28 - 06 - 2024

سيدي الرئيس: لا يكفي أن تهتف لمصر في الأمم المتحدة !!

سيدي الرئيس: لا يكفي أن تهتف لمصر في الأمم المتحدة !!

"تحيا مصر" هكذا نطق بها الرئيس على منصة الأمم المتحدة، بل كررها مرات بعد أن تحدث عما يريده لمصر المدنية الديمقراطية، وانطلقت عاصفة من التصفيق، ليس من الجالسين أمام الرئيس في قاعة الأمم المتحدة فقط، بل وفي كل أرجاء مصر ونواحيها، وانطلقت التحليلات السياسية هنا وهناك على شاشات الفضائيات تحلل الظرف التاريخي الذي هُتِف فيه ولأول مرة على منصة دولية لدولة من قبل رئيسها. وكذلك اُشعِلت مواقع التواصل الاجتماعي من فيس بوك وتويتر ضد الخطاب ساخرة منه أو متحمسة له وللرئيس. صحيح أنها سابقة لم تحدث في التاريخ الحديث أن هتف رئيس دولة هكذا، لكن هذا لن أتوقف أمامه كثيرا فقد قيل فيه الكثير كما أسلفت، كما أنني لن أفيض في الحديث عن لغة الجسد التي تمتع بها الرئيس وهو يلقي خطابه، وكيف أنه قدّم الصورة المغايرة والمفارقة تماما لرئيس الإخوان مرسي وهو يقف في ذات الموقف قبل عام، لكنني سأتوقف أمام محتوى الخطاب، نعم إن الرئيس تحدث عن هوية مصر، هوية ليست أحادية كما حاول الإخوان ورئيسهم أن يختزلوها في مستوى واحد، بل هي هوية متعددة الطبقات، فمصر عربية إسلامية شرق أوسطية وبحرمتوسيطة وقبل كل ذلك فهي فرعونية قديمة قدم التاريخ، بل قبله، فهي أول من أوجد التاريخ.

هل يعي الرئيس ذلك حسبما قال في خطابه؟ هل يدرك آليات الدولة المدنية والديمقراطية التي تحدث عنها ؟ منذ عام وبضعة أشهر يهتف الناشطون ضد العسكر،و رغم أننا لا يحكمنا عسكر ولا يحزنون إنما نحكم برئيس مدني من خلفية عسكرية إلا أن النشطاء يهتفون، لا أحد ينكر أن معهم الحق في الخوف على غياب الحريات وخاصة بعد تردد الحكومة في مناقشة قانون التظاهر الذي سجن على خلفيته الكثير من الشباب، لكن هل الرئيس الذي تحدث عن دولة مدنية ديمقراطية مستعد حقا لتطبيق ذلك على أرض الواقع والإفراج عن كثير من الشباب أخذوا ظلما وهم لم يشاركوا في عنف أو دمار ضد الدولة؟ إن قانون التظاهر مثلا لم يمنع الإخوان المسلمين من ممارسة عنفهم الأسبوعي في مظاهراتهم التي  لم تنقطع واتسمت بكثير من العنف، ضد من إذن يطبق قانون التظاهر؟ لماذا استطاعت الحكومة أن تقبض على الكثير من الشباب بمسوغ قانون التظاهر ولم تستطع  أن تفعل ذلك مع الإخوان؟ هل الرئيس قادر حقا على تمكيننا من حقوق قدمنا من أجلها التضحيات الكثيرة في ثورتين متعاقبتين حسبما ينص دستور مصر الذي أقر مؤخرا ؟ كيف يفعل ذلك وحوله كتيبة بل كتائب من رجالات النظام القديم من إعلاميين وسياسيين ورجال أعمال يرون في ثورة يناير مؤامرة أجنبية؟ هل الرئيس قادر على تحقيق العدالة الاجتماعية لشعب عانى كثيرا وبحاجة لمن يرفق به ـ حسب خطاب 30 يونيه ـ  أم أن المستفيدين من رجال الأعمال ورجال النظام السابق لن يمكنوا الرئيس من تحقيق ذلك على الأرض؟ هل يستطيع الرئيس أن يحارب الارهاب في معركة فكرية  ـ كما قال في خطابه ـ بالتوازي مع المعركة العسكرية الأمنية ؟ كيف له ذلك والأزهر والأوقاف والتعليم ، هذه المؤسسات الثلاثة مفخخة بأفكار عنصرية متطرفة، فلن أغالي إن قلت أنها وأقصد هذه المؤسسات مفرخة جيدة للارهاب وأفكاره؟ لن نستطيع مواجهة الارهاب فكريا كما قال الرئيس في خطابه لو لم يتم مراجعة المناهج الدراسية في التعليم العام والأزهري مراجعة حقيقية تخلصها من الأفكار العنصرية. لن يتم ذلك إلا بإعداد الدعاة إعدادا فكريا حقيقيا يدرسون بجانب العلوم الفقهية علوما بينية ما بين علم النفس وعلم الاجتماع، وبعض الفنون حتى يكونوا قادرين على توصل خطاب ديني حداثي معتدل لا يدعم الارهاب ولا ينميه.

##

##

مقالات اخرى للكاتب

سيدي الرئيس: لا يكفي أن تهتف لمصر في الأمم المتحدة !!





اعلان