أحياناً يستقل الفص الأيمن للمخ التاكسي الأبيض من تلقاء نفسه، ويقرر الإبحار في التاريخ وعينه على العداد، أولاد الحرام ماسبوش لأولاد الحلال حاجة، ماذا لو قدر لك الرجوع بالزمن للوراء، ماذا لو قدر لك العيش في زمن "الملك فاروق"، لتهتف "سعد سعد يحيى سعد"، ماذا لو كانت العصور الوسطى، تخيل نفسك واقف بجوار "ويليام والاس" وهو يحذر الاسكتلنديين من التصويت بـ "لا" على استفتاء الاستقلال، و"ديفيد كاميرون" وهو يقف منفوش الريش قائلاً: (قالت الصناديق للمملكة نعم)، طيب دعك من العصور الوسطى، لنعود بالزمن للوراء أكثر وأكثر، عودة لعصر العرب في شبه الجزيرة العربية، قبيلة تـمـيـم، أعظم القبائل العربية في عهد ما قبل ظهور الإسلام.

نعيم ما بعده نعيم يا عم الحج، تخيل نفسك سيد من أسياد تـمـيـم، حاجب بن زرارة التميمي مثلاً، عندك المال الوفير، والسيارة الـ Land Cruiser آخر موديل، الخيمة المكيفة، عندك زوجة واحدة أي نعم، لكن ملك اليمين عددهم في الليمون، لا زوجة تقولك رايح فين وجاي منين؟؟ ولا كهرباء تقطع، ولا يضحكوا عليك في المدرسة ويطلبوا رشوة على هيئة تبرعات من أجل قبول ابنك في المدرسة لأنه تحت السن.

الشيطان لا يتركك في حالك، فكما يوسوس لك بشكل الحياة في نعيم ملك اليمين، يمكنه أن يوسوس لك أنك منحوس منحوس منحوس يا ولدي، فبدلاً من أن تصبح سيد من الأسياد، فإذا بك أصبحت عبداً من العبيد، أو خروفاً من الخراف، المصيبة أن يكتمل النحس لتجد سيدك – لا مؤاخذة - شمال، وقتها لو قال لك: (تعال في الخيمة) وهو ينظر بطرف عينه نظرة ذات مغزى، لن تستطيع أن تقول له: (لااااااا)، عباس الضو لم يكن موجوداً في هذا الزمان.

في قبيلة تـمـيـم لن يهرب المساجين من قسم الشرطة، ولو هربوا ستجد الحرس ورائهم على ظهر الجياد، لعبة Candy Crash  ليس لها وجود في هذا الزمان، بالتالي الكل صاحي ومصحصح، السباحة والرماية وركوب الخيل هي الألعاب الأساسية وقتها، وتقام مسابقات Play Station عالمية برعاية عمرو بن الأهتم في برج الرياض الدولي.

طبعاً 90% من هذه الخيالات يستفيق منها العقل بعدما اصطدم التاكسي في تلك السيارة التي تقودها تلك السيدة المستخدمة لفصها الأيسر، والتي تعرف عن القيادة ما يعرفه قط الجيران عن شكسبير، أو بسبب تلك السيارة التي تسير عكس اتجاه بعدما ترك رجل المرور مكانه ليأخذ Tan في الساحل، أو بسبب زوجتك التي نكزتك في كتفك سائلة عن سبب سرحانك، قولي اسمها إيه؟؟ عرفتها منين؟؟ بتخوني يا خاين، بتخدعني يا خداع، يا ستي والله أبداً.

نعم... لا يستطيع أي منا أن يعيش إلا في زمانه، أفكار مؤلفي الكتب وسيناريوهات الأفلام التي تتحدث عن السفر عبر الزمن أو إيجاد أكسير الحياة بحثاُ عن الخلود ليست إلا هروباً من الواقع، أو محاولة للعيش أطول فترة ممكنة في مجد وشهرة (دائرة الضوء يعني) قد يكونا زائفين.

لذلك أطلب منك أن تنسى الخيال لثواني، وتنظر للواقع من حولك، مصر ليست جنة الله في أرضه كما يحلو لبعض المطبلاتية أن يصفونها، كذلك ليست نار الله الموقدة كما يحلو لبعض الخونة أن يصفونها، هي مزيج من ذلك وذاك، هي تحتوي على الجيد والأجود، هي تحتوي على السيئ والأسوأ، هي لا تحتوي على القعقاع بن عمرو التميمي، على الرغم من أنها تحتوي على عبد الله ابن سبأ.

أنظر حولك، وابحث عن الجيد، أنظر حولك ولا تستسلم للشائعات، أنظر حولك وحاول أن تكون طاقة ايجابية في المكان، أنظر حولك وفكر في كيفية اصلاح السيئ، وكيفية معالجة الأسوأ، أنظر حولك حتى نتخلص من عبد الله بن سبأ، أنظر حولك حتى يمكنك بناء قعقاع جديد، أنظر حولك وستعلم أنك تعاني من بعض السلبيات والأخطاء والمشاكل، لكن مش برضه أحسن من "بنو شهر" و"بنو عبس".

##