30 - 06 - 2024

الوزير الناقد لا يعترف بحق النقد!

الوزير الناقد لا يعترف بحق النقد!

قد يكتب صحفي مقالا ضد وزير من الوزراء في الحكومة التي تدير البلاد، ويغضب هذا الوزير ويرفع قضية ضد الصحفي أو جريدته هذا وارد. قد يغضب وزير الداخلية لأن صحفيا كتب ضده، هذا غير مستغرب. قد ينفعل وزير الاستثمار ضد صحفي هذا محتمل في مجال العمل الصحفي، لكن أن يغضب وزير ثقافة مصر المنوط به حماية حرية التعبير والدفاع عنها لدرجة أن يقيم دعوى سب وقذف ضد ناقد فني كتب مقالا فهذا هو الأمر المرفوض تماما، ليس لأن الوزير لا يمتلك حق إقامة الدعوى ضد منتقديه، لكن لأنه وزير الثقافة، الذي يتعامل مع الفنون والآداب وثقافة المجتمع،من ضمن المهام الموكلة إليه أن يحمي حرية النقد وحرية الاختلاف، ولا يجب مطلقا أن يحول الاختلاف إلى خلاف، بل من غير المقبول أن نجر الصحفيين والمبدعين إلى ساحات المحاكم حين يقومون بالنقد الموضوعي.قام السيد جابر عصفور برفع قضية سب وقذف ضد الناقد الفني طارق الشناوي الذي وصله إنذار على يد محضر يفيد بأن يمثل أمام النيابة العامة للتحقيق معه بسبب مقال بعنوان "وزير الانتقام"،نشر في جريدة التحرير بتاريخ 26 أغسطس 2014،ذكر فيه أن وزير الثقافة كان السبب وراء قرار الإطاحة بأمين عام المجلس الأعلى للثقافة د.سعيد توفيق، وأوضح ملابسات هذا القرار، إضافة لأنه كان سببا فى إقالة كمال عبد العزيز رئيس المركز القومى للسينما. ألا يعرف وزير الثقافة أن من أبجديات العمل الصحفى أن من يكتب مقالا ضد مسؤول ما أو حتى مواطن عادي من حق من يكتب ضده المقال أن يرد في نفس الجريدة، بل ويأخذ نفس المساحة إن لم يكن ضعفها؛لتوضيح الحقائق،حيث يكفل القانون حق الرد فى ضعف المساحة، وفى حالة رفض الجريدة نشر الرد يلجأ للقضاء، ولكنه لم يرد على شىء وفضّل الخروج على العرف الإعلامي الذي يمارسه هو شخصيا حيث دأب على كتابة مقال في جريدة الأهرام، إلى ساحات القضاء. من يقرأ مقال الشناوي يجده لا يخرج عن كونه تعبيرا أدبيا عما حدث من إقالات، غير مبررة بنظره،ولم يهاجمه شخصيا،حيث يقول الشناوي:" كان أول قرار فى قائمة الانتقام التخلص من أمين عام المجلس الأعلى للثقافة، وعدد كبير من أعضاء المجلس يعرفون الحقيقة المسكوت عنها، ولكنهم بسبب علمهم بشخصية جابر الانتقامية يؤثرون السلامة. الذى يتم تناوله همسا هو أن جابر لم يكن فى القائمة القصيرة وهم الخمسة الذين سيتم اختيار أحدهم لجائزة النيل، القائمة لا تعلن رسميا، ولكن من السهل على رجل عتويل مثل عصفور أن يعرف بالضبط ما الذى جرى فى أثناء التصويت، عندما كان عصفور بعيدا تماما عن الصورة، فهو حتى اللحظات الأخيرة لم يكن يعتقد أحد أنه من الممكن الدفع به وزيرا، وعلى الفور كان أول قرار اتخذه بمجرد اعتلائه الكرسى اعتذاره عن الجائزة، وهو موقن أنها ليست له، ولكنه يكسب بُنطا لدى الرأى العام".

 من حق الكاتب أن يكتب بحرية وينتقد من يشاء طالما لم يخرج عن إطار النقد، ولم يستخدم تعبيرات نابية أو هجوما شخصيا ضد شخص ما وليس الوزراء فقط.من حق الكاتب أن يكشف المسكوت عنه ، وما لا يُقال خوفا من سلطة أو حرصا على مكسب ما، وإلا ما جدوى النقد الذي يمارسه الوزير شخصيا، فالجدير بالذكر أن السيد الوزير قبل أن يشغل هذا المنصب فهو يصنف في المشهد الثقافي ناقدا، والناقد إن لم يمتلك العقل النقدي والمراجعات وتعرية المسلمات لا قيمة لكلمته. لم نعهد في وزراء الثقافة السابقين،إقامة دعوى ضد أحد الصحفيين والكتاب، فهل يفعلها وزير التنوير وهو في كامل وعيه؟!لم يفعلها فاروق حسني الذى ظل وزيرا للثقافة لمدة 25 عاما، والذى كانت كل الجرائد تهاجمه بضراوة كل يوم على صفحاتها، ولم يجرؤ على رفع دعوى ضد أى كاتب، يا وزير التنوير وحرية التعبير من حقنا أن ننتقدك، ومن حقك الرد على ما نقول، في إطار حضاري يكفل حرية التعبير والنقد.

مقالات اخرى للكاتب

سيدي الرئيس: لا يكفي أن تهتف لمصر في الأمم المتحدة !!





اعلان