17 - 07 - 2024

الظلام يكشف عورات الحكومة

الظلام يكشف عورات الحكومة

في أوقات الحروب والأزمات يصبح الإهمال والإرهاب سوأ، إلا في مصر فقد غرقت البلاد في الظلام وتوقفت الحياة في ظاهرة لم تشهدها أي دولة محترمة على مستوى العالم وبالرغم من ذلك خرج وزير الكهرباء يقول بأن الأمر لن يتكرر وكأن طفل صغير وقع في خطأ بسيط فيطلب منه والده عدم تكراره، يبدو أن الوزير والحكومة لم يدركا حجم الخطر الذي تعرض له الوطن.

إذا كان وزير الكهرباء والحكومة يدًعون خلال الفترة الماضية أن الانقطاعات في التيار الكهربائي بسبب تخفيف الاحمال فما هو السبب الحقيقي وراء إظلام البلاد من شرقها إلى غربها وشمالها إلى جنوبها في ظاهرة لم تعرفها مصر حتى في وقت الحروب؟ ، إن ما حدث يعتبر سرقة للوطن واحتطاف لمؤسساته ومنشآته  والحكومة تغض في نوم عميق لم تستيقظ إلا بعد إيقاف المكيفات التي ينام على شخيرها كبار المسؤولين في الدولة. 

لقد كشفت هذه الازمة أن المسؤولين يعملون بالبركة فلا يوجد نظام ولاخطط بديلة للطوارىء ولااستعدادات لكافة الاحتمالات، فالأمور تسير في الوزارات ببركة الرحمن ودعوة الفقراء ومحبي هذا الوطن، أما كبار المسؤولين فليس لديهم مايقدموه للوطن ولايملكون القدرة على مواجهة الازمات، وبدلاً من الاحساس بالمسؤولية وتقديم الاستقالة كنوع من التكفير عن الذنب وتجاوز الخطأ الجسيم الذي ارتكبه الوزير وتقدير لمشاعر المواطنين، كشفت تعليقات وزير الكهرباء وتعامل الحكومة مع الازمة أن الحكومة لازالت تعيش في جلباب الانظمة البائدة وتعامل الشعب باستعلاء وتؤمن أن المواطنين ليس من حقهم الاطلاع على ما حدث من أزمات ومعرفة ما يدور في هذا الوطن، وكأن الشعب عبيد عند هؤلاء المسؤولين وعلي المواطنين الالتزام بدفع الفواتير وتقبل كل القرارات والازمات التي تحدث نتيجة إنقطاع التيار عن البيوت والمستشفيات.

لم تدرك الحكومة أن من حق الشعب معرفة كل الاسرار والأسباب الحقيقة لما يدور في قطاع الكهرباء وغيره من القطاعات وأن زمن الكلام المعسول الذي تقدمه الحكومات والكذب على المواطنين انتهى ولم يعد ينقذ أي مسئول من العقاب سوا كان السبب الاهمال والارهاب.  

اذا كانت الحكومة والدولة تقف بالمرصاد للارهاب وترصد جزء كبير من ميزانياتها لمواجهة هذا الخطر، فإن خطر الإهمال لايقل تأثيراً عن الارهاب وعدم توقيع العقاب ومحاسبة المهملين والمقصرين في اداء الواجب الوظيفي والمتلاعبين بالوطن وحياة المواطنين يجب أن يكون بنفس الحزم والشدة في التعامل مع الارهاب وربما أكثر، فالارهاب قد يصيب مكان جغرافي محدد أو مؤسسة بعينها أوعدة أشخاص، أما الإهمال فقد أصاب الوطن باكمله وأوقف الحياة وعرض ارواح المواطنين للخطر وأصاب البلاد بالشلل ومنح الفرصة للشامتين أن يتحدثوا عن مصر كيفماء يشاؤون وكأن الوطن بلا كفاءات أو قدرات بشرية قادرة على مواجهة كل الاحتمالات.

إن ازمة الكهرباء كشفت عوارات الحكومة واهمال الدولة وغياب الاستراتيجيات وعدم وجود آلية للتدخل السريع لمواجهة الازمات لذا يجب أن يكون هناك عقاب رادع وقرار حاسم وتحرك سريع لمواجهة كافة الاحتمالات وشفافية في التعامل مع المواطنين ووضع خطط  حقيقية للطوارىء تكون أكثر فاعلية وليس سبوبة للأحباب والمقربين من كبار المسؤولين. 

مقالات اخرى للكاتب

طالبة الآداب .. هل قتلت بالحب أم بالجهل وغياب الوعي؟