17 - 07 - 2024

لا تنكروا البهجة ولا تستنكروها

لا تنكروا البهجة ولا تستنكروها

هل فقدنا القدرة على الابتهاج؟
سؤال أراه شديد المنطقية فى لحظتنا هذه، فهى أيام العيد، بكل ما تحمل لأنفسنا من وعد بالبهجة، وما تجدد فى أرواحنا من ذكريات السعادة، ولكننا غارقون فى الحيرة والالتباس إن لم يكن فى الحزن والأسى.
البعض يرى البهجة سذاجة، والبعض يعتبرها بلادة، والبعض يذهب إلى أبعد من ذلك بكثير فيعدها خيانة، أما أنا فأعتبرها فناً مهما من فنون الحياة، فالذى لا يتقن فن البهجة لا يتقن فن العمل، والذى لا يجيد تذوق البهجة لا يعرف شيئاً حتى عن فن النضال فى سبيل المبدأ والقيمة والغاية السامية.
والذين يتصورون أنهم بإنكار البهجة أو باستنكارها يصبحون أكثر إخلاصاً للمعانى العميقة والقيم السامية واهمون، فهم فى الحقيقة يسهمون فى إظلام الحياة وفى إفقادها أى معنى مشرق جميل، ولقد سبقنى الشاعر العبقرى إيليا أبو ماضى إلى تأكيد هذا المعنى العميق، ليس فقط حين دعا كلاً منا هاتفاً "كن جميلا تر الوجود جميلا" ولكن أيضاً حين أكد أن من يرى الحياة عبئاً ثقيلاً هو ذاته عبء ثقيل على الحياة:
هو عبء على الحياة ثقيل من يظنّ الحياة عبئا ثقيلا
والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئا جميلا
لا أحد يطالبك بألا تتفاعل مع ما تشهده الحياة من مآس، ولا أحد يسوغ لك ألا تناضل من أجل أن تجعل الحياة أصدق وأنقى وأجدر بأن تعاش، لكن هذا كله لا يمكن أن يبرر لك ألا تبتهج حيناً وألا تبهج من حولك أحيانا، وألا تسعى دائماً إلى أن تضفى على الحياة لمسة من البهجة، وألا تعرف كيف تتذوق البهجة وتصنعها.
هل أنت بحاجة إلى أن أذكرك بأن من شرع لنا الأعياد سبحانه قد جعلها مواسم للبهجة وحرم علينا فيها الصوم والامتناع عن متع الحياة ومباهجها وملذاتها؟!
وهل أنا بحاجة إلى أن أؤكد عليك مجدداً أن المبتهجين والقادرين على تذوق البهجة وصناعتها ليسوا سذجاً ولا خونة، بل هم موهوبون فى فن الحياة موهبة حقيقية عميقة، وأنهم أقرب إلى جوهر الإنسانية من أولئك الممتنعين بحجة الإخلاص الشديد لآلام الإنسانية وبهجتها؟ 
ابتهجوا يرحمكم الله، واصنعوا البهجة أثابكم الله، ولا تنكروا البهجة ولا تستنكروها أبهج الله أرواحكم ..... ومرة أخرى "كل عام وأنتم والأمة بخير وسعادة وابتهاج".
##

مقالات اخرى للكاتب

جِيل من الصور الطلِيقَة