17 - 07 - 2024

سفاح - متحرش - متسول !

سفاح - متحرش - متسول !

(1)

إستيقظ من نومه مبكراً، إصطبحنا وإصطبح الملك لله، بدون غسيل وجه بدأ في قراءة الصحف، مثقف مثقف يعني، لفت إنتباهه مقال يتحدث عن الأضحية واصفاً إياها بالمذبحة، والرؤية واصفاً إياها بالكابوس، وأبو الأنبياء واصفاً إياه بأحد الصالحين.

قبل الانجراف لرد الفعل البديهي المتعلق بالسب والقذف وتطويل اللسان، أو تأييد فكرة ذبح البشر رأفة بذبح الحيوانات، توقف عقله عند فكرة أخرى، هل سمعنا يوماً عن شخص قام بالنصب على المواطنين الشرفاء وأخذ الفلوس وخلع؟؟ هل سمعنا عن شخص شكل عصابة لسرقة الأبرياء بالاكراه؟؟ هل سمعنا عن فتاة رفضت شاباً لأنه يمتلك شقة 140 متر لكن لا يملك سيارة؟؟ هل هناك بني آدمين تكذب؟؟ تنافق، تخون، تقتل لمجرد القتل، تنشر الشائعات، تنشر الفوضى، تعد وتخلف وعدها، تتشفى، تحقد، تحسد.

أعتقد أننا لم نقرأ عن كل تلك الأحداث والمواصفات إلا في رواية "مزرعة الحيوانات" لجورج أورويل الصادرة عام 1945، وهي رواية خيالية بالمناسبة، يعني لا يعتمد عليها في اقرار صحة ما جاء بالمقال، لذلك فإن الرد الوحيد المنطقي على هذا المقال هو ما جاء في أغنية كاظم الساهر "سوف لن نشتري هذا العيد بقرة ستكونين أنت البقرة".

(2)

أسوأ ما يمكن أن يحدث، هو وصف حالات التحرش -التي يقول بيان الداخلية أن معدلاتها تراجعت- بأنها مسلسل، مسلسل!!! مسلسل!!! يعني أنا كمواطن المفترض أن أشاهد هذه التصرفات وأتعاطف معها باعتبارها مسلسلاً يتم عرضه وسينتهي في يوم من الأيام وكان الله بالسر عليم إلا إذا كان مسلسلاً تركياً من تلك المسلسلات التي لا تنتهي.

ثاني أسوأ ما يمكن أن يحدث، هو تصوير حالات التحرش في الشارع المصر -خاصة أيام الأعياد- من قبل وسائل الإعلام، ثم القيام بالتشويش على صورة المتحرش والمتحرش بها  حفاظاً على مشاعرهما الرقيقة!!! طيب المتحرش بها مفوم، لكن المتحرش المفترض يتفضح فضيحة حرامي المولد، مش بس كده، برنامج جديد على أي قناة اسمه "المتحرش الأسود" يقوم فقط باعادة نشر فيديوهات واضحة وصور واضحة للمتحرشين، وهي كام حلقة، وأهالي المتحرشين أو معظهم سيلبس أبنائهم المتحرشين حجاباً، وسمعني سلام اللي ملوش كبير يشتري له كبير...  وجايلك يا كبير.

(3)

مشهد نهار خارجي

وسيلة مواصلات عامة

سيدة ترتدي عباءة بالمقلوب، ومعها طفلان، أحدهما 10 سنوات، والثاني لم يتخطى عامه الأول

السيدة:- إنت مش كنت ناوي متنزلش الشغل النهاردة؟؟

الطفل:- أنا قلت بقى دي أيام مفترجة، الواحد ينزل يشوف مصلحته

السيدة:-  طيب نروح فين، الكوبري السلفي؟؟

الطفل:- لأ، الكوبري السفلي رزقه مش واسع، إحنا نروح عند النادي

السيدة:- طيب إفتكر أنا سايبة 5000 جنيه مع خالتك أم أشرف، خوفت عليهم ليتسرقوا، وفي أربعة تانيية تحت المرتبة، ربنا يستر عليهم بقى

الطفل:- كل اللي يجيبه ربنا كويس

نزل الاثنان من وسيلة الموصلات وإتجها نحو سور النادي، جلست السيدة على الأرض بعدما غطت وجهها وعلى قدمها وضعت الطفل الذي لم يتخطى عامه الأول والذي يبدو أنه مخدراً، حيث لم يبدي أي حركة، بدأت السيدة في مهام وظيفتها... التسول.

الطفل ذو العشر سنوات بدأ هو أيضاً في القيام بمهما وظيفته، لكنه لم يتخذ مكاناً ليتسول، خبرته تؤكد له أن جلوسه  في مكان لن يلفت الانتباه أو يستعطف القلوب كما هو الحال مع السيدة، لذا إرتدى قناع الاستضعاف وبدأ يجول في المنطقة تحت مبرر "مكلتش حاجة بقالي يومين".

بالمناسبة... ما سبق وصفه قصة حقيقية بالمكان والزمان والأرقام.

 

مقالات اخرى للكاتب

أجدع من عتريس !