رسمت المملكة السعودية مسارًا طموحًا ومبتكرًا نحو مستقبل أكثر ازدهارًا، مسترشدة برؤية المملكة 2030، إذ تُعدّ استضافة كأس العالم 2034 أولويةً وطنية، تعتزم المملكة من خلالها تنظيم نسخة استثنائية تعكس حرصها على أن تكون وجهة جديدة للرياضة والرياضيين، ومركزًا استراتيجيا دوليًا مهمًا، على صعيد السياحة العالمية معتمدةً في ذلك على الخطط المرسومة لهذا الشأن، المستند على تنوع جغرافي تتمتع به مختلف مناطق ومدن المملكة.
ولم يكن مفاجئا للكثير من المتابعين للنقلة النوعية التي يحظى بها القطاع الرياضي، تحت رعاية كريمة من القيادة السعودية، حصول ملف استضافة المملكة لكأس العالم FIFA™ 2034، على تقييم 419.8 من 500، كأعلى تقييم فني يمنحه الاتحاد الدولي لكرة القدم عبر تاريخه.
الهيئة العليا لاستضافة كأس العالم
عقب إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم فوز المملكة العربية السعودية باستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2034م، وتجسيدا للدعم والاهتمام غير المسبوق الذي يجده القطاع الرياضي من القيادة السعودي، دشنت المملكة "الهيئة العليا لاستضافة كأس العالم 2034 "، برئاسة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، وذلك تأكيدًا على عزم المملكة تقديم نسخة استثنائية من المحفل العالمي الأكثر أهمية في عالم كرة القدم، تستضيف خلالها، (48) منتخبًا من قارات العالم كافة، كأول دولة في التاريخ تستضيف بمفردها النسخة الأكبر من البطولة، بعد إقرار النظام الجديد من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم في وقت سابق.
تضم الهيئة نخبة من مسؤولي المملكة المعنيين، وهم، الأمير عبدالعزيز بن تركي بن فيصل وزير الرياضة، والأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف وزير الداخلية، والأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة، ووزير الدولة عضو مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الأستاذ محمد آل الشيخ، ووزير البلديات والإسكان الأستاذ ماجد الحقيل، ووزير المالية الأستاذ محمد الجدعان، ووزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبدالله بن عامر السواحة، ووزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد الراجحي، ووزير النقل والخدمات اللوجستية المهندس صالح الجاسر، ووزير السياحة أحمد الخطيب، ووزير الصحة فهد الجلاجل، ووزير الدولة رئيس مجلس إدارة مركز دعم هيئات التطوير المهندس إبراهيم السلطان، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه تركي آل الشيخ، ومحافظ صندوق الاستثمارات العامة الأستاذ ياسر الرميان، والمستشار بالديوان الملكي الدكتور فهد تونسي، و المستشار بالديوان الملكي عبدالعزيز طرابزوني، ورئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم ياسر المسحل.
5 مدن رئيسية
تُشكِّل استضافة الحدث الكروي الأهم عالميا خطوة استراتيجية نوعية، تُعزز بقوة من مسيرة تحول المملكة كوجهة عالمية تنافسية في استضافة أكبر الأحداث الرياضية الدولية، فضلا عن دعم حضورها الإقليمي والدولي على خريطة العالم الاقتصادية والسياحية والترفيهية والثقافية أيضا، وإطلاع زوراها على إرثها وموروثها الحضاري والتاريخي، والمخزون الثقافي العميق الذي تتميز به.
يتيح نظام البطولة تجارب استثنائية للمشاركين والجماهير الذين ستتاح لهم فرصة استكشاف مجموعة من المواقع الثقافية والبيئات الطبيعية الأكثر تنوعًا على مستوى العالم في المملكة، إذ تحتضن 8 مواقع مدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، إلى جانب العديد من المشاريع الكبرى التي توفر وجهات سياحية فريدة، مع تحقيق الرفاهية الكاملة في الاستفادة من خيارات ووسائل نقل متنوعة، عبر 16 مطارًا دوليًا، إلى جانب شبكات واسعة من الطرق والسكك الحديدية وحافلات النقل العام، مما يتيح التنقل بين مختلف المناطق بسرعة وكفاءة.
تأتي الرياض على رأس قائمة المدن المستضيفة لهذا الحدث العالمي بوصفها العاصمة وإحدى مدنها الأكثر حيوية وازدهارًا وأكبرها من حيث المساحة وعدد السكان، فضلا عن موقعها الساحلي، ومركزها الإداري والمالي، إذ تستعد لاستضافة بطولة كأس آسيا لكرة القدم 2027، ومعرض إكسبو الدولي 2030، واستضافة دورة الألعاب الآسيوية 2034.
وينتظر ضيوف المملكة أن تُقدم مدينة جدة لهم مزيجًا فريدًا يجمع بين الأصالة والحداثة، حيث تحتضن المنطقة التاريخية القديمة بطرازها العمراني الفريد، وفعالياتها الموسيقية والسياحية الرائعة.
من جهتها تُعدّ مدينة الخُبر من الوجهات السياحية المميزة في السعودية؛ حيث تحتضن واجهة الخبر البحرية، وميناء الملك عبدالعزيز، أحد أكبر الموانئ في المملكة، وتشمل معالم تراثية وحضارية وسياحية.
وفي جنوب المملكة تتجلى مدينة أبها، أحد أهم المراكز الرئيسية التي تشكل منطقة حضرية كبيرة، تتمتع بتاريخ عريق في مجال السياحة، وواحدة من أبرز وأقدم الوجهات السياحية في المملكة، مستندة على تضاريسها المتنوعة وأجوائها الفريدة ومتميزة.
وعلى الجزء الشمالي الغربي للمملكة، وعلى ساحل بحرها الأحمر تمثل مدينة نيوم ثمرة لرؤية المملكة 2030، مجسدةً أحد مشاريع التطوير الأكثر ابتكارًا على مستوى العالم، وتتكون من مجموعة مشاريع رئيسية، تربط بينها مدينة ذا لاين، المدينة الخطية المبتكرة.
ويحظى جمهور كأس العالم 2034 بتجربة استثنائية في عدة مدنٍ أخرى بخلاف المدن الخمس الرئيسية، مثل مدينة الباحة، ذات الطبيعة الخلابة الفريدة من نوعها في المملكة، ومدينة جيزان الساحلية، والتي تُعدّ موطنًا للشعاب المرجانية، ومدينة الطائف (عروس المصائف) على سفوح جبال الحجاز، فضلا عن المدينة المنورة بأهميتها التاريخية الكبيرة ومشهدها الثقافي المتنوع، ومحافظة العُلا بسلاسل جبالها الخلابة شاهدة على عظمة الطبيعة وعبق التاريخ، وبجوارها تنفرد محافظة أملج بموقعها الخاص على خارطة السياحة المحلية والإقليمية، لتنوع وجهاتها ولمكنون هويتها البحرية، وفي أقصى شمال غرب المملكة تبرز مدينة تبوك التي تتميز بتاريخها الغني وشواطئها البكر، يقابلها مدينة حائل "عروس الشمال " التي تتنوع أماكنها السياحية التراثية.
وفي المنطقة الشرقية، تظهر مدينة الأحساء، وهي واحدةً من أكبر واحات النخيل الطبيعية في العالم، ومدينة بريدة بطبيعتها التي جعلت منها موقعًا سياحيًا مُلفتًا، لمحبي المساحات الخضراء والمعالم التاريخية.
15 ملعبًا بمواصفات عالمية
الملاعب هي الركن الأول من أركان تميز البطولات العالمية، وفي مشروع المملكة الفائز بالتنظيم، تعهدت بإنشاء 11 ملعبًا جديدًا بالكامل، وتطوير 4 ملاعب في خمس مدن رئيسية هي: الرياض، جدة، الخبر، أبها، ونيوم، حيث صممت لتقديم أفضل المزايا العملية، وأعلى درجات الراحة والتجارب الاستثنائية، إذ تتمتع بمواقع استراتيجية، مع الالتزام بالمعايير المحلية والدولية ودمجها للاستدامة كونه مبدأً أساسي في تصميمها وتنفيذها.
تضم الرياض ثمانية ملاعب لاستضافة مباريات كأس العالم، بما فيها إستاد الملك سلمان الجديد الذي يتسع لأكثر من 92 ألف متفرج، والمقرر أن يستضيف المواجهتين الافتتاحية والنهائية للبطولة، بالإضافة إلى إنشاء إستاد الأمير محمد بن سلمان بمنطقة القدية، الذي يعد تحفة معمارية بمدرجاته الثلاثية والإطلالةً الخلابةً على إحدى قمم جبل طويق، حيث يتميز الإستاد بتصميم مستقبلي مبتكر غير مسبوق عالميًا، وتكتسي معظم مساحات الواجهات الخارجية له بالزجاج الملوَّن وشاشات LED
ومن الملاعب التي تضمها مدينة الرياض ملعب مدينة الملك فهد الرياضية الشهير الذي سيتم تطويره بأحدث المعايير العالمية، ورفع سعته لأكثر من 70 ألف متفرج، وإستاد مدينة الأمير فيصل بن فهد الرياضية في قلب المنطقة الحيوية، أما خامس ملاعب العاصمة فهو إستاد جنوب الرياض، أحد الملاعب الجديدة التي تجمع في تصميمها روح الأصالة والتراث بالحداثة، ويتسع لأكثر من 47 ألف مشجع، والسادس هو إستاد "روشن" الذي سيتميز بتجربة خيالية غير تقليدية، ويتسع لأكثر من 46 ألف مشجع، بالإضافة إلى إستاد جامعة الملك سعود، بموقعه النابض بالحياة، وأخيرا إستاد المربع المستوحى من شجرة الطلح، وصمم بمعايير عالمية وطابع سعودي، ويتسع لأكثر من 46 ألف مشجع.
وفي جدة، يتميز إستاد وسط جدة بتصميمه المعماري المستوحى من التراث المحلي والعمارة التقليدية لمنطقة جدة البلد التاريخية، في حين يستوحى الملعب الساحلي في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية تصميمه من الشعاب المرجانية المذهلة في البحر الأحمر، بينما يتم بناء إستاد ساحل القدية، على شواطئ البحر الأحمر، ويتسع لأكثر من 46 ألف مشجع، فيما يعد إستاد مدينة الملك عبدالله الرياضية " الجوهرة " تحفة معمارية، وهو يتسع لأكثر من 58 ألف مشجع.
وفي مدينة الخبر، يتربع إستاد أرامكو على شاطئ الخليج العربي بتصميم ديناميكي مستوحى من البحر، ويحاكي شكل "الدوامات" التي تظهر قبالة الساحل خلال أشهر الصيف، وتشمل العناصر المعمارية للملعب عددًا من الأشرعة المتداخلة والزخارف التي تحاكي شكل الأمواج الطبيعية، بما يتناغم مع البيئة الساحلية المحيطة به على شواطئ المملكة.
فيما يشهد إستاد جامعة الملك خالد بمدينة أبها، أعمال توسعة مؤقتة لزيادة سعته إلى أكثر من 45 ألف متفرج، وتحديث البنية التحتية ومراعاة الإرث المستدام للملعب.
ومن المنتظر أن يكون إستاد نيوم الملعب الأكثر تميزًا على مستوى العالم، حيث يوجد على ارتفاع يزيد عن 350 مترًا ضمن هيكل "ذا لاين"، ويوفر تجربة استثنائية وغير مسبوقة لحضور مباريات كرة القدم، وتشمل المصادر الأساسية لإمداد الملعب بالطاقة كلًا من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وهو ما يعد نقلة نوعية تاريخية على مستوى الملاعب في العالم.
10 مدن داعمة
واستثمارًا للمساحة الجغرافية للمملكة واستغلالًا لمناطقها المتنوعة، فإن خطة الاستضافة ستمتد لـ 10 مدن داعمة للمدن المضيفة، يتم فيها احتضان بعض معسكرات المنتخبات المشاركة قبيل وأثناء البطولة، حيث تتميز هذه المدن بمناطقها السياحية التي ستمكّن المنتخبات المشاركة والجماهير الحاضرة من استكشاف موروث حضاري للمملكة، وخوض تجارب سياحية مميزة خلال فترة الاستضافة.
وفيما يتعلق بمراكز تدريب المنتخبات، سيجري تأهيل 132 مقرًا للتدريب، في 15 مدينة ستستضيف المنتخبات الـ 48 المشاركة والوفود المرافقة لها، حيث تشمل 72 ملعبًا مخصصًا للمعسكرات التدريبية، إضافة إلى مقرّي تدريب مخصصة للحكام.
"مهرجان المشجعين"
تخوض الجماهير الرياضية من مختلف أنحاء العالم تجربة استثنائية وسط أجواء ترفيهية مميزة في مهرجان المشجعين FIFA Fan Festival™ الذي يستهدف جمهور كأس العالم FIFA™ 2034"، إذ ستتحوّل جميع مواقع مهرجان المشجعين إلى مراكز نابضةً بالحياة، تتيح للمشجعين إظهار شغفهم تجاه كرة القدم، ومشاركة أجمل اللحظات الاحتفالية.
ويُعد "مهرجان المشجعين" في كل مدينة مستضيفة بمثابة وجهات مثالية للاحتفاء، إذ تقدم مشهدًا متكاملًا من التجارب الواقعية والرقمية، بدءًا من حديقة الملك سلمان في العاصمة الرياض ووصولًا إلى المرسى في نيوم.
ومن المنتظر أن تستوعب مناطق الضيافة الرسمية لمهرجان المشجعين FIFA Fan Festival أكثر من 324 ألف مشجع في 10 مواقع في المدن الـ 5 المضيفة للمونديال، وفق ما أكده الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".
ستكون مواقع "المشجيعن" في الرياض بحديقة الملك سلمان أكبر حديقة حضرية في العالم، وساحة المهرجانات في القدية التي ستشكل وجهة فريدة تطل على السفوح الجبلية المذهلة، ويُمكن الوصول لهذين الموقعين من خلال مترو الرياض المكون من ستة خطوط والعديد من خيارات التنقل الأخرى.
وفي جدة، ستكون واجهة جدة البحرية على البحر الأحمر، وحديقة الخزامى، والمنطقة الشرقية في حديقة الملك عبدالله، وحديقة الملك فهد، وساحة البحار في أبها ضمن مشروع "وادي أبها" إضافة لحديقة الضباب، وبمدينة المستقبل نيوم ستكون في المرسى ضمن مشروع "ذا لاين" ومدرج ذا مارينا ستيبس، ومناطق أخرى وعديدة للجماهير على مدار أسابيع الحدث العالمي الاستثنائي.
وسيتمكن المشجعون خلال مونديال العالم من حضور عدة مباريات بسهولة في يوم واحد، عبر الخمس مدن المستضيفة بفضل تنوع ووفرة خيارات الإقامة ونظام التنقل المتكامل، مما يضمن لهم الاستمتاع بتجربة كروية مليئة بالحماس.
فرحة الشعب السعودي
يتطلع الشعب السعودي إلى اليوم الذي تصبح فيه المملكة في قلب الحدث الكروي الأكبر على مستوى العالم، لاسيما أن استضافة المملكة لكأس العالم ليست مجرد تنظيم بطولة رياضية، بل هي انعكاس لطموح الشعب السعودي وإيمانه بقدراته على تقديم نسخة استثنائية تظل خالدة في ذاكرة عشاق كرة القدم حول العالم.
وتتصدر كرة القدم قائمة الألعاب الرياضية في المملكة، كونها اللعبة الشعبية الأولى، وشهدت كرة القدم السعودية تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة بفضل مبادرات رؤية المملكة 2030، بعدما استقطبت المملكة عددًا من نجوم الكرة العالمية، ما أسهم في زيادة التفاعل الجماهيري وتعزيز الشغف باللعبة، وتجلى هذا الاهتمام في استضافة المملكة للعديد من البطولات والفعاليات الرياضية الكبرى.
التطور الكبير الذي وصلت إليه مسابقات كرة القدم في المملكة، انعكس على المتابعة والحضور لمنافسات هذه المسابقات الكروية، فعلى سبيل المثال لا الحصر يشهد الدوري السعودي للمحترفين "دوري روشن"، حضورًا جماهيريًا كبيرًا، بلغ في موسم 2023-2024، 2,496,661 متفرجًا، فيما بلغ عدد القنوات المحلية والعالمية الناقلة لدوري المحترفين السعودي "دوري روشن" أكثر من 30 قناة عالمية.