16 - 08 - 2024

مصالح العرب والأمريكان في الحرب "داعش"

مصالح العرب والأمريكان في الحرب

القاعدة تقول "غالبا ما يقع السحر على الساحر"، و "على نفسها جنت براقش" هذا المثل ينطبق بالتمام والكمال على حملة وتحالفات "الحرب على داعش"، والتي تستحق من وجهة نظري الابادة، فمثل هذه التنظيمات هي نبت شيطاني ظهر في مجتماعات الدول العربية، وحتما لها جذور في الخارج، إتساقا مع تاريخ التنظيمات الارهابية في العالم.

"داعش" و"أنصار بيت المقدس" و"جبهة النصرة" وغيرها ومن قبلهم "القاعدة"، من التظيمات التي إتخذت من العنف وسيلة، وتأسست بغطاء من دول كبيرة سواء في الغرب أو في المنطقة العربية والشرق الأوسط، وإن لم يكن كذلك، فمن أين إذن تتدفق الأموال والأسلحة والعتاد العسكري علي مثل هذا التنظيما؟!.

ولاشك أن ما إنتهى اليه إجتماع جده، وإجماع والتزام 11 دولة على  العمل معاً على محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي، والتعهد بمواجهة الإرهاب والخطر الذي تمثله الجماعة المتطرفة، والالتزام بالوقوف متحدة ضد هذا الخطر على المنطقة والعالم، كل هذا أمر مهم وهي ما سيستفيد منه "أوباما" قبل العرب في تحسين صورته، ومواجهة التنظيم الذي صنعته دول الغرب ومنها الولايات المتحدة.

وفي إجتماع جده "وافقت الولايات المتحدة ومصر والعراق والأردن ولبنان والسعودية والامارات والكويت وسلطنة عمان والكويت والبحرين وقطر وتركيا على وقف تدفق الأموال والمقاتلين على "داعش" والعمل على المساعدة في إعادة بناء المجتمعات التي روعها التنظيم بأعماله الوحشية"، ودققوا في نص ما خرج من الاجتماع، وتحديدا "وقف تدفق الأموال".

الأمر حتى هنا جيد ويتفق من رؤى "جُل" دول المنطقة العربية، ويتسق مع حالة القلق والتخوفات من هذا التنظيم الذي ظهر بالتدريج في منطقة الشام والعراق، بالتوازي مع ثورات "الربيع العربي" وبالتوازي مع بروز تنظيمات إرهابية مماثلة في كل من مصر وتونس وسوريا، وليبيا، وفي اليمن وفي بلدان أخرى بدرجات متفاوتة في الإمارات والسعودية والأردن.

وكل هذه الدول وغيرها أبدت قلقها وخاضت وتخوض حروبا ضد كل هذه التنظيمات، في وقت ظلت التدفقات المالية والأسلحة تنهال على الإرهابيين من دول محددة، بعضها شركاء في "تحالف محاربة الاهاب"، وفقا لأعضاء من التحالف الجديد نفسه، حيث وردت إتهامات رسمية بشأن التمويل والدعم للارهابيين لكل من تركيا وقطر، وفي مراحل سابقة كانت أصابع الاتهامات تتوجه الى السعودية.

ومن المؤكد أن الجميع أدرك الخطر من تنامي التنظيمات الإرهابية ليس في المنطقة، بل في العالم، بعد وصولها الى ضرب مصالحها الخارجية، وهو الدافع الرئيسي وراء التحرك الأمريكي السريع، والذي قاده الرئيس "أوباما" والعمل على الحشد الدولي ضد "داعش" بشكل محدد، وليس ضد تنظيمات أخرى، وهو، في رأي، ما دفع وزير الخارجية المصري "سامح شكري" للمطالبة في كلمته خلال إجتماع الرياض "بدعم مصر في تحركها ضد الإرهاب وتنظيماته المختلفة"، في إشارة واضحة لوقف كل أعمال الدعم للإهاب وليس الحديث عن "داعش" فقط.

إذن أن الحرب على داعش، ورغم أهميتها فهي مصلحة "أمريكية" بالأساس، والتي تحركت عندما بدأ يصل الى مصالها وإستثماراتها في شمال العراق، وتحديدا في مناطق "كردستان"، ومن زار هذه المنطقة يدرك للوهلة الأولى السبب في سرعة التحرك الأمريكي ضد داعش، بينما لم تتحرك قيد "أُنملة" بشأن ما جرى في مصر وسيناء بالتحديد، وما جرى في ليبيا، أو حتى في مالي، التي تحركت فيها فرنسا من أجل مصالحها هي الأخرى.

أعتقد أن الأمر برمته يعيد لنا التاريخ بشكل جديد، وهنا نتذكر ما قاله أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة ، والذي قال "لقد تقاطعت مصالحنا مع الأمريكيين في الحرب ضد روسيا، فتعاونا معها، واليوم "وقت التصريحات" إختلفت المصالح فأصبحت عدوا لنا" فالتاريخ يعيد نفسه، فعندما أرادت عدد من الدول محاربة روسيا قامو بدعم  جماعة طالبان والقاعدة والجهاد وغيرها في أفغانستان وتحولت الصداقة لعداء بعد ذلك، عندما تضاربت المصالح، وهو ما نراه في "داعش".

ويبقى السؤوال المهم أو قل التساؤلات، من سيتحمل فاتورة محاربة داعش؟، فمن المؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية، تسعى الى أن يتحملها العرب، ودول الخليج تحديدا، ليس ماديا فقط بل معنويا، وربما بشريا، حيث تسعى أمريكا للحصول على موافقة ودعم مصري كامل، دون أن تلتزم بحرب مصر على الارهاب محليا.

والسؤال الثاني يتعلق بموقف كل من تركيا وقطر، فهل تقتنع كل منهما بأن الحرب على الارهاب لا تتجزأ، فسمات "داعش" هي نفسها ما ترتكبه جماعات وتنظيمات أخرى في مصر وليبيا، واليمن وتونس، وسوريا، ومن الأسئلة أيضا، هل سنفاجأ بان الولايات المتحدة ومن ورائها الغرب وخصوصا بريطانيا ستعمل على خلق تنظيمات إرهابية أخرى لضرب العالم العربي والإسلامي، ثم تُعيد الحرب عليها عندما تطالها وتتضارب مصالحها معها.

أنا على يقين أن سياسة أمريكا لن تتغير، ودائما سيقع العرب في الأفخاخ الأمريكية، والفاتورة يتحملها المواطن العربي، وأتمنى أن يدرك الحكام والحكومات للمرة الألف مخاطر سياسات الأمريكان، ويصلوا الى إتفاقات وتفاهمات تحقق مصلحة مواطنيهم أولا وليس المواطن الأمريكي.

##

##

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | تعليم