28 - 06 - 2024

عندما يُصبح سماع دوي الإنفجارات "مألوفاً"!!

عندما يُصبح سماع دوي الإنفجارات

" الاستيقاظُ على أنباءِ التفجيراتِ والعملياتِ الإرهابيةِ ، على ما يبدو أنهُ أمرٌ بات مألوفاً عند أغلبِ المصريينَ " .. تلك بداية تقرير تليفزيوني أعددته لقناة " الشروق " الجزائرية الجمعة الماضية بحُكم عملي كمدير لمكتبها بمصر ، حول مقتل شُرطي في هجوم إرهابي بالفيوم ، بعد يوم واحد من سلسلة تفجيرات وقعت في أماكن متفرقة من القاهرة والجيزة أسفرت عن مقتل عامل التوصيل بأحد المطاعم بمنطقة إمبابة بالجيزة..

الحقيقة أن تعتاد على سماع أنباء القتل والتفجيرات والأعمال الإرهابية بصفة عامة فضلاً عن سماع مصطلحات مثل " الإرهاب الأسود والإرهابيين والجماعات الإرهابية " والتي أصبحت في آذاننا وعلى ألسنتنا كالحديث عن حوادث السرقة مثلاً ، الإعتياد على ذلك بالنسبة لنا كإعلاميين وصحفيين أمر طبيعي نظراً للانخراط في هذه الأحداث المتتابعة على مدار سنوات المهنة، وإن كان ذلك يترك في أنفسنا آثاراً سلبية لا مجال للحديث عنها الآن، لكن أن يُصبح كل ذلك مألوفاً على آذان وألسنة عوام الناس فهذا الذي إن دل على شئ فإنما يدل على حجم المصيبة التي نعيش فيها وجعلت المواطن يتعايش معها إلى الحد الذي تراه يقف بجانب خبير المفرقعات ليرى كيف تُفكك " القنبلة " ويُصبح سماع دوي الإنفجار بالنسبة له لا يختلف كثيراً عن دوي انفجار " الشماريخ " .

قبل عدة سنوات وتحديداً قبل ثورة يناير لم نكن نسمع هذه المصطلحات التي كانت غير مألوفة علينا ولم نشاهد تلك الأعمال المتطرفة إلا في أفلام السينما مثل " الإرهابي " للفنان عادل إمام وغيره من الأفلام، والتي في الحقيقة لم تستطع رغم كل ما فيها من تشويه لكل ذي " لحية وجلباب " أن تحقق هدفها من ذلك على أرض الواقع آنذاك !!

صحيح أن الأوضاع الأمنية في مصر ليست بالصورة القاتمة التي يراها المراقبون لها من شتى دول العالم عبر وسائل الإعلام ، حيث يعتقد أغلبهم ممن يتواصلون معي عبر " الفيس بوك " أو وسائل أخرى أن الأوضاع في مصر تُشبه سوريا أو ليبيا وبالقطع مهما كانت الأوضاع الأمنية في مصر متردية إلا أنه شتان بينها وبين سوريا وليبيا والعراق أو حتى اليمن !!

" مصر راهي مخلّطة " .. هو كذلك انطباع الجزائريين عن مصر في هذه الفترة والتي أضطر في كثير من الأوقات عند كل زيارة للجزائر أن أصحح تلك الصورة عند الأصدقاء والزملاء ، وأضرب مثالاً دائما أن وقوع أحداث في " ساحة أودان " بالعاصمة الجزائرية لا يعني أن الجزائر بأكملها " مخلطة " .. يعني " خربانه " بالمصري .. وإن كان للحقيقة على الرغم من أننا ألفنا تلك الأعمال الإرهابية وسماع أنباء القتل في مصر خلال السنوات الأخيرة ، إلا أنك إذا سافرت لأي بلد آخر يشهد استقراراً ستشعر بالفارق الكبير ، كالذي أشعر به عند زيارتي للجزائر الحبيبة.

وقبل دقائق من انتهاء الوقت المسموح به لتسليم مقالي للجريدة ، أريد القول أننا إذا ما استمرينا على هذا الحال واعتدنا أكثر من ذلك على الأجواء السياسية الملبّدة بالغيوم ودون حلول جذرية لوئد تلك الأعمال المتطرفة " بأسس وقوانين عادلة " فللأسف نحن نضع بأنفسنا " رقبة " الإستقرار في مصر على " منصة " الإرهاب !!

##

مقالات اخرى للكاتب

د. محمد مهران: سد النهضة يرقى لجرائم ضد الإنسانية ويستدعي تدخلاً دولياً عاجلاً





اعلان