29 - 06 - 2024

الرهان الصائب

الرهان الصائب

إن الأمم لن تتقدم بالسلطة أو بالقوة العسكرية و لكنها تبنى و تتطور بالعلم و بالأخذ بناصية المعرفة ، فالعلم نور و من يبني بلده على هذا الأساس فأنه يسعى به إلى الإشعاع و تشعبه إلى مدارج الضياء.

فلماذا يراهن الرئيس السيسي على التعليم و العلم و ما هي الرسائل التي يريد أن يوجهها إلى شعبه؟

إن الرئيس السيسي رجل عسكري مخضرم ، عاش في مصر و خبر خفاياها و عرف نقاط ضعفها و نقاط قوتها و عايش عصر نهضتها و عظمتها و اكتشف وهنها و فترات ضعفها و تراجعها...

فاليوم ، و قد راهن على العلم و التعليم، فلا شك انه رهان صحيح و توجه صائب و نظرة ثاقبة...

إن العلم معرفة و الجهل نسيان، فلكي يعرف المصري حقيقة وطنه، بات عليه لزاما الأخذ بناصيات العلوم و المعرفة ، فيعلم حضارات مصر المتتالية و على رأسها الحضارة الفرعونية و ما بلغته مصر من عظمة و قوة في ذلك العصر، فكان عصرا ذهبيا بأتم معنى الكلمة، تباهت به مصر و لازالت تتباهى به على مدى الأزمان و العصور، عصر تطور فيه المعمار و ازدهرت فيه الزراعة و نما فيه الاقتصاد ، عهد شيد فيه صرح و بنيت فيه اهرامات بقيت شاهدة على عظمته  و على عظمة مصر...

و تتالت الحضارات على مصر و كان النجاح حليفها إجمالا، و قد صنع الإنسان المصري هذه الحضارات بفضل العلم         و الإيمان.

علم طبع على جبين المصري فتسلح به و امن بناصيته، علم انفردت به مصر خاصة في ميادين الزراعة و الطب          و الهندسة...

و جاء الاستعمار المقيت ليقف حائلا دون مصر و نهضتها فحاول جاهدا طمس معالم الحضارة المصرية، و اغتصب ارضها المعطاء بعد أن اضطهد شعبها و نهب خيراتها لردح من الزمن ، إلا أن الإنسان المصري الذي جعل من العلم معرفة، استغل تلك المعرفة في رسم ملامح لمصر الجديدة، مصر الحرة، مصر المنيعة، فتراصت صفوف المصريين بعد أن و نضجت عقولهم و أيقنوا أن لا خلاص لمصر إلا بالتخلص من المستعمر الغاشم. فانكب خيرة المثقفين و المتعلمين    و السياسيين بدعم من جماهير مصر للنضال من اجل طرد المستعمر.

لقد كان لمصر و شعب مصر ما أرادا فقد خرج المستعمر بعد أن تعلم درسا لن ينس درس مضمونه أن المصريين متعلمون و ليسو جهلة ، أذكياء و ليسو أغبياء، حكماء و عقلاء، مقاومون شرساء و مقاتلون أكفاء، عظماء و عظمتهم استمدت من تاريخهم و حضاراتهم...

فعلا، لقد اندحر المستعمر و انجلت الغيمة عن الأمة، هذه الأمة التي لم تتناس أو تنس ماضيها بل حافظت على ما هو متين فيه و رممت ما افسد منه لتنتج مجتمعا عصريا رائدا، ذاع صيته في كل المجالات ابتداء بالمجال الأدبي و الفكري  وصولا إلى المجال العلمي ... فلمعت مصر و اشتد عود المصريين و برزت نخبهم لتحتل الصدارات في العالم من العلماء و المفكرين و الأدباء و السياسيين و الفنانين و المبدعين...

إن التاريخ لن يعيد نفسه، إلا أن مراهنة الرئيس السيسي اليوم على التعليم لاشك أن فيه رسالات للشعب و للوطن. و لعل ابرز هذه الرسالات هو أن الأمم تتهاوى عندما تفتقر إلى مخلصيها من أهل الحكمة و العلم، و لا تنهض إلا بعلمائها و مثقفيها لأنهم طلائع النهضة و التغيير . إضافة إلى أن العلم يحصّن الأمة و يدفع الإنسان إلى مساءلة واقعه المعيشي للعمل على تطويره و جعله واقعا راقيا...

و لعلها إيماءات و إيحاءات مليئة بالأحاسيس و العواطف مسكونة بها جس العلم و المعرفة للوطن و من اجل الوطن.

إن إصلاح الوطن لن يتم و واقع المجتمع لن يتحسن إلا من خلال إصلاح المنظومة التربوية في شموليتها و في جزئياتها و على مختلف مستوياتها التعليمية و من خلال مراجعة برامجها و محتوياتها...

برامح تتماشى و واقع العصر و متطلباته و محتويات ذات معنى و جدوى، و صناعة علمية ذات بيداغوجيا هادفة و دلالات واضحة ، أهداف مضبوطة و دقيقة و غائيات مدروسة و مفصلة مع تشريك في اخذ القرارات للفنيين و الأخصائيين في الميدان التربوي و معالجة لأسباب الضعف و النقائص و تشجيع للساهرين على العملية التربوية و حسن تأطيرهم ... كل ذلك من اجل تعليم ذي قيمة و جدوى عالية يقدّم مصر و يتقدم بالمواطن المصري.

 

مقالات اخرى للكاتب

العرب بين ماض متوازن و حاضر مغتصب





اعلان