في ذكري ميلاده الـ72| البطريرك في مرمي نيران أساقفة البابا شنودة الراحل
تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بعيد الميلاد الثاني والسبعين للبابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، في ظل أجواء مشحونة بالغضب والاحتقان والتشدد، شاهدها الشارع القبطي منذ أيام، بدأت باحتجاج أساقفة من تيار البابا شنودة علي وجود متكلمين، في سيمنار المجمع المقدس، لهم أفكار مغايرة للفكر الأرثوذكسي، على حد وصفهم، مما دفع البابا لإلغاء السيمنار وسط حالة غضب عارم من قبل مؤيديه.
أزمة إلغاء السيمنار مثلت بداية انشقاق أعلن عنه بشكل مباشر عدة أساقفة علي وسائل الإعلام، وأكدوا صراحة رفضهم للمتكلمين في السيمنار الكنسي.
نشبت أزمة أخرى بعد السيمنار إثر قيام الأنبا أبانوب أسقف المقطم بإعلان رفضه التام لإقامة صلوات من طوائف أخرى داخل دير سمعان الخراز بالمقطم وعدم قبوله تنظيم يوم الصلاة العالمي الذي يتم سنويا، وهو اجتماع صلاة تشارك فيه كافة الطوائف المسيحية برعاية الفاتيكان.
قرار أسقف المقطم أثار حفيظة البطريرك وغضبه، لأن البابا تواضروس منذ اعتلائه سدة الكرسي المرقسي، نجح في توحيد الطوائف المسيحية وتقريب وجهات النظر بينها من خلال الحوارات المسكونية وأيضا مجلس الكنائس المصرية مع الإنجيليين والكاثوليك، وطور الأسلوب الإداري فى الكنيسة حيث نقله من البيروقراطية إلى المرونة، ولكن ذلك لم يحمه من انتقادات كثيرة من قبل أساقفة ومطارنة وشعب الكنيسة بسبب التغييرات الجريئة والتى كانت تعتبر فى الكنيسة بمثابة خطوط حمراء، لا يجوز الاقتراب منها أو تعديلها لأنها متوارثة منذ عقود طويلة وتتناقلها الأجيال.
البابا: الأسقف أبانوب لديه مخالفات
كشف البابا تواضروس خلال عظته الأربعاء الماضي، أن الأنبا أبانوب يخدم بالمقطم منذ أكثر من عشر سنين، "ظهرت خلالها بعض الضعفات والخلافات بينه وبين الآباء الكهنة، وجلست معه كثيرًا ونصحته مرات عديدة، وشكلنا عدة لجان لمساعدته في عمله هناك، وما زالت هذه اللجان تعمل حتى الآن، ولكن لم تكن استجابة نيافته ملائمة".
وتابع البابا: "مؤخرًا ظهرت من الأنبا أبانوب بعض التجاوزات، ليس من المناسب أن نتكلم عنها هنا، فتم التحقيق معه، وفي نهاية هذا التحقيق قدم استقالته، بلا إجبار، ولم تُمارَس عليه أي ضغوط، بل قال إنه يفضل أن يعيش حياة المغارة والوحدة، ولقد كتب هذه الاستقالة بخط يده، ومن بين ما قاله نصًّا فيها: "بسبب ظروفي الصحية"، واختار أن يعود إلى ديره دون إجبار من أحد على الإطلاق".
وزاد البابا قائلًا: "استقالة (الأنبا أبانوب) حاليًّا قيد الدراسة، حيث يجب أن أجتمع مع آباء المقطم لمزيد من التشاور"، وأكد: "بكل يقين نحن نعمل من أجل صالح الشعب والخدمة، وعملنا هذا نقدمه لله أولًا، وبضمير خالص أمامه".
مصادر تفصح عن التجاوزات
كشفت مصادر كنسية مطلعة أن البابا تواضروس منذ تنصيب الأنبا أبانوب أسقفا عاما على كنائس منشية ناصر والمقطم، أوكلت له كافة المهام الإدارية والمالية والدينية، وخاصة دير سمعان الخراز الأثري وهو مقصد سياحي لكل العالم، وذلك في حقبة القس سمعان مؤسس الدير والذي يعتبره كافة الأقباط في منشية ناصر من جامعي القمامة "الأب الروحي لهم"، مشيراً أن الخلافات بدأت بين الأنبا ابانوب والقمص سمعان منذ توليه وتتلخص الخلافات في تواصل القس سمعان مع كافة الكنائس وهو أحد مؤسسي يوم الصلاة العالمي في جبل المقطم بدير سمعان الخراز، الذي تشارك فيه كافة كنائس العالم، هذا الأمر لم ينل إعجاب الأسقف ومن هنا بدأت الخلافات، ولكن الأسقف لم يستطع تحجيم دور الأب سمعان لما له من شعبية كبيرة بين الأقباط، فاجتماعه الأسبوعي يتم نقله عبر وسائل الاعلام المسيحية ويحضره المئات من المسيحيين حول العالم.
وتابعت المصادر أن الأنبا ابانوب حاول السيطرة والإشراف على التبرعات والأمور المالية التي تدخل دير سمعان الخراز، ولكن كان يقف أمامه القس سمعان، فهو المسؤول بشكل مباشر منذ رسامته على دير سمعان الخراز في حقبة البابا شنودة الراحل علي الدير، ويتولى تعميره وصرف مرتبات العاملين به.
وأردفت المصادر: "بعد رحيل القس سمعان مؤسس الدير كان الطريق خالياً أمام الأنبا أبانوب ، فأخذ الأسقف بزمام الامور وسيطر على كافة كنائس المقطم، بما فيها دير سمعان الخراز المقصد السياحي الأولي للسياحة الدينية بعد مسار العائلة المقدسة، وقام بتغيير جذري في الهيكل الداخلي للكنائس، وشكل لجنة تابعة له من كهنة وعلمانيين لتولي الأمور الدينية تحت إشرافه، وجمع الأموال في صندوق واحد تحت مسمى صندوق ماليات إيبارشية المقطم، في حين أنه أسقف عام على المقطم، ليس لديه صلاحية الأسقف المثبت على ايبارشية مثل ايبارشيات مصر المختلفة.
وأوضحت المصادر المطلعة أن الأنبا أبانوب أطاح بأشخاص مسؤولين داخل دير سمعان الخراز، تابعين لنهج القس سمعان الراحل، "وولاؤهم للدير وتعميره ورأوا أن أموال الدير لن تخرج منه بل يتم تعمير الدير بها وتوزيع جزء منها على "إخوة الرب "الفقراء والمساكين"، وما فعله الأسقف أثار حفيظة الكثيرين من الأقباط مما دفعه إلى التواصل مع أسر المنطقة وطرق أبوابهم والجلوس معهم في منازلهم مثلما كان يفعل القس سمعان الراحل، وكان يجول بين فئات الأقباط شبابا وشيوخا مما جعلهم يشعرون أن الأسقف لديه رغبة في احتوائهم مثل سابقه القس سمعان.
ونوهت المصادر أن هناك شكاوى أطلقها عدد من الأراخنة، موجهة إلى البابا يشكون فيها سوء معاملة الأسقف وارتكابه مخالفات مالية، إذ حدث إهدار واختفاء بعض الأموال منذ عام 2021، فقام البابا بتشكيل لجنة لفحص الأمر، وتبين وجود خلافات حادة ومخالفات مالية كبيرة مما دفع الديوان البطريركي إلى إخضاع دير سمعان الخراز، بشكل مباشر تحت تصرف البطريركية، وتعيين شركة أمن على أبواب الدير والمزارات السياحة فيه، وتشكيل لجنة مالية تحت إشراف البابا بشكل مباشر ، بحيث ترسل أموال الدير وبعض الكنائس في المقطم إلى البطريركية.
واختتمت المصادر أن البابا جرد الاسقف من كافة المسؤوليات الإدارية من مطلع العام الماضي، على أن تكون مهمته الصلاة والأمور الروحية فقط ومقره يكون في دير سمعان الخراز.
------------------------
تقرير - طانيوس تمري