28 - 06 - 2024

عمالنا في ليبيا محاصرون بين "جحيم البقاء" و"مخاطر العودة"

عمالنا في ليبيا محاصرون بين

شقيق أحد الضحايا: وزير الخارجية قال انتظروا خبرا مفرحا بعد 48 ساعة ، فجاء خبر الذبح

عامل مصري في ليبيا: الصراعات المسلحة تمنعني و 200 أخرين من نزول الشارع 

راعي كنيسة العور بالمنيا: الضربة الجوية أثلجت صدور أهالي الضحايا

تبدو علي وجوههم الحيرة، دخلو في منعطف قاس للغاية لم يكونو يتخيلون لحظة أن تلقي بهم الأقدار ناحيته، استسلم البعض للأمر وفضل العودة لبلاده .. لكن لم تأذن الأقدار بعودته ، وفضل بعضهم البقاء خوفاً من العودة "يا مولاي كما خلقتني"، أنها الجماهيرية الليبية وهم المصريون الذين هم علي استعداد لمواجهة الصعاب لكسب لقمة عيش.

دفعتهم الدولة بغير قصد إلي السفر للجماهيرية في أعقاب سقوط نظام العقيد معمر القذافي بزعم إعادة بناء الدولة الليبية ومؤسساتها من جديد، ولكن اتضح أن الأمور ذهبت إلي طريق ملئ بالصعوبات والأخطار، وكأنها تختار المصريين لتحمل هذة المهمة الصعبة، ووضعتهم في وجه المدفع ليواجهوا جماعات مسلحة وميليشيات تابعة لتنظيمات جهادية سيطرت علي الدولة.

ومن هنا بدأت رحلة الأخطار للعودة إلي أرض الوطن، أو البقاء في جحيم الجماعات المسلحة، استهدفت بعض من هذة الجماعات وتحديداً تنظيم الدولة "داعش" بعض المصريين في ليبيا بالقتل أكثر من مرة، ومن المسيحيين خاصة، لتصل إلي ابشع جريمة وهي ذبح ما يقارب 21 مصريا مسيحيا في ليبيا، وهنا تحدثت "المشهد" إلي احد المصريين الذين لا زالوا باقين هناك، وإلي اسر ضحايا شهداء مذبحة "داعش".

حجيم الصمود في ليبيا

"ابني كان خاطب وهيتجوز بعد 8 شهور، لكن احنا فرحانين بيه انه هيشفع لينا وأنه شهيد، وساب ذكري جميلة للكنيسة ولمصر كلها، وكان نفسي اموت بعد ماسمعت خبر استشهاده لكن كان إرادة ربنا اني اعيش" هكذا بدأ أبو الشهيد سمير، أحد الضحايا الذين ذبحوا في ليبيا علي يد تنظيم "داعش". وبصوت يجهش في البكاء يستكمل والد الشهيد بأن ابنه كانت يتحمل أعباء مصاريف المنزل بعد أن كبرت "عظمته " ولم يعد يقدر علي العمل، مبديا فرحتة بأن ابنه صعد إلي السماء ليلحق بكل شهداء الكنيسة وعلي رأسهم مينا دانيال.

وبصوت يمتزج بالحزن والفخر في الوقت نفسه، أكد والد الشهيد سمير لـ "المشهد" أنه حقه لم يضع، وأن وزارة الخارجية تواصلت مرات عدة بشيوخ القبائل وعواقل ليبيا حتي تتوصل إلي معلومة عن المختطفين قبل أن يظهر فيديو ذبحهم، وأن الكاتدراية كانت تنصحهم بالصلاة من أجل أولادهم، والخارجية تنصحهم بالصبر حتي قابلوا رئيس الوزراء إبراهيم محلب والذي ابدي ترحيبه بنا، وقال لنا بالنص "والله لو يوافقوا ياخدوني بدل ولادكم كنت رحت مقابل انهم يفرجوا عنهم"، وفي هذة اللحظة كنت افضل الموت واري ابني مرة واحدة، ولكن لم يشأ القدر وقتها.

واخلي والد الشهيد مسئولية الخارجية والحكومة من استشهاد نجلة، قائلا أنهم لم يقصروا في شئ وأن ظروف ليبيا الحالية فرضت عليهم التواصل مع شيوخ القبائل فقط، لأنه ليس هناك مسئولين مصريين هناك، بالإضافة إلي أن المسئولين الليبين ليس لديهم اي سلطة حتي يتعاونوا مع مصر، مبديا فرحتة بالضربات الجوية التي أمر بها الرئيس عبد الفتاح السيسي والتي شعر بأنها اراحته وأشعرته أن دم نجله لم يذهب هباءَ.

وفي نهاية حديثة لـ "المشهد" وجه والد الشهيد سمير رسالة إلي تنظيم "داعش" قائلاً: "ربنا يسامحهم ويفتح عينيهم علي الطريق الصحيح".

الكنيسة تخلي مسئولية الدولة

من جانبه، قال نجار عيسي، راعي كنيسة العور بالمنيا، التي فقدت 14 من أبنائها في هذا الحادث، إن الأهالي من وقت اختطاف أبنائهم وهم يعيشون حالة من القلق والرعب، ونظموا العديد من الوقفات أمام مجلس الوزراء للمطالبة بعودة أبنائهم.

وأكد "عيسى"، في تصريحات خاصة لـ"المشهد"، أنه من وقت الحادث ونحن نطلب من أهالي الضحايا بكثرة الصلاة من أجل عودتهم، فالأهالي كانوا لا يأكلون ولا يشربون، ويعيشون في حالة من الصرع والخوف، وليس أمامهم في ذلك التوقيت غير الصلاة لحين عودة أبنائهم.

وأضاف "عيسى" :"أنا متأكد لو الدولة كانت تقدر ترجع أبناءنا كانت هاترجعهم، ومتأكد أنها بذلت أقصى ما في وسعها، وعندما قابل الأهالي وفدا من وزارة الخارجية ابلغوهم بأنهم يجرون اتصالات مكثفة مع القبائل بليبيا وأكدوا وقتها ان أبناءهم أحياء".

وتابع: "الضربة الجوية التي وجهها الرئيس عبد الفتاح السيسي ، لمعاقل داعش أثلجت صدور الأهالي"، مشيرا إلى أن المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، وعدهم بصرف مبالغ مالية لأسر الضحايا، وتخصيص معاش ثابت لهم، كما وعدهم ببناء كنيسة بقرية العور، مطالبا بدخول هذه القرارات حيز التنفيذ".

قسوة العودة إلي الوطن

وتواصل "المشهد" مع أحد المصريين الموجودين بـ"ليبيا"، والذي رفض ذكر اسمه خوفا على حياته، وأكد أنه معه ما يقرب من 200 مصري آخرين محبوسين في طرابلس، يخافون النزول الى الشارع نظرا لكثرة الصراعات المسلحة في ليبيا.

وأكد أن هناك بعض الليبيين المتعصبين، الذين لا ينتمون الى أي من الميليشيات المسلحة، يعتبرون الضربة الجوية على "درنه" اعتداء على الأراضي الليبية من قبل المصريين، مشيرا إلى أن هؤلاء يشكلون خطرا أيضا على حياتهم، بالإضافة إلي شعوره بالخوف من قسوة العودة إلي الوطن ايضاً.

وأضاف أن بعض القبائل الليبية تمدهم بالطعام والشراب، لأنهم لا يستطيعون النزول إلى الشارع، موضحا أن الصعوبة  في الوصول إلى مصراته التي يتواجد بها الطيران، لان "داعش" تسيطر عليها، مؤكدا انه حياتهم في خطر كل دقيقة ولا يعرفون ماذا يفعلون.

سلمنا أمرنا لله

أما صموئيل فايز، شقيق احد المختطفين الذين تم ذبحهم في ليبيا، قال لـ "المشهد" أنه عندما علم بخبر اختطاف شقيقة توجه علي الفور إلي الكنيسة التي ابلغت وزارة الخارجية عن الأمر، ثم توجه إلي الوزارة والتقي هو وباقي أهالي الضحايا بالسفير بدر عبد العاطي المتحدث باسم الخارجية، والذي أكد لهم أنه ليس هناك معلومات لدي الوزارة بمكان اختطاف أولادهم أو إذا ما كانوا احياء أو تم قتلهم.

وفي نفس المقابلة أجري وزير الخارجية سامح شكري عدة اتصالات بشيوخ وعواقل ليبيا حتي يتوصل إلي معلومة عن الضحايا المختطفين، وأبلغونا وقتها أننا سنسمع أخبارا سارة خلال 48 ساعة، ولكننا بعد مرور اليومين وصل لنا خبر وفاة المختطفين، وبينهم شقيقي، ولا احمل الدولة تقصيرا في هذا الشأن لأن ليبيا لا تنعم بالأستقرار منذ سقوط نظام القذافي وكانت الاتصالات بالمسئولين هناك لا تجدي نفعا، وسلمنا أمرنا لله. 

وفي لفتة منه، وافق مجلس الوزراء، خلال اجتماعه برئاسة المهندس إبراهيم محلب، علي معاملة ضحايا الأحداث الإرهابية بليبيا معامله الشهداء، وتحمل الدولة تكلفة تعليم أبنائهم .

كما وافق المجلس علي منح معاش استثنائي مقداره 1500 جنيه شهرياً لأسر هؤلاء الضحايا، وصرف مساعدة اغاثه مقدارها 100 ألف جنيه لأسرة كل ضحية.






اعلان