24 - 06 - 2024

يا صديقي.. كلنا "فلول"

يا صديقي.. كلنا

البعض منا في هذه الآونة إذا أراد أن يلصق تهمة بآخر تكون وصمة عار عليه، يصفه بأنه من فلول الحزب الوطني، ليتبادر إلى ذهن المستمع أو المشاهد قائمة طويلة من الاتهامات التي مارسها النظام السابق ابتداء من السرقة والرشوة وليس انتهاء بتبديد المال العام وافقار الشعب وإذلاله.

لكن الأمر الذي لا يقل عن ذلك أهمية وخطورة، هو مدى انتشار تلك الصفات المذمومة في حياتنا كأفراد عاديين لسنا من أعضاء الحزب الحاكم المنحل، فرغم زوال الحكم الذي كان جاثما على صدورنا ما زالت الرشوة عنوانا لكثير من معاملاتنا التي لا تسير خطوة واحدة إلا ببنزين "البقشيش والمقسوم". 

كما أننا ما زلنا نعطّل مصالح غيرنا لأننا لا نعرفه ولم يأت من خلال واسطة أو مسؤول كبير، وحتى الآن نطبق مبدأ "على قد فلوسهم"، فنعطل المراكب السارية ونوقف المعاملة المكتملة، لا لشيء إلا نكاية في عباد الله وتطبيقا لكل معاني البيروقراطية. 

أليس ما نفعله حتى الآن، هو ما رفضناه من أتباع الحزب الوطني المنحل والمستنفعين من الحقبة "المباركية" التي ذقنا فيها صنوف العذاب أشكالا وألوانا وتجرعنا فيها كاس المرارة والحرمان ليلا ونهارا؟.

إن من يرفض أفكار وممارسات الحزب الوطني سابقا، عليه ألا يأتي بها هو؛ لأنه من العار علينا بعد أن ولدنا من جديد أن نقع في نفس الأخطاء ونرتكب نفس الأفعال الشنيعة التي أخذت مصر إلى طريق اللاحضارة ووضعتنا في مصاف الدول المتخلفة. 

ما نحتاجه إليه الآن وبطريقة ملحة، ألا نكون من فلول الحزب الوطني البائد، لان الارتباط بهذا الحزب لا يقتصر على استخراج شهادة عضوية تفتح الأبواب المغلقة، وإنما يمتد إلى إفساد الحياة العامة ونشر أفيون " الواو" و استنشاق هواء السرقة والاعتماد على غذاء الكذب.

فمن يأتي بتلك الأفعال هو من فلول الحزب الوطني جملة وتفصيلا، والفارق الوحيد بينه وبين هؤلاء انه لا يمتلك "كارنية" العضوية السحري وانه لم ينزوِ عن الناس خوفا أو خجلا منهم. 

صدقوني فأحوج ما تريده مصر منا في ذلك الظرف التاريخي العصيب، أن نغير من سلوكيتنا وأعمالنا المضرة للآخرين، ما يريده ذلك البلد الطاهر أن نقدم مصلحته على انتماءاتنا الحزبية والسياسية والفكرية، لتكون مصر أولا وخدمة الناس ومساعدتهم هي الأولوية القصوى في حياتنا وشعارنا الأسمى في أعمالنا وحركاتنا وسكوننا في دماءنا وعروقنا.. ذلك  من تحتاجه مصر من أبناء ثورتها.   

وأخيرا .. فاحذر يا صديقي أن تكون من "الفلول"

مقالات اخرى للكاتب

يا صديقي.. كلنا





اعلان