29 - 06 - 2024

الفخ

الفخ

تحالف أمريكا 1990 ضد صدام، بعد جر السفيرة الأمريكية "أبريل جلاسبي" له لغزو العراق.

وتحالف أمريكا 2014  لمواجهة صنيعتها، وصنيعة حلفائها السعوديين والخليجيين "داعش".

ما أشبه الليلة بالبارحة.

رغم كل الحملات الإعلامية الممنهجة المدعومة بفيديوهات دموية منفرة لـ"داعش"، تستهدف الجميع بلا إستثناء الشيعة والمسيحيين والأكراد بل وحتي العرب السنة، إضافة لذبح الصحفيين الأجانب، إلا أن هذا التحالف المزمع تشكيله لاقي انتقادات وتحفظ دولي، حتي من أهم دول حلف الناتو نفسها.

فرنسا انتقدت انفرادية واشنطن، وعموض نوايها الحقيقية من هذا التحالف، مصممة علي الإحتفاظ بإستقلاليتها، والقيام بضربات جوية خاصة بها، ورافضة علي لسان أحد ديبلوماسييها الكبار لـ"رويترز" أن يكونوا مجرد "مقاولين من الباطن" للولايات المتحدة.

وهو ما أيدته إيطاليا أيضا علي لسان وزيرة دفاعها "روبرتا بينوتي"، بقولها: "لقد اختار الأمريكيون تنفيذ ضربات جوية ولن نختر نحن ذلك بعد" ، مفضلة مساعدة المقاتلين السوريين والعراقيين لمواجهة مقاتلي داعش.

ألمانيا أكدت بصورة قاطعة أنها لن تشارك لا في حرب برية ، ولا حتي قصف جوي، مكتفية (مع فرنسا) بتسليح "البشمركة" الأكراد.

بريطانيا بدورها رفضت أي حديث عن تدخل بري، وأكدت هي وفرنسا وألمانيا علي حتمية أن يحظي أي عمل يتم ضد "داعش" في سوريا بالشرعية الدولية.

أيضا شن الإعلام الأوربي حملة علي "تحالف أمريكا" ، ووصفته "الإندبندنت" بـ"الحرب المستحيلة" مسستبعدة أن تحقق الضربات الجوية ما يتمناه أوباما، محذرة من تفضيل السنة في سوريا والعراق لـ"داعش" كأخف الضررين.

"الديلي تليجراف" انتقدت تخبط أوباما الذي اعترف أنه ليس لديه أي إستراتيجية لمواجهة "داعش"، وتغيير مواقفه من النقيض للنقيض حول عدم دعم المعارضة السورية، أو مسألة السيادة السورية، أو التعاون مع ميليشيات شيعية تدعمها إيران.

"الجارديان" حملت السعودية الحليف الأمريكي الأكبر المسئولية، مضيفة أن "الدعم الخليجي الطائش" هو الذي خلق "وحش" داعش، وحذرت من مخاطر تدخل ضخم يصعب التنبؤ بعواقبه، كتأثير تسليح المعارضة السورية علي موازين القوي، وربما العكس بإمكان تلاقيي المصالح الأمريكية مع إيران، وإحتمال وقوع الأسلحة الأمريكية في الأيدي الخطأ كما حدث في الموصل.

وهو ما أضافت له "الفاينانشيال تايمز" مخاوف السنة العرب من أن يصب ذلك في مصلحة إيران، ومزيد من التهميش لهم، وكذلك زيادة التيارات المتطرفة، وخشية حكام الخليج بغضبة سنية ضدهم.

غالبية الدول الأوربية تنظر لهذا التحالف، وكأنه "فخ" مشبوه لتحقيق أهداف أمريكية غير معلنة، ما أدي لتوافق بينها علي التنصل وقصر المشاركة علي المساعدات اللوجيتسية والإنسانية، مع التصميم علي ضمان مشاركة دول عربية كثيرة لتحميلها مسئولية تداعيات ما يمكن أن يحدث، وحتي لا يبدو الأمر وكأنها "حرب صليبية" غربية ضد الإسلاميين.

بينما يعترف "جون كيري" بعدم وجود خطة معلنة لدور كل دولة في التحالف، والشيطان يكمن في التفاصيل كما تقول "رويترز"، التي أوضحت رفض مصر ومعها تركيا والأردن للمشاركة لعدم الثقة في الأمريكيين، وكأنها أدركت هذه المرة، الفخ الذي تحاول أمريكا جرها إليه.

إلا أن تصريحات كيري الأخيرة بدور أساسي لمصر في محاربة "داعش"، ثم حديث وزير الخارجية المصري "الغريب!" عن ضرورة مواجهة الإرهاب في العراق أو أفريقيا، ثم تلميحه هو والسيسي أن تحالف أمريكا يجب ألا يقتصر علي "داعش" وحدها، يوحي وكأننا ننجر لـ"فخ كارثي" !.

##

مقالات اخرى للكاتب

بشرة خير !





اعلان