17 - 07 - 2024

كيسنجر .. والحرب السنية الشيعية

كيسنجر .. والحرب السنية الشيعية

إن الصراع حاليا في الشرق الأوسط "ديني وسياسي وجغرافي" في آن واحد، والكتلة السنية المكونة من السعودية والخليج وإلى حد ما مصر وتركيا، تواجه كتلة تقودها إيران التي تدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا، وعددًا من الجماعات الشيعية العراقية وحزب الله في لبنان وحماس في غزة.

"هنري كيسنجر" في كتابه الجديد "النظام العالمي".

حين تأتي عبارة كتلك، ومن أهم منظري السياسة الأمريكية في العصر الحديث، يمكن القول أنها تمثل جوهر الإستراتيجية الأمريكية، وهي الابتعاد عن مواجهات عسكرية غربية إسلامية، مكلفة وغير مضمونة النتائج، والاستعاضة عنها بالمساعدة في إثارة فتنة وحروب طائفية سنية شيعية لا تنتهي، حتي يقضي العالم الإسلامي علي بعضه بعضا، أو تبقيه في التيه والفشل لعشرات السنين.

هذا ما حاول كيسنجر الترويج له في مقاله في "صنداي تايمز" في الدعاية لكتابه الجديد "النظام العالمي" ، الذي حاول فيه تشبيه ما تقوم به "داعش" وقبلها القاعدة بأنه يشبه الحروب الدينية الأوربية في القرن السابع عشر ولكن بصورة أشمل، وختم مشيرا إلي أن هذا يهدد الإستقرار العالمي، وبإنتشار الفوضي والتطرف لمناطق شاسعة كالنار في الهشيم.

نظرية الصراع "السني الشيعي" بدأت مع حديث الملك الأردني عبد الله في حديثه مع "واشنطن بوست" في ديسمبر 2004، ثم ظهرت بقوة في عام 2006 بمحاولات تشكل تحالف دولي، بين أمريكا وأوربا وإسرائيل ومصر والسعودية والأردن، في مواجهة محور إيران وسوريا وحزب الله وحماس.

لكنه تعطل وقتها بسبب فشل إسرائيل، في القضاء علي حماس وحزب الله، في العدوان الإسرائيلي المزدوج علي غزة ولبنان من يونيو حتي أغسطس 2006، رغم الدعم المصري السعودي الأردني الصريح لإسرائيل وقتها.

الدور الروسي الحاسم الرافض لهجوم أمريكي علي سوريا في صيف 2013 ، ثم في الأزمة الأوكرانية أعاد خلط الأوراق والخطط الأمريكية ، بين معسكرين :

 الأول يري أن الأفضل لأمريكا أن تستغل ظهور داعش (التي يؤكد المحللون أنها حظيت بدعم أمريكي وتمويل من حليفتها السعودية)، لتقود تحالفا عالميا يضم الحلفاء الغربيين، بل والخصوم مثل السعودية وإيران ومصر وتركيا، والأكراد والشيعة والسنة المعتدلين، والنظام السوري والجيش الحر، وحزب الله والمسيحيين العرب.

الثاني "لكيسنجر" وأمثاله يرون أن الأفضل ، المساهمة القوية في سيناريو إشعال حرب سنية شيعية لا تنتهي.

الإدارة الأمريكية غالبا ما تمزج المسارين المتناقضين،أو تمارسهما بالتوازي بحيث لو فشل أحدهما تجرب الآخر.

صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية قدمت طرحا معاكسا لطرح كيسنجر وأمثاله، في تعليق للكاتب "بادي أشدون" ، رفض فيه بشدة الخطاب الغربي الذي يسعي لتحويل التهديد الذي تمثله داعش، إلي حرب بين الغرب المسيحي والشرق الإسلامي، أو إلي حرب هدفها حماية "القيم الغربية" ، محذرا أن يؤدي ذلك لإيصال رسالة عدائية للمسلمين المعتدلين.

كما رفض توسيع نطاق الصراع إلي الجاليات المسلمة في الغرب، أو اللعب علي مخاوف الناس من الإرهاب لإكساب الحكومات سلطات إضافية ، تؤدي لتقليص الحريات .

##

وختم بأن الحل الأكثر عقلانية لمواجهة تهديدات داعش هو التعاون مع الاغلبية العظمى من المسلمين المعتدلين من كافة الطوائف، والذين يريدون إستعادة دينهم من قوى الظلام والعصور الوسطي، فحينها سيكون الإنتصار في الصراع ضد التطرف إنتصارا للقيم الإسلامية بأسرها، وليس فقط للقيم الغربية.

 

مقالات اخرى للكاتب

بشرة خير !