29 - 06 - 2024

سم يفتك بالأجساد و فكر يخرب العقول

سم يفتك بالأجساد و فكر يخرب العقول

ان حياة الانسان تقوم على جسم سليم و عقل سليم و إذا اعتل احدهما ، اختل التوازن لديه و افتقد لذة العيش و طيب الحياة، فما بالك اذ اختلا العنصران معا عندئذ يصبح الانسان اقرب الى الموت منه الى الحياة او تحت موت مؤجل التنفيذ . فماهي أسباب هذا الاختلال و ماهي نتائجه؟

لقد عانى الإنسان في هذا العصر، عصر الحربين، معاناة قاسية من النظريات المتوحشة، من الفاشية، و النازية و الميز العنصري، و الحرب الباردة بين المعسكرين، فقسم العالم من جديد تنفيذا الاستراتيجيات و مصالح و احتلت الشعوب تحت مسميات عدة، بدعوى التحضير و إخراجها من التخلف إلا ان العكس هو الصحيح لان الاستعمار قام على نهب خيرات هذه الشعوب و استعبادها.

فكان النتاج إجمالا ملايين القتلى بآفتك الاسلحة و افراغ قنابل النووي التي حرقت الارض و البشر و ملايين المعتوهين            و المشردين و قس على ذلك.

 وفي المقابل انعدمت الاخلاق و جفت الاخلاقيات فنشا عالم جديد لا يقل ابادة عن عالم الاستعمار و هو عالم المافيا التي زادت في تعاسة البشرية و ألامها بزراعتها للمخدارات و المتاجرة فيها، هذه الافة التي سرعان ما لاقت رواجا كبيرا و مسالك عديدة فانتشرت في كل اصقاع المعمورة ابتداء من امريكا اللاتينية مرورا بآسيا و اوروبا وصولا الى افريقيا.

انها تجارة مربحة لأنها وراءها تنظيمات كبيرة و تنظيم محكم و معقد و عقيدة الانتصار و الربح الوفير او الموت تقودها عصابات محنكة الفكر و التدبير و مشهود لها بالمواجهة و القتال.

لقد اكتسحت هذه السموم العالم و خربت العقول و جردت مستعمليها من كل خصائص الكائن البشري السوي و اتت على ماله و اخلاقه و غذت فيه الفعل المشوه و الانحراف و الجريمة و كلفت الحكومات الأموال الطائلة لمحاربتها...

ان الذي زاد في مأساة الإنسانية اليوم هو الإرهاب ، هذا التطرف الفكري الذي يمارس العنف ضد كل رأي مخالف لنظرياته و هو يقوم اساسا على التكفير و التحجير و التصفية الجسدية، وقد التصق هذا المفهوم بجماعات اسلاماوية، معادية و خوارخية.

ان الارهاب ظاهره محاربة الكفر و باطنه الاستيلاء على السلطة، و هو نتاج تصحر ثقافي و ديني و تفقير فكري، لا يمت للإسلام بصلة لان الإسلام دين اعتدال و تسامح، يقوم على الدينامكية و ليس على التحجر ، فانظروا كم ساهم أولئك في إضعاف الدول و تفكيكها و كم حصدوا من رؤوس و نكلوا بجثامين و كم افقدوا البسمة لعائلات و كم استقطبوا من الشباب و غرروا به بعد أن استغلوا شذاجته و غسلوا أدمغته.

بالأمس كان النضال من اجل تحرير الشعوب المضطهدة و القضاء على الميز العنصري و من اجل ترسيخ قيم انسانية تسعد البشرية و مشتركات توحد بينها.

فماهي رسائل هذين التنظيمين، الذين كونا دولة داخل الدولة "دولة المخدرات" و "دولة الإرهاب" لتسميم أجساد الآدميين و الفتك بهم و افساد العقول و السير بها إلى الهدم عوض البناء.

 

مقالات اخرى للكاتب

العرب بين ماض متوازن و حاضر مغتصب





اعلان