17 - 08 - 2024

السيسي ومهمته الصعبة في نيويورك

السيسي ومهمته الصعبة في نيويورك

 يدرك الرئيس السيسي انه قبل ان يتوجه ال? نيويورك  اليوم / الأحد 21 سبتمبر/ للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فان ملف حقوق الانسان واوضاع الحريات في مصر قد  سبقه  ال? هناك. هو احد اهم الملفات الساخنة التي سيجد الرجل نفسه في مواجهتها ومضطرا لتقديم اجابات عن عشرات الأسئلة حولها للمجتمع الدولي الذي يبدو منزعجا وبعضه قلقا لاسيما على ضوء تقارير المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية التي رصدت تدهورا فادحا في اوضاع حقوق الانسان خلال العامين الاخيرين وان سقف الحريات تراجع عما كان عليه الحال حت? في عهد مبارك.

 السيسي في مهمة صعبة ومعقدة .. هو يذهب ليقدم نفسه للمجتمع الدولي للمرة الاولى كرئيس لمصر بعد 30 يونيو  وهذه فرصته الذهبية ليخاطب العالم  من منصة الامم المتحدة ،لكنه يبدو مكبلا بكثير من الأسئلة عن حقيقة الاوضاع في مصر  بعد الاطاحة بحكم الاخوان المسلمين. ربما يكون  التوقف عند حقيقة جرى  في 3 يوليو  حديثا  تجاوزته الوقائع على الأرض لكنه التساؤلات حوله لاتزال حاضرة وملحة وبشكل خاص عن مستقبل التحول الديمقراطي في  وما تراه كثير من الدول المجتمعة قلقا مشروعا على مستقبل الحريات في مصر.

 وبقدر ما يشكل اجتماع الامم المتحدة فرصة  امام السيسي  لتحسين صورة مصر في الخارج وتبديد المخاوف الدولية بشأن مستقبل الاستقرار السياسي في مصر في مواجهة الدعاية الاخوانية المضادة،  فانه قد يساهم في تعميق هذه المخاوف وتأكيد  خطاب الاخوان عن مخاطر انزلاق البلاد للفوضى بسبب ممارسات النظام الحالي القمعية .

أمام الرجل خياران، إما تجاهل هذه المخاوف الدولية وتجاوز الحديث  الوضع الداخلي المصري  والاكتفاء  فقط بالتركيز على الحرب على الارهاب وهذه هي أهم ورقة يملكها السيسي الان  لاسيما وان تطورات الاحداث في المنطقة  تؤكد صحة مخاوفه وتحذيراته من خطر الارهاب على ضوء تصاعد مخاطر داعش ، وإما أن يقدم  خطابا يحمل اجابات أكثر اقناعا واختلافا عما يقوله ال اعلام الموالي بشأن تساؤلات الخارج عن حقيقة الوضع في مصر ومدى تماسك الجبهة الداخلية . لن يكون بمقدوره  في ظني تجاهل القلق الدولي  لانه يدرك ان مصر لا تعيش بمفردها في هذا العالم وان ما يحدث فيها يهم الكثيرين ،كما أن الوضع الداخلي في مصر  سيكون  حاضرا خارج اسوار الامم المتحدة حيث يحتشد مؤيدوه وانصاره في مواجهة خصومه من الاخوان وانصارهم  في مظاهرات  متزامنة ، وربما  ستصل اصوات هتافاتهم وشعاراتهم المتباينة والمتصارعة  إلى داخل آذان المجتمعين 

 من هنا يبدو السيسي  مطالبا بتقديم اجابات مختلفة عن تلك يقدمها بعض المسؤولين  برطانة لا تقنع الكثيرين في الداخل والخارج ،  أو يلوكها الإعلام الموالي للسلطة بشكل هزلي عن المؤامرة الكونية التي تتعرض لها مصر وشعبها او الحديث عن تواطؤ منظمات حقوق الإنسان الغربية مع الاخوان المسلمين واختراق التنظيم العالمي للاخوان للصحافة الغربية لتشويه صورة مصر في الخارج.

بالتأكيد سيجد مبرر خطر الإرهاب الذي سيسوقه السيسي امام المجتمعين تفهما واذانا صاغية لاسيما وانه ياتي في ظل استمرار العمليات الإرهابية في سيناء وغيرها من مناطق مصر ال? جانب ، وهذا الاهم ، تشكيل تحالف دولي بقيادة واشنطن لمحاربة داعش وفي هذا ما يدعم موقف القاهرة في مخاوفها وتحذيراتها من الارهاب وبالتالي تبرير ما قد يقع من انتهاكات لحقوق الإنسان ، لكنه لن يكون كافيا لتحسين صورة مصر وتبييض سجلها الحقوقي فهذا لن يكون الا بتبييض السجون من كل من تم سجنهم ظلما ودون جريمة حقيقية وبدون اجراءات ملموسة تؤكد جدية السلطة الراهنة والتزامها فيما يخص ملف الحريات والديمقراطية وهو امر لا يبدو واضحا حتى اللحظة . وعلى صحته من الناحية  الشكلية فلن يكون مقنعا لاحد القول انه لا يوجد معتقلون في مصر وان كل من داخل السجون اما يقضون عقوبة او انهم محبوسون عل? ذمة قضايا فكثيرون في الداخل والخارج يدركون ان شبهة التسييس والانتقام ودلائل التلفيق كانت حاضرة في كثير من القضايا وان السجون تعج بالمئات من الذين يحاكمون بتهمة انتهاك قانون التظاهر المرفوض من كل القو? السياسية والحقوقية والذي يشكل مخالفة صارخة للدستور ذاته. الجميع يعلم ان القضاء وجد نفسه سواء مضطرا او مختارا جزءا من مشهد الصراع السياسي الذي اعقب مشهد 3 يوليو وهذا ما جعل شبهة التسييس  في بعض الاحكام حاضرة. لقد ساهمت الممارسات القمعية ومحاولة تأميم الفضاء العام في تعقيد الموقف وزاد من صعوبة مهمة السلطة الحالية برئاسة السيسي في مواجهة الانتقادات الدولية ،فبعد ان كانت تخوض معركة للدفاع عن شرعية ما حدث في 3 يوليو والتأكيد عل?  انه استجابة لإرادة الشعب وليس انقلابا عسكريا وجدت نفسها، نتيجة الاخطاء وتقديم الأمني عل? السياسي، تواجه معركة اخر?  للدفاع عن هذه الممارسات.. لا يمكن انكار ان خصوم السلطة الحالية يخوضون معركة استنزاف ضدها سواء عبر الاحتجاجات او اعمال العنف او الاعمال الإرهابية هنا وهناك او من خلال نشر الشائعات  والبلبلة، وهو ما يجعل السلطة في حالة استنفار ويدفعها للجوء  للحلول الأمنية، وربما يكون تنظيم الاخوان ،بما له من علاقات في الخارج وبما قدمه من معلومات وارقام حول ضحايا اعمال العنف والقمع والقتل التي اعقبت الاطاحة بمرسي، قد نجح في الحصول على تعاطف ودعم الأوساط الاعلامية والحقوقية في  اوربا  وامريكا لكن ذلك ليس وحده ما يفسر الصورة  القاتمة  التي ترسمها هذه الأوساط للوضع الحقوقي في مصر بل هناك اسباب موضوعية كثيرة  للقلق على مستقبل الحريات في مصر ومد? التزام السيسي ونظامه باحترام ودعم الحريات والتحول  الديمقراطي في البلاد وتحقيق الاهداف التي ثار من اجلها المصريون ضد الاستبداد وهذا ما سيكون مطالبا بتقديم اجابات عليه تقنع المجتمعين في نيويورك لكن الاهم وقبل ذلك كله تقنع المصريين القلقين على مستقبل بلدهم وحرياتهم وهذا ما ننتظره ..

##

 

مقالات اخرى للكاتب

وحدهم الأحرار من عبروا  إلى النصر!