجهات فى تنفيذ تلك المبادرة خلال مائة يوم؟ مع العلم أنه مع إعلان المبادرة وجدنا برقيات وبيانات التأييد من شيخ الأزهر والبابا والوزراء والمؤسسات وهذا أيضا جميل . ولكن مع مرور حوالى ثلث مدة المبادرة ماهى الخطط العلمية والخطوات العملية نتاجا لتلك البيانات المؤيدة ؟ أم أننا اعتدنا على التصريحات والبيانات والتأييد النظرى . (ويادار ما دخلك شر) .

الوطن فى أمس الحاجة لمثل جدية هذه المبادرة، خاصة أنه لا تقدم ولا إنتاج بدون الإنسان الذى هو  الهدف الأساسى لأى تنمية حقيقية . وبناء الإنسان يحتاج إلى العمل المخلص والإيمان بالهدف. 

هنا لو ضربنا مثلا فى مجال بناء الإنسان ثقافيا . وهذا المجال يعتبر هو عمود الخيمة لهذا البناء . وذلك لأن الثقافة ودورها يمثل أهمية شديدة فى ظل الهجمة والتحديات التى صاحبت ما يسمى بالعولمة التى تستهدف الهوية والانتماء المصرى وهما يمثلان القوة الناعمة التى تعتمد عليها مصر طوال التاريخ . هل تكليفات المبادرة غير مهام وزير الثقافة الأصلية ؟ وهل لايوجد دور أساسى للمحافظين وكل قيادات المحليات فى انحاز تلك المبادرة خاصة فى مجال الثقافة التى لايضعها أحد فى الاعتبار؟ واين الدور المطلوب والملموس للمؤسسات الثقافية والتى تمتلك بنية ثقافية متواجدة من قبل مثل قصور ومراكز الثقافة؟ 

هنا لا أحد يتحدث عن الميزانيات، فكل الكوادر الثقافية والفكرية والسياسية لاتمانع ولا تتأخر فى تقديم الخدمة الثقافية من ندوات ومحاضرات عن الانتماء وعن الهوية المصرية الجامعة وهى قضايا لا خلاف عليها من مؤيد او معارض  مستعدون لتقديم الخدمة الثقافية دون مقابل، ولكن المشكلة هو موظف الثقافة الذى لا علاقة له بالثقافة !!! فهل سنقتصر على ماتم منذ بدء المبادرة على ما شاهدناه من لقاءات وظيفية ومصنعة للدعاية للمبادرة وكفى المؤمنين سر القتال ؟ ام يجب انتهاز المدة الباقية للعمل الحقيقى والجاد لخلق مناخ يشجع على العمل الجماعى  والمشاركة والإبداع لتحقيق أهداف المبادرة . 

على الوزراء والمحافظين والمؤسسات الدينية والأهلية العمل الجاد فى مجال بناء الإنسان المصرى ثقافيا، فهذا دور لو تعلمون مهم ومطلوب حفاظا على هويتنا وتعميقا لانتمائنا للوطن الذى يحتاج الان لكل الجهد وبذل العمل لمواجهة تلك التحديات التى لا طريق لمواجهتها بغير العمل سريعا لبناء انسان مصرى متكامل ثقافيا وسياسيا واجتماعيا . 

حفظ الله مصر وشعبها العظيم .
---------------------------------
بقلم: جمال أسعد


مقالات اخرى للكاتب

ماذا يريد الشعب؟ (٢٣)