بعد أسابيع من المظاهرات والاعتصامات اتسمت بالعنف أحيانا تعثرت المفاوضات بين الحكومة اليمنية و"أنصار الله" أو كما تعرف بجماعة الحوثي ولم يتوصل الطرفان إلى اتفاق بشأن القضايا المطروحة يحل الأزمة الراهنة التي تشهدها صنعاء.
ويغلق الحوثيون الطريق الرئيسي إلى مطار صنعاء منذ أسابيع كما يعتصمون أمام وزارات مطالبين بخفض أسعار الوقود وتشكيل حكومة جديدة.
السؤال المطروح اليوم كيف استطاعت هذه الجماعة من الوصول إلى أبواب صنعاء ؟ وماهو السيناريو المتوقع ؟
خلفية تاريخية
يقول مراقبون مايحدث في اليمن اليوم له ارتباط تاريخي ويمكن اعتباره محاولة جديدة لاستعادة شكل ما كان يعرف بـ "حكم الإمامية" .
فمن المعلوم أن اليمن حكم من قبل أسرتين هاشميتين تنتهج المذهب الزيدي هما: أسرة شرف الدين، وأسرة آل القاسم. وتعتبر أسرة شرف الدين هي المؤسسة لحكم الإمامية بعد محاربتها للدولة العثمانية وانتهى حكمها مع قيام ثورة 26 سبتمبر 1962 م.
و تعتبر بداية الظهور الحقيقي للحوثيين في بداية التسعينيات من القرن الماضي، حيث خرجت من محافظة صعدة الشمالية حركة تنظيمة أطلقت على نفسها "الشباب المؤمن" تحت قيادة مؤسسها بدر الدين الحوثي، ثم تولى رئاستها ابنه حسين بدر الدين الحوثي.
ورغم أن نشاطها كان في البداية فكريا يهدف إلى تدريس المذهب الزيدي إلا أنه بعد فتح المجال للتعددية الحزبية بدأت في ممارسة العمل السياسي وشاركت في البرلمان ثم انتقلت لمرحلة الشكل المسلح وخاضت مع الدولة اليمنية 6 حروب بين 2004 و 2010.
يقول الكاتب نجيب اليافعي إن الحوثيين اليوم استفادوا من عامل العرق والنسب والسلالة الهاشمية، وهؤلاء هم الجنود الأساسيين والقيادات المهمة للحوثي وهم متغلغلين في الدولة، والهاشميين هم الدولة العميقة في اليمن، فهم متواجدين في كل أجهزة الدولة وهؤلاء يمدونهم بالمساندة اللوجستية، ولديهم تواجد في صنعاء، فالإمام يحيى – أحد حكام الدولة الإمامية سابقا – خصص لهم عطايا من بيت المال لكبار البيوت الهاشمية في العاصمة صنعاء وفي مناطق مختلفة لذلك هم يتواجدون اليوم في صنعاء القديمة وفي المناطق القريبة من مطار صنعاء الدولي.
وأضاف اليافعي أن جماعة الحوثي استفادت من المتناقضات بين القوى السياسية والاجتماعية، ولعبوا على أوتار كثيرة فهم يلعبون سياسة وفي نفس الوقت يتمددون على الجانب الجغرافي، كما استغلوا خصوم كل طرف لضرب أطراف آخرى، وبعد سقوط مدينة عمران أصبحت الطريق معبدة للعاصمة صنعاء.
وأوضح اليافعي أن فكرة رفع الدعم عن المشتقات النفطية هي القشة التي كسرت ظهر البعير ومن خلالها رفعوا شعار "إسقاط الجرعة" والغرض كان إسقاط العاصمة ومن خلالها جمعوا أتباعهم من الخمس المحافظات وهي صعدة وعمران وحجة وصنعاء وذمار والتي لهم فيها تواجد كبير.
سلوك انتهازي !
ووصف الباحث اليمني سلمان العماري سلوك جماعة الحوثي خلال 10 سنوات الماضية بـ " الانتهازي " كلما لاحت الفرص وتوافرت لها الأجواء حتى تتمكن من تمثيل الأدوار التي تقدم نفسها فيه كوصية على الناس.
وشدد العماري على حضور جماعة الحوثي القوي عند كل منعطف تمر به البلاد، والهدف من وراء ذلك حرف المسار والتأثير عليه.
وأضاف: "مؤخراً حاولت الجماعة امتطاء سَرج الثورتين، الشعبية السلمية والمضادة في اليمن، فلم تحسن تمثيل دور الأولى، ولم تنجح في تأدية دور الثانية، لينكشف أمرها ".
السيناريو المتوقع
من جهة أخرى قال الباحث والمحلل السياسي عبدالسلام محمد أن جماعة الحوثي مثلها مثل أي جماعة مسلحة يسيطر عليها الجانب العسكري على السياسي، وبذلك تغيب الإستراتيجيات ويحضر غرور القوة، ففتح الحركة الحوثية نوافذها للدعم الإقليمي المزدوج هو بمثابة نقل الصراعات والاستقطابات إلى داخل الحركة.
ويرى الباحث عبدالسلام أن هناك أربعة سيناريوهات لمستقبل هذه الحركة، السيناريو الأول يكمن في تحقيق الحوثيين حلمهم، والاستفادة من كل العوامل المحلية والإقليمية والدولية المساعدة في السيطرة وإنشاء دولة أو شكل من أشكال الحكم يضمن لهم الاحتفاظ بالسلاح ومناطق السيطرة، بينما يفترض السيناريو الثاني التخلي عن العنف والسلاح وتسليم المناطق المسيطرة عليها للدولة.
وأضاف عبدالسلام السيناريو الثالث يقضي باستمرار الحوثيين التوسع عسكريا في وقت لا تساعدهم العوامل المحلية والإقليمية والدولية على الانتصار، وبهذا يدخل اليمن في حروب أهلية جديدة.
وبين عبدالسلام أنه في حالة توحد المجتمع الدولي لإنجاح الانتقال السلمي للسلطة والتحول الديمقراطي وإصدار قرارات من مجلس الأمن ضد معيقي المرحلة الانتقالية ومنهم حركة الحوثيين، فإن السيناريو الرابع سيكون تقديم مساعدات عسكرية إلى الجيش اليمني لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني بالقوة لبسط سيادة الدولة على كل المناطق وسحب السلاح وتفكيك جماعة الحوثيين المسلحة وغيرها من الجماعات.
The post كيف وصل الحوثيون إلى صنعاء ؟ appeared first on IslamOnline اسلام اون لاين.
