يمكن للرهائن الأربعة والعشرين الذين ما زالوا على قيد الحياة، والإسرائيليين الذين يهتمون لأمرهم، أن يعلقوا آمالهم على الرئيس الأميركي دونالد ترامب فحسب تجاه اي حل لقضيتهم.
ترمب وحده يمكن أن يكون المنقذ، فلو كان الأمر بيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لكان الرهائن قد لقوا حتفهم في غزة، وستُضاف أسماؤهم إلى القائمة الطويلة لضحايا الحرب، وسيتخلص من عبء قضيتهم، وسنتجه نحو انتخابات سيعد فيها نتنياهو بأنه وحده قادر على حمايتنا من غزو حماس.
لقد أدركنا جميعًا بعد ما شهدناه في البيت الأبيض بين ترمب وزيلينسكي يوم الجمعة، أن تعليق آمالنا على ترامب يشبه ترك سائق مخمور يأخذنا في رحلة عبر الجبال.. عليك أن تضع رأسك بين يديك وتصلي للأفضل، لكن هذا هو الواقع.
يبذل نتنياهو جهودًا كبيرة لإفشال أي فرصة للمضي قدمًا في الاتفاق مع حماس، ليرضي وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، أما إدارة ترمب، فقد حولت اهتمامها نحو الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ويبدو أن نتنياهو يحقق مكاسب من هذا الوضع حاليًا.
أرسلت حماس رسائل إلى إسرائيل عبر الوسطاء طوال الأسابيع الماضية – مصر بشكل أكبر، وقطر بشكل أقل – تفيد بإمكانية التفاوض على مرحلة جديدة من إطلاق سراح الرهائن ضمن تفاهمات المرحلة الأولى، بشرط وقف إطلاق النار حتى نهاية رمضان واستكمال الانسحاب من ممر فيلادلفيا، لكن ذلك انتهى الآن.
من الصعب فهم الديناميكيات بين حماس ومصر وقطر ومن هو الوسيط الفعلي ومن هو صاحب القرار؟ فمصر مهتمة بانسحاب إسرائيل من ممر فيلادلفيا، لكن إعلان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي يوم الخميس أن إسرائيل لن تنسحب من الممر أدى إلى نسف المحادثات.
بالنسبة لمصر، إذا انتهكت إسرائيل الاتفاق الصريح ولم تنسحب في اليوم الخمسين من وقف إطلاق النار، فعلى الحكومة الاسرائيلية التعامل مع حماس وحدها.
أما قطر، فقد كانت باردة وغير مبالية بالمفاوضات لأسابيع، فالقطريون حساسون للغاية تجاه الانتقادات، وهم لا يحبون تصريحات نتنياهو ووزرائه التي تتهمهم بتمويل حماس.
يعتقد القطريون أنهم اجبروا على مساعدة إسرائيل في حل الأزمة الإنسانية في غزة، والاتهامات الموجهة لهم من قبل الحكومة الاسرائيلية تمثل جحودا.
كما يعتقد القطريون أنه إذا استمرت إسرائيل في هذا النهج، فستجد نفسها مضطرة للتعامل مع حماس وحدها.
الخطة الدبلوماسية لنتنياهو، كما هو الحال دائمًا، ذات بعد سياسي حيث يجب تمرير الميزانية بحلول نهاية الشهر، وسيسمح لسموتريتش بنسف الصفقة، ويأمل أن يعود إيتمار بن غفير إلى الحكومة، أو سيعمل على تقليص نفوذ العناصر المتشددة داخل حزب “يهودوت هتوراه”، مثل وزير الإسكان يتسحاق غولدكنوف وعضو الكنيست إسرائيل آيخلر، الذين يعارضون الميزانية لكنهم لن يمنعوا تمريرها، وهو يحاول تخويف زعيم حزب شاس، أرييه درعي، من مواجهة مع إيران لإقناع الحاخامات بأن هذا ليس الوقت المناسب لإسقاط الحكومة.
لقد قال نتنياهو في مؤتمر صحفي قبل عام: “يجب ألا تكون هناك انتخابات الآن، فنحن قريبون جدًا من النصر"، وها نحن، بعد عام، وهو يعد وزراءه مرة أخرى بأنه هذه المرة جاد تمامًا وان النصر قادم، ويقول إن رئيس الأركان الجديد للجيش الإسرائيلي يعد خططًا لمهاجمة غزة بـ “ستة فرق عسكرية”، وبعدها، سيغادر كل من يريد المغادرة من غزة.
نتنياهو منفصل عن الواقع، ولا يدرك أن تنفيذ تعبئة واسعة أخرى لقوات الاحتياط، التي اُستنزفت بالفعل بعد أكثر من 200 يوم من الخدمة منذ السابع من أكتوبر، ومع استمرار عدم تجنيد المتدينين، واستئناف الحرب التي ستؤدي إلى مقتل الرهائن، سيدفع المجتمع الإسرائيلي إلى حافة الانهيار، لكنه غير مهتم.
يجب عليه تمرير الميزانية، ثم التفكير فيما سيفعله بعد ذلك… ربما قصف إيران، وربما صنع السلام مع السعودية.. كل ذلك يعتمد على أي جانب من السرير سيستيقظ عليه ذلك الصباح.
الشخص الوحيد الذي يمكنه فعل شيء حيال هذا هو ستيف ويتكوف لكن المبعوث الأميركي الخاص غير الدبلوماسي مشغول بشؤون روسيا وأوكرانيا، والشرق الأوسط يفلت من يده وهو يواصل تأجيل زيارته إلى إسرائيل.
من المفترض أن يصل ويتكوف في نهاية الأسبوع، وإذا لم يدخل مكتب نتنياهو ويدفعه إلى الحائط قائلاً له “كفى”، فان الأمور ستنهار .. فبالنسبة لنتنياهو وسموتريتش، لا توجد مرحلة أولى، ولا مرحلة ثانية، بل الحرب.
------------------------
مقال رأي للكاتب: حاييم ليفينسون
هاآرتس الاسرائيلية