أول مصرية تترجم معانى القرآن للغة الفرنسية لـ"المشهد"
زينب عبد العزيز: ترجمتى للقرآن وراء إسلام 700 شخص فى إفريقيا
ترجمة المستشرق الفرنسى "جاك بيرك" المعيبة كانت السبب فى التصدى لتحريف القرآن
الترجمة استغرقت 15 ساعة يوميًا لمدة 10 سنوات
اعتمدت على الأسلوب المبسط السلس الذى يوضح الفكرة دون ضياع معنى الكلمة
هوجمت كثيرا وتغلبت على المغرضين بالأدلة.. وتمنيت أن يقوم الأزهر بالترجمة
خوفا منها على القرآن الكريم من تحريفات مستشرقى الغرب كان الدافع الأول وراء ترجمتها لمعانيه باللغة الفرنسية لتصبح أول مصرية تترجم معانى القرآن إلى اللغة الفرنسية فى العالم .. الدكتورة والكاتبة الصحفية زينب عبد العزيز التى قدمت إنجازًا وإعجازًا عظيما للمكتبة الإسلامية العربية والمسلمين، حيث أسلم مؤخرًا 700 شخص فى أفريقيا نتيجة لترجمتها، التقتها "المشهد" وحول دوافع ترجمتها القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية وحقيقة أن ترجمة معانى القرآن الكريم تعد خرافة والعقبات التى واجهتها خلال ترجمتها، ومدى اهتمام مصر والدول العربية بها وحجم انتشارها ونجاحها وتحقيقها للأهداف المرجوة منها.. كان معها هذا الحوار ..
بداية حدثينا عن الدافع الرئيسى وراء ترجمتك لمعانى القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية؟
فى البداية أود أن أوضح أننى اطلعت على أغلب ترجمات القرآن الكريم باللغة الفرنسية فى القرن الـ16 ووجدت الكثير من الأخطاء والتحريف، خصوصًا أن الترجمة كانت قاصرة على دول الغرب فقط فى هذا الوقت، ولكن مع انتشار الإسلام فى بلدان لا تعرف اللغة العربية، كان لابد من الترجمة كما أن الأزهر وافق على مبدأ الترجمة فى عام 1935، ولكن ما لفت نظرى وشجعنى على ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية بجدية، هى ترجمة المستشرق الفرنسى جاك بيرك التى تقوم على فكرة التحريف المغرض والمتعمد للقرآن الكريم، رغم أنه أستاذ فى جامعة شهيرة بفرنسا، وعضو فى مجمع اللغة العربية، وهذا يعنى أنه متمكن من اللغتين الفرنسية والعربية معًا، وللأسف لاقت هذه الترجمة صدى كبيرًا فى كل العالم وانتشرت بشكل غريب، والكارثة أن كثيرين مسلمين ومعروفين صفقوا لترجمة جاك بيرك ولازالوا يصفقون له حتى الآن، رغم الأخطاء المعيبة التى اقترفها فى ترجمته للقرآن الكريم ومن ثم قررت أن أتصدى لترجمات المستشرقين جميعا بسبب ترجمة جاك بيرك.
ما هى الأخطاء التى رصدتيها فى ترجمة جاك بيرك تفصيلا ؟
استطيع أن أقول على سبيل المثال وليس الحصر، أن هناك أخطاء كثيرة بها إهانة للذات الإلهية وتعدى عليها بكل إسفاف فهناك آية "يتوب الله" فنحن جميعا نتفق أننا نفهمها تلقائيا بأن الله يتوب على عباده من الذنوب والخطايا لكن بيرك ترجمها بأن الله خطاء ويتوب والعياذ بالله، فهو غير آمين على الترجمة، بالإضافة إلى أنه كتب مقدمة من 82 صفحة تأتى بعد الترجمة كنوع من الاحترام للقرآن على حد قوله، والذى ينتقده فيها ويقول أن القرآن والإسلام غير صالحين لكل زمان ومكان و يجوز التشريع من خلال القرآن وأن لكل أجل كتاب، ولابد أن ينتهى القرآن فى يوم ما وأن سيدنا محمد نقل سورا وآيات نادرة كسورة الإخلاص من الشاعر فارمنتيس" وأن سيدنا أبو بكر هو من قال ذلك، وبالت إلى يقصد جاك ضرب الإسلام واقتلاعه من هذه الترجمة التى أجبرتنى على التصدى له و إخراج ترجمة دقيقة للقرآن بالفرنسية للرد على هذه الخرافات.
هناك مقولة من قديم الأزل أن القرأن لا يترجم وأن ترجمته خرافة ..فـهل هذا لم يشعرك بالتردد تجاه ترجمة القران وتراجعك ؟
لا شك أن ترجمة القرآن الكريم مسؤلية كبيرة لا يستهان بها وعمل شاق يحتاج إلى مثابرة وأمانه خاصه، إننى لست خريجة أزهر ودراستى ليس لها علاقة بذلك فأنا رئيس قسم اللغة الفرنسية بكلية البنات جامعة الأزهر ولكننى استشيرت استاذ اصول الفقه فى الشرع بالأزهر وشجعنى على الترجمة رغم أننى لا أخُفى شعورى بالرهبة والخوف، ولكنها نقطة التحدى التى حركتنى ودفعتنى لترجمة القرآن للغة الفرنسية دون تردد، فقررت التفرغ لهذه الترجمة وتوقفت عن كتابة مقالاتى الصحفية وكل شىء فى حياتى وأخذت عهد بينى وبين نفسى أمام الله لتخرج هذه الترجمة إلى النور بكل أمانة وإخلاص و كنت أصلى التهجد يوميا 15 ركعة واستغرقت منى الترجمة 15 ساعة يوميا لمدة 10 سنين
ما عى العقبات التى واجهتك اثناء الترجمة وكيف تغلبتى عليها؟
بالتأكيد هناك مشكلة كبيرة تواجه جميع المترجمين وليس أنا فقط وهى الإختلاف الكبير بين الوعائين اللغة الفرنسية والعربية، خاصة أن هذه الأخيرة شديدة الاتساع والجذر فيها يعطى 80 تصريفة على عكس الفرنسية التى تفتقد صيغ فعلية كثيرة بها تساعدنا فى الترجمة وقد تغلبت على ذلك بالرجوع للقواميس والبحث عن الكلمة والمقابل لها واحيانا أجد 5 إحتمالات للكلمة و ذلك كان يجعلنى أسئل استاذ الفقه بالأزهر واستشيره حتى استقر على أى منهما فى الترجمة والأقرب إلى اللغة العربية وهكذا .
وما الذى يميز ترجمتك عن الترجمات الاخرى للقرآن ؟
إننى لم أعتمد على إضافات أو شروحات أو هوامش كثيرة فى الترجمة مثل مترجمين كثيرون فهناك ترجمات، الآيه بها مترجمه فى 4 أسطر وطويلة للغاية وتشعر القارىء بالملل والتخبط فى المعنى، أى أنهم يفرضون على القارىء مفهومهم، أما أنا فقد إعتمدت على الأسلوب المبسط السلس الذى يوضح الفكرة والعبارة والكلمة دون ضياع المعنى الكلمة، وقد حرصت على أن تكون الهوامش بالترجمة فقط لإظهار قيمتها والإعجاز العلمى للآيات والقرآن للغرب وتوضيح هذا بالكلمات القليلة المبسطة خاصة أن الغرب لا يؤمن بالغيب ويحتاج لأدلة وبراهين ليقتنع .
هل جنت الترجمة ثمارها وحققت الاهداف المرجوة منها ؟
بالطبع أرى أنها حققت النتائج التى خططت لها منذ بداية كتابتها فقد أسلم 700 شخص فى إفريقيا بسبب هذه الترجمة وأبلغنى بذلك رئيس جمعية تبليغ الرسالة بالإسكندرية حيث أننى منحت لهم حق طباعة الترجمة وتوزيعها فى كل الدول بالخارج وهى جمعية خيرية لا تهدف للربح وشعرت بالسعادة والفخر من هذا الخبر الذى يثبت أننى قدمت عملاً جديرًا بالتفاخر، وقد طبعت أيضا الترجمة بإشراف جمعية الدعوة العالمية الإسلامية بليبيا وتعتبر جمعية نشطة جدًا ولها صدى كبير فى كل أنحاء العالم مثل الأزهر هنا فى مصر، ولنا مراكز فى كل البلادان حول العالم، و كانوا حريصين على توصيل الترجمة الجليلة للشعوب الفرتكفونية المتحدة بالفرنسية ويتولون توزيعه بأنفسهم، وجاءتنى ردود جيدة وإشادة من الفرنسيين يهنئوننى على هذا العمل وأسعدنى ذلك كثيرًا وكنت أتمنى أن تطبع هذه الترجمة من قبل الأزهر فى مصر وبالفعل قدمتها إلى المجلس الأعلى للشؤن الإسلامية وهوجمت كثيرا، ولكننى تغلبت على ذلك واستطاعت أن أواجه المغرضين بالأدلة والبراهين ودافعت عن الترجمة باستماته.
كيف أفادتك الترجمة على المستوى الشخصى ؟
إستطاعت أن أتعمق فى فهم القرآن وإستيعابه بصورة أدق واشمل ووجدت أن أى إنسان عادى كلما يقرأ القرآن فى كل مرة يشعر أنه ادرك وفهٌم آية معينة أكثر من قبل وهذا هو الفرق آما بالنسبة لتجربتى فى هذه الترجمة إكتشفت أنه كلما قرأنا آيات القرآن بتمعن تلقينا السورة الجديدة بوضوح أكثر من ذى قبل، و لفت انتباهى سورة "النور"وتعد الوحيدة التى تبدأ بأية "سورة انزلناها وفرضناها"، بمعنى أنها تشير إلى أن الآيات الموجودة بهذه السورة كلها فروض نلتزم بها وأتمنى أن تكون هناك دراسات وأبحاث حول هذه السورة تحديدًا لأنها من أعظم سور القرآن فى مدى اتساعها وشمولها بإختلاف تناولها الكثير من الموضوعات .