06 - 03 - 2025

قطائف عجاجية(٣) | الحلم

قطائف عجاجية(٣) | الحلم

الكلمة الشائعة على ألسنة الناس (الحلم سيد الأخلاق) والحلم يعنى الأناة والتعقل وضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب ، وهو يعنى كظم الغيظ ، فالحليم هو الذى لا يستفزه الغضب ولا يتسرع بالعقوبة، بل يتريث ويتصرف وفق مقتضيات الحكمة، والحلم يعنى ضبط النفس عند الغضب وكفها عن مقابلة الإساءة بالإساءة

والقرآن الكريم يشيد بحلم عباد الرحمن (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) الفرقان ٦٣

والرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا : "إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب"

وورد أنه صلى الله عليه وسلم قال لأشج بن القيس: "إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والأناة"

ويقول الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه: "ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ولكن الخير أن يكثر علمك ويعظم حلمك"

ويقول أيضا: "من لانت كلمته وجبت محبته وحلمك على السفيه يكثر أنصارك عليه"

وقريب من ذلك قول أحد الحكماء: اذا سكتت عن الجاهل فقد أوسعته جوابا وأوجعته عقابا

كما يقول أحد الحكماء: من استغني عن الحلم رضي بالجهل

ويقول الجنيد رحمه الله: أربع ترفع العبد إلى أعلى الدرجات وإن قل عمله وعلمه، الحلم والتواضع والسخاء وحسن الخلق وهو كمال الإيمان

ومن أقوال الإمام الشافعى:

يخاطبني السفيه بكل قبح

فأكره أن أكون له مجيبا

يزيد سفاهة فأزيد حلما

كعود زاده الإحراق طيبا

ومن أكابر العرب الذين يضرب بهم المثل فى القدرة على الحلم وضبط النفس معن بن زائدة الذى أصر أعرابى على اختبار حلمه وحاول بكل ما أوتى لإخراجه عن شعوره وإغضابه، فكان هذا الحوار بينهما:

الأعرابى: أتذكر إذ لحافك جلد شاه وإذ نعلاك من جلد البعير

معن: أذكر ذلك ولا أنساه

الأعرابى: فسبحان الذى اعطاك ملكا وعلمك الجلوس على السرير

معن: سبحانه وتعالى على كل حال

الأعرابى: فلست مسلما أن عشت دهرا على معن بتسليم الأمير

معن: السلام سنة وهذا شأنك

الأعرابى: سأرحل عن بلاد أنت فيها ولو جار الزمان على الفقير

معن: إن جاورتنا مرحبا بك وان رحلت صحبتك السلامة

الأعرابى: فجد لى يا ابن ناقصة فأنى عزمت على المسير

معن: أعطوه ألف دينار

الأعرابى: قليل ما أتيت به وإنى لاطمع منك بالمال الكثير

معن: أعطوه ألفا أخري

الأعرابى: سألت الله أن يبقيك ذخرا فما لك فى البرية من نظير

معن: أعطوه ألفا آخر

الأعرابى: جئت مختبرا حلمك لما بلغني، فقد جمع الله فيك من الحلم ما لو قسم على أهل الأرض لكفاهم

اللهم ارزقنا الحلم والأناة واجعلنا من أهل الآية الكريمة (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما)
---------------------------------
بقلم: عبدالغني عجاج

مقالات اخرى للكاتب

قطائف عجاجية(٣) | الحلم