17 - 07 - 2024

"قضايا الدولة" تطالب "الدستورية" بعدم قبول الطعون في قوانين الانتخابات

استمعت المحكمة الدستورية العليا إلى مرافعات هيئة قضايا الدولة، ومقيمي الطعون بعدم دستورية بعض مواد قانون تقسيم الدوائر الانتخابية فيما يتعلق بجداول الدوائر المخصصة للانتخابات بالنظام الفردي في الانتخابات البرلمانية، وما تضمنه قانون مجلس النواب فيما يتعلق بتمييز المرأة عن الرجل في مسألة إسقاط عضويتها إذا ما قامت بتغيير انتمائها الانتخابي الذي انتخبت على أساسه؛ والمغايرة في حجم الإنفاق الدعائي بين المرشحين في النظام الفردي ونظام القوائم.

وطالب المستشار أيمن سيد ممثل هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعاوى استنادا إلى أنها أقيمت بغير الطريق الذي رسمه القانون وافتقاد من أقامها لشرط المصلحة الشخصية المباشرة.

وأضاف أن هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية أصدرت تقريرها بالرأي القانوني مستعينة بإحصائيات السكان والناخبين الرسمية الصادرة في 10 فبراير الجاري, في حين أن قانون تقسيم الدوائر الانتخابية صدر في شهر ديسمبر من العام الماضي وبني على إحصائيات مغايرة أعدت في شهر نوفمبر من ذات العام، وهو ما يعني أن النسب والأعداد التي استند إليها تقرير المفوضين تختلف عن تلك الأعداد والتركبية الانتخابية التي أعد التقرير بناء عليها.

وأشار إلى أنه بمجرد صدور قرار اللجنة العليا للانتخابات بدعوة الناخبين للانتخابات، فإنه يتم وقف القيد والتعديل في قاعدة بيانات الناخبين.. مشيرا إلى أن القرار صدر في  مطلع شهر يناير, في حين أن الإحصائيات المتبعة لدى مفوضي المحكمة الدستورية جاءت عن شهر فبراير الجاري.

وأكد ممثل هيئة قضايا الدولة , أن قانون تقسيم الدوائر الانتخابية إنما قد صدر في ضوء عدة اعتبارات مجتمعية وقواعد دستورية حاكمة , في مقدمتها ما قرره الدستور والحوار المجتمعي الذي سبق صدور القانون بين من تولوا إعداده وبين المواطنين , حيث أسفر هذا الحوار المجتمعي بشأن القانون إلى الاستجابة إلى المتطلبات الاجتماعية للمواطنين.

وقال إن من بين ما أسفر عنه الحوار المجتمعي بشأن تقسيم الدوائر, هو الاستجابة لطلبات العديد من المواطنين والقوى الجماهيرية لتجنب ظاهرة (ابتلاع الدوائر الانتخابية الكبيرة لدوائر أخرى صغيرة في حالة ضم بعض الدوائر الانتخابية إلى بعضها البعض).. موضحا أنه قد أثير أثناء الحوار المجتمعي أنه في حالة ضم بعض الدوائر غير المتكافئة من الناحية الجغرافية والسكانية , فإن ذلك سيترتب عليه أن الدوائر الصغيرة لن يتم تمثيلها بالمجلس التشريعي بصورة عادلة , بحيث يتحكم الناخبون بالدوائر الكبرى في فرص فوز المرشحين لصالح دوائرهم , ودون أن تمثل الدوائر الصغيرة بمرشحين , بما يخل بمبدأ التمثيل العادل في مجلس النواب.

وأكد ممثل هيئة قضايا الدولة أن إشكالية الانحراف عن الوزن النسبي للصوت الانتخابي ما بين دائرة وأخرى , لا يوجد لها معيار ثابت يمكن تطبيقه بصورة موحدة بمعزل عن التقسيمات والمكونات الإدارية للدولة , والتجانس الاجتماعي للمواطنين.. مشددا على أن قانون تقسيم الدوائر راعى التركيبة السكانية والتواصل الجغرافي بين المناطق والدوائر , والتمثيل المكاني للناخبين والنصوص الدستورية الحاكمة.

وأوضح أن بعض الدوائر الانتخابية التي اقترح تقرير هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية ضمها إلى بعضها البعض لمعاجلة الخلل في عملية التصويت , بينها وبين بعضها البعض تباين واختلاف كبير من النواحي المتعلقة بالاختلاف المجتمعي.

وقال إن اللجنة التشريعية التي تولت وضع قانون تقسيم الدوائر , راعت أن تكون نسبة الانحراف في الوزن النسبي للصوت , في حدود قواعد ومبادىء الدستور, بما يحقق الصالح العام, خاصة وأن المساواة تكون بين من يتماثلون في المراكز القانونية.

واستعرض ممثل هيئة قضايا الدولة موقف القضاء المقارن في العديد من دول العالم , من مسألة الوزن النسبي للصوت الانتخابي , في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وغيرهم, مشيرا إلى أن القضاء الدستوري حول العالم استقر على أن الانحراف في وزن الصوت الانتخابي ليس قالبا جامدا يمكن الاحتكام إليه بصورة حسابية مطلقة دونما مراعاة اعتبارات مجتمعية أخرى.

من جانبه, قال اللواء رفعت قمصان مستشار رئيس الوزراء لشئون الانتخابات وعضو اللجنة التي تولت وضع قانون تقسيم الدوائر الانتخابية , إن اللجنة راعت في عملية وضع القانون 12 اعتبارا يحقق الضوابط الدستورية  والقانونية ومصلحة الناخبين والمرشحين وتكافؤ الفرص والمساواة في الانتخابات.. لافتا إلى أن اللجنة كان أمامها العديد من التحديات, في مقدمتها ما نص عليه الدستور الذي أوجب تمييز 6 فئات بعينها, في العملية الانتخابية, علاوة على تحقيق نتائج الحوار المجتمعي.

وأوضح أن كافة الدساتير التي وضعت في العالم في أعقاب الحرب العالمية الثانية, لم يرد ثمة تمييز لأي فئة أو طائفة, فيما عدا المحاربين القدماء اعترافا من الدول بالجميل لهم.. مشيرا إلى أن مسألة تطبيق التمييز الذي نص عليه الدستور خلق صعوبة في عمل اللجنة لتحقيق هذه الشروط.

وأشار إلى أن الحوار المجتمعي الذي كان قد دعا إليه المستشار عدلي منصور إبان توليه منصب رئيس الجمهورية بصورة مؤقتة, انتهى إلى تفضيل كبير لأن تجري الانتخابات بالنظام الفردي, مع وجود أقلية طالبت بإجراء الانتخابات بنظام القوائم , وأصوات قليلة طالبت بالنظام المختلط.

وأوضح أن لجنة وضع القانون راعت التمثيل العادل والمتكافىء في تقسيم الدوائر الانتخابية, معتمدة على التقسيم الإداري للدولة المصرية, وهو  التقسيم المعمول به في جهاز الدولة ككل, من نواحي التعليم والصحة والنيابات والمحاكم والتموين وغير ذلك.

وقال إن من بين المبادىء التي تبنتها مذكرة الأعمال التحضيرية للجنة التي تولت وضع القانون, التمثيل العادل للمجتمعات العمرانية الجديدة , في إطار حرص الدستور على التنمية الشاملة للمجتمع المصري, وهو ما ترتب عليه مراعاة اعتبارات تتعلق بالكتل السكانية والانتخابية بمدن جديدة مثل السادس من أكتوبر والشيخ زايد بها 6 جامعات وصروح طبية, ومدن أخرى أقيمت لشباب الخريجين.

وأكد اللواء رفعت قمصان أنه لا يمكن – في أي مكان في العالم – أن تكون القوائم الانتخابية متساوية بالكامل, خاصة وأن فلسفة القوائم هو تمثيل فئات بعينها في المجلس التشريعي.. مشيرا إلى أن اللجنة تعاونت مع منظمات دولية كبرى أثناء إعداد مشروع القانون في مجال تحديد الحسابات والنسب الانتخابية, والتي أكدت أن تقسيم الدوائر الانتخابية في مصر يحقق العدالة الانتخابية.

وأضاف أن بعض الدوائر الانتخابية تم فصلها عن بعضها البعض, في ضوء مقررات الحوار المجتمعي حول القانون قبل إصداره , تجنبا لمسألة “ابتلاع الكتل التصويتية الكبرى للكتل التصويتية الأصغر منها”.. وبعض الدوائر الأخرى التي تم ضمها في ضوء الحرص على التيسير على الناخب بالتعاون مع كيان إداري وحد تسهيلا عليه.

من جانبهم , طالب مقيمو الطعون بعدم دستورية قانون تقسيم الدوائر الانتخابية فيما تضمنه من تقسيم الدوائر بطريقي القوائم المخصصة للأحزاب والائتلافات, والنظام الفردي, معتبرين أن التقسيم الانتخابي يخل بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص المقررين في الدستور, وانه يتضمن خللا كبيرا في الوزن النسبي للمقاعد الانتخابية ويمايز بين أصوات الناخبين على نحو يخالف أحكام الدستور والأعراف والقوانين الانتخابية والتي تؤكد جميعها أن أهم حق للمواطن هو صوته الانتخابي.

واعتبروا أن الخلل الدستوري لم يكن قاصرا على المقاعد الفردية فقط على نحو ما أشار إليه تقرير هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا , وإنما يمتد إلى القوائم الانتخابية برمتها بجزئيها (القوائم المخصصة لـ 15 مقعدا و القوائم المخصصة لـ 45 مقعدا انتخابيا).. واصفين نظام القوام الانتخابية بأنه اختراع مصري لا يتفق وقواعد الديمقراطية المعروفة في العالم, ولا يحقق المساواة بين الناخبين والمرشحين ويخل بالوزن النسبي لصوت الناخب.

وأشار مقيمو الدعاوى إلى أن المادة السادسة من قانون انتخابات مجلس النواب, والتي منعت إسقاط عضوية المرأة (وحدها ودون نظيرها النائب الرجل) بمجلس النواب إذا ما غيرت انتماءها الحزبي أو المستقل الذي انتخبت على أساسه تخالف مبدأ المساواة بين جميع المواطنين المنصوص عليه دستورا, ويشكل تمييزا تحكميا وتعسفا غير مبرر بين المواطنين.

واعتبروا أن قانون انتخابات مجلس النواب , كان يجب أن يتضمن نصا جوهريا يتعلق بأن يتمتع المرشح بشرطي ” الثقة والاعتبار” منعا لعودة من أسموهم بـ “الفاسدين والمحكوم عليهم ومرتكبي جرائم إفساد الوطن والذين كانوا سببا في ثورة الشعب المصري ضدهم” إلى الحياة البرلمانية مرة أخرى.. على حد قولهم.