28 - 09 - 2024

نوستالجيا...العسل والطحينة

نوستالجيا...العسل والطحينة

فى زمن مضى أيام الصحة الحديد والمعدة التى تهضم الزلط وتقول هل من مزيد....فى تلك الأيام التى كان فيها السلطان( قولون) طيب ومحترم ويتعامل مع بقية أعضاء الجسم بمحبة وبلا خبث.....فى هذا الزمن الذى مضى وتلك الأيام التى خلت كانت( العشوة) المفضلة لنا صحن عسل وطحينة( اذا ذكرت الطحينة فغنى عن البيان أن العسل المقصود لابد ان يكون بالضرورة أسود) ووقتها لم تكن قد ظهرت العبوات الفاخرة للعسل السينيه (الذى يحمل أسم ماركة شهيرة) ولا الطحينة السينيه ( التى تحمل هى الاخرى اسم ماركة شهيرة) وكنا نتجه بالصحون فرادى وجماعات إلى (السرجة) للحصول على العسل والطحينة الساخنة التى تفتح برائحتها شهية حى باكمله...وما زلت اتذكر السرجة الشهيرة فى منتصف حارة السقايين- احدى اشهر حارات عابدين بل والقاهرة ككل- التى تصدر الحلاوة الطحينية لمعظم بقالات القاهرة الكبرى والتى اشتهرت باجود أنواع العسل الأسود والطحينة وزيت السمسم....كان البائع يزن الصحن الفارغ اولا ثم يزن العسل الاسود ويكمل النصاب بالطحينة.

تذكرت عشوة العسل الاسود والطحينة( كانت من الوجبات الشعبية المتاحة) ووجبة العسل الأبيض بالقشطة أو الزبدة( من الوجبات الترفيهية من وقت لاخر) وتذكرت تلك الايام الخوالى بعد أن زادت المحظورات التى ينبغى تجنبها خاصة فى العشاء إحتراما وخوفا من السلطان قولون الذى يستطيع أن يحول احلامنا إلى كوابيس هذا ان نمنا من أصله وبالطبع يستطيع وبكل سهولة أن يجعلنا نغنى ( ظلموه) طوال الليل.

وبغض النظر عن العسل والطحينة والقولون وأفعاله ومقالبه فأننى اشتاق لتلك الأيام التى كنا ننال فيها نصيبنا من السعادة بأقل الأشياء....كنا نسعد بتمثيلية الخامسة والربع وكنا نسعد باذاعة ام كلثوم....وكنا نسعد بمشاهدة التليفزيون الابيض والاسود عند الجيران.....كنا نسعد بكوب الشاى( لم يكن وقتها قد شاع النسكافيه فما بالكم بالكابوتشينو) وكنا نسعد بالبطيخ العادى أو النمس والشمام العادى أو الاسماعيلاوى( لم يكن وقتها قد عرف الكنتالوب او الكيوى او الكاكا)

 ووقتها كانت العائلات تفرح وتزغرد عند نجاح أبنها فى الثانوية العامة بمجموع 55 او60 فى المئة  وتبل له الشربات الذى كان يعبر عن الفرحة والسعادة التى نصنعها بأقل الامكانيات....

وكانت معظم الافراح تقام فى الشقق  او فوق السطوح أو امام المنزل ( لم يكن وقتها قد ظهر الدى جى) دونما حاجة لدفع عشرات الالاف من الجنيهات للفنادق....كانت صوانى الشربات وعلب الساندوتشات وقطع الجاتوه تسعد المعازيم دونما حاجة الى بوفيه مفتوح او مغلوق......بإختصار كانت السعادة  متاحة قبل ان تنفجر ثورة التطلعات التى لا تعرف سقف ولا تعترف بالقناعة

 

مقالات اخرى للكاتب

عجاجيات | الصحبة الصحبة يا رسول الله