29 - 06 - 2024

السيسي .. والمأزق الأردوجاني

السيسي .. والمأزق الأردوجاني

حين يفقد رئيس دولة أعصابه في الأمم المتحدة ، ويقوم وزير خارجيته بسب ديبلوماسيي دولة أخري بأنهم "معقدين نفسيا" ، فإعلم أن هذا نظام .. بدأ يشعر وبقوة بالفشل والخطر.

عصبية أردوجان لا علاقة لها بتبعية لأمريكا، لأن السعودية والأردن والخليج بل ومصر نفسها يعدون كتابعين لأمريكا، ولا حتي بدعمه للإخوان وحده، بل لحكاية أخري بدأت بوصول حزب "العدالة والتنمية" للسلطة عام 2002 ، وإصطدامه برفض ضمهم للإتحاد الأوربي.

ما أدي حينها لتطبيق نظرية جديدة لمهندس العلاقات الدولية التركية "أحمد داود أوغلو"، بفكرتين رئيسيتين:

الأولي بعودة تركيا لتستمد قوتها من عمقها الإسلامي وجذورها التركمانية في وسط آسيا، وإحياء فكرة "الإمبراطورية العثمانية"، ليكون الإتحاد الأوربي هو من يطلب ودها لا العكس.

والثانية مرتبطة بالأولي، طبقا لنظرية أوغلو "المشاكل مع الجيران = صفر" ، لتكون كل دول جوار تركيا حلفاء لها، وهذا أدي لعلاقات عسكرية مع إسرائيل، وتنسيق سياسي مع إيران وسوريا، وعلاقات ودية متعددة سياسيا وإقتصاديا وثقافيا فنيا، مع كافة الدول الشرق أوسطية والعربية .

لكن تزايد النفوذ والهيمنة الشيعية والإيرانية في العراق بعد الإحتلال الأمريكي في 2003 ، مع نفوذها في سوريا ولبنان، وتزايد النفوذ السعودي في المنطقة، أخل بمعادلة التوازن في غير صالح أنقرة.

وحين قامت الثورات العربية، توهم أردوجان ورفاقه أن سيطرة قوي الإسلام السياسي (باعتبارها القوي الوحيدة المنظمة) علي الحكم في تونس ومصر، وربما الجزائر والمغرب والأردن، وقبلها حماس في فلسطين، وبعدها سوريا واليمن، إضافة للإسلاميين في الخليج ، قد يؤدي في النهاية لحلم إستعادة الإمبراطورية التركية بالمعني الوطني (لا الخلافة بالمعني الديني) لتكون تركيا زعيمة العالم الإسلامي، بما يشابه زعامة الولايات المتحدة للدول الغربية.

والثورة السورية كانت تمثل فرصة لها من خلال دعم الجيش الحر والقوي الإسلامية ماليا وعسكريا ، لها لزيادة نفوذها هناك علي حساب النفوذ العلوي ، وبالتالي الشيعي الإيراني هناك.

إلا أن سقوط الإخوان في مصر، وتراجع نفوذهم في تونس بعد تعلمهم الدرس وقبولهم توزيع السلطة، وفشل الثورة اليمنية، وإنكشاف قوي الإسلام السياسي، أنها ليست بأفضل من الفاشيات الموجودة، إن لم تكن أسوأ، أجهض الحلم.

ثم تزايد الخطر مع فشل قوي المعارضة في إسقاط النظام السوري، مع تزايد النفوذ السعودي والقطري عليها، ثم ظهور داعش،  وتغيير قواعد اللعبة، ووجود قلق كبير من إبقاء نظام الأسد كأخف الضررين.

هذا إضافة لقلق كبير من أن يؤدي تدمير داعش لترسيخ النفوذ الإيراني في سوريا والعراق، وتزايد النفوذ الكردي العراقي والسوري المسلح فرنسيا وألمانيا (لمواجهة داعش)، ما يغري لإقامة دولية كردية عراقية وأخري سورية، يصبح توحدها مع كردستان التركية (وبالتالي تقسيم تركيا ) .. مجرد مسالة وقت !

الأمر الذي يفسر عصبية أردوجان ، لأنه لا يمثل فقط لطمة لسياسته الخارجية ومشروعه ،بل إعلانا بفشل يهدده بالسقوط التام. 

بالمقابل بينما تعاملت الخارجية المصرية بإحترافية مع إنتقادات أردوجان بالإنقلاب وقمع الديمقراطية والحريات ، فقد رد "السيسي" عليها في الإعلام العالمي، بعبارات مثل " إن وجود عدد كبير من المعتقلين في مصر أمر طبيعي" ، و "لو الإخوان دخلوا البرلمان ، فإن الشعب المصري سيسقط البرلمان".

بينما رد علي ما أردوجان نفسه بقوله : "وأنا صغير كان فيه ناس بيضربوني ، كنت باقولهم إيه بقي ، بكره أكبر .. وأضربكم" !

##
##

مقالات اخرى للكاتب

بشرة خير !





اعلان