24 - 04 - 2025

الإصلاح السياسي هو الحل

الإصلاح السياسي هو الحل

كل الأصوات والتوجهات أدارت البوصلة كاملة صوب الإصلاح الاقتصادي دون النظر إلى الواقع السياسي المريض والمتردي، فلا الأحزاب موجودة رغم كثرتها ولا نجوم للسياسة، واكتفينا بنجوم الفن والرياضة، وهذا خلل مجتمعي كبير ، واكتفت الأحزاب أن تكون ظهيرا سياسيا للحاكم دون معارضة تذكر، وانشغلوا بالحشد واللقطة ثم الإختفاء في لحظة كقطعة الجليد، واكتفت الأحزاب بأن تقوم بعمل الجمعيات الخيرية كشنطة رمضان ومنافذ بيع السلع، كل ذلك على حساب الدور السياسي للحزب، فبدلاً من مساءلة وزير التموين عن شح السلع وغلاء الأسعار، تقوم هي بتوفيرها وطرحها بأسعار مناسبة وكأنها في حالة تنافسية مع وزارة التموين، وهكذا أحزاب لا تملك الفكر والوعي السياسي ستجعل الوطن يعيش حالة من الرخاوة السياسية، وبالتالي هذا المناخ الراكد والآسن لن يفرز أبداً كوادر سياسية تنذر بأي خير، فكان من نتاج ذلك الواقع المزيف أن نرى أسماء صعدت لسدة العمل السياسي والعام ليس لها أي خبرة أو فكر سياسي سوى الطاعة والموالاة، فهي ليست معنية بإحداث حراك أو تقديم حلول بل جل اهتمامها هو المزيد من الموالاة والطاعة العمياء. 

في مجمل الأمر انتج لنا هذا العفن الفكري مجلسا للنواب أنفق أغلب أعضائه الملايين ليستقروا على الكرسي دون أي جهد أو تاريخ سياسي يذكر، فكان هذا الأداء البرلماني العليل والهزيل، بل زاد الطين بلة أن لجنة شئون الأحزاب لازالت توافق على تأسيس المزيد من الأحزاب، وكأن الدولة مستمتعة بهذه الفوضى والعبث السياسي الذي لن يوصلنا لشئ، وسيبقينا دوما داخل المربع صفر. 

إذا ما الحل؟ الحل هو قرار شجاع بإلزام كل هذه الأحزاب بالاندماج في كتلتين لا أكثر ، كما يحدث في كل الديمقراطيات الراقية وإطلاق حرية التعبير لخلق مناخ سياسي حقيقي يعبر عن إرادة الشعب ويسمح بالتغيير السلمي للسلطة، وان تكون انتخابات النواب أهم من انتخابات الرئاسة نفسها لتخرج لنا نواباً حقيقيين بلا عبث أو تزوير يقدمون الحلول والأفكار ويكونوا عوناً للدولة لا عبئاً عليها، فالنائب الحقيقي لا ينتظر من الدولة الكثير فهو يملك الرؤية والحلول في دائرته، وكلما تأخر الإصلاح السياسي كلما دفعت الدولة الكثير والكثير من فاتورة الفساد والتسيب وعدم المساءلة، بل قد يعيق ذلك التقدم في ملف الإصلاح الاقتصادي.
--------------------------
بقلم: سعيد صابر

مقالات اخرى للكاتب

الإصلاح السياسي هو الحل