لامني الصديق العزيز وبلدياتي، واحد أبناء مدرستي الثانوية في سبعينيات القرن الماضي (أحمد لطفي السيد) الدكتور محمد شومان، أستاذ الإعلام بجامعة عين شمس، وعميد كلية الإعلام بالجامعة البريطانية، بأنني لم أكتب شيئا عن فوز فريق قريتي ميت غراب بالسنبلاوين دقهلية، للمينى فوتبول" أو كرة القدم المصغرة في البطولة العربية التي حملت نفس الاسم وأقيمت خلال أكتوبر 2024. وفاز فيها فريق ميت غراب بالمركز الثاني من بين 6 فرق عربية، رغم أنه تساوى في النقاط (العشرة) مع الفريق الفائز بالبطولة وهو الفريق الإفريقي بمدينة درنه الليبية، والتي استضافت البطولة العربية للمينى فوتبول في أولى دوراتها.
وللأمانة لمّت نفسي على هذا التقصير، وإن كان مبرري عدم توافر المعلومات عن تلك البطولة، ولا عن هذه الرياضة "الكروية"، وبسرعة طلبت من الصديق الأخ أحمد ماهر جواد رئيس نادي ميت غراب الرياضي، كل المعلومات والصور عن البطولة، خصوصا أن فريق قريتي هو صاحب اللقب على مستوى الجهورية، وبالتالي كان الفريق هو ممثل مصر في البطولة العربية.
وبحثت عن نوعية هذه اللعبة والتي قريبة من رياضة الخماسي لكرة القدم، ويطلق عليها، كرة القدم المصغرة أو كرة قدم الساحة والمعروفة عالميًا باسم كرة القدم المصغرة، وكرة القدم السريعة، وكرة القدم الاستعراضية، وهي نسخة خماسية من كرة القدم الصغيرة، مشتقة من كرة القدم وهي معدة لتقام في ملعب داخلي مسور.
جاء تمثيل قريتي "ميت غراب" تمثيلا مشرفًا، في بطولة عربية ليعيد للقرية أمجادها الطويلة في كرة القدم، والتي عشتها في ستينيات وسبعينيات واوائل الثمانينيات، فقد اشتهرت قريتي برياضة كرة القدم، والعاب رياضة أخرى منها السلة والطائرة، وكرة الطاولة، وحقق شبابها العديد من الجوائز على مستوى الجمهورية.
كان هناك نجوم في كرة القدم وباقي الألعاب الرياضية الأخرى، فقد شهد عقدا الستينيات والسبعينيات، واوائل الثمانينيات، زخما رياضيا واسعا - وهي الفترة التي عاصرتها جيدا- بين دراستي في القاهرة واقامتي وزياراتي لقريتي، وربما لو التفت النوادي الكبرى لمواهب القرية، لأصبح منهم نجوما في سنواتهم.
وأتذكر جيدا رحلات نقل الجمهور على الجرارات الزراعية لتشجيع فريق القرية في المباريات التي كانت تقام في قرى المحافظة، والمحافظات المجاورة، وهذا الجمهور من كل الأعمار، وربما بينهم نساء من القرية.
أيام مختلفة كليا عن أيامنا تلك، ولم يتوقف زخم نشاط "ميت غراب" على الرياضة فقط، بل كان في مختلف المجالات، ولا أنسى هنا إصدار أول مجلة (غير دوية) شاركت في تجاربها الأولى وكنت رئيس تحريرها، مع الأصدقاء بينهم المهندس عبد العزيز عبد الدايم، والفنان والخطاط خريج فنون تطبيقية، الصديق عادل عوض، والصديق علاء عطية ، وعشرات الشباب، وتحت إشراف إبن العم الأستاذ هلال الحضري، والعديد من الزملاء لا تسعفني الذاكرة على تذكرهم، وليعذروني في ذلك، وصدرت منها أعداد مختلفة، لتصبح منصة لأصحاب المواهب الشعرية والقصصية، ومرآة لنشاط ومشروعات القرية الخدمية بل التواصل مع المجتمع المصري والشأن العام، وواصل أبناء القرية بعد ذلك نشاطهم في اصدار المجلة (شباب ميت غراب)، وأتذكر هنا أننا كنا نطبع المجلة بجمع الحروف، وبعض الأعداد صدرت بخط اليد وبريشة الصديق عادل عوض.
وأذكر صديقي وبلدياتي دكتور محمد شومان أن زخم ميت غراب ظل متنوعا، فقد كانت هناك فرق فنون شعبية، وفرقة مسرحية تقدم دوريا عروضا شارك فيها الموهوبون من شباب وشابات ميت غراب، وقام بإخراجها أسماء مهمة في عالم الإخراج المسرحي، ولا أنكر أن متابعتي لهذه العروض كان أحد أهم الأسباب التي دفعتي لدراسة المسرح في أكاديمية الفنون.
ولا أعرف فعلا هل استمرت هذه الفرق، أم أن الفكر المحافظ، الذي غزا بلادنا بشكل فيه حالة عالية من المبالغة، قد ترك تأثيره على هذه الأنشطة..، ربما لكن تظل قريتي من القرى المصرية التي كانت حاضرة في مختلف الأنشطة بحالة خاصة، ومازال فيها الكثير من الزخم، والذي كان من نتائجه البطولة العربية للميني فوتبول، وحتما هناك الكثير من الأنشطة، والمعلومات التي فاتتني وسيذكرني بها من يتابع ما كتبته من سطور.
وفي العمل العام والخدمات، والأعمال الخيرية والتعليمية، لميت غراب باع واسع فيها، وسيتأتى مجال أخر لنسرد بعضه..
وكلمتي.. لابد من النظر لقرى مصر وعلى امتداد أطرافها الكثير من الإبداع والابتكار، يجب النظر إليه ورعايته، فسياسة الاهتمام بالمركز دون النظر للأطراف.. نتكره لمن يسيطر عليه ويختطفه دون أن ندري.
---------------------------------
بقلم: محمود الحضري