17 - 07 - 2024

رئيس الجامعة المدافع عن الثورة وفساد حسين سالم معا

رئيس الجامعة المدافع عن الثورة وفساد حسين سالم معا

هل تحولت الجامعات في مصر الي مؤسسات عقابية !! ترويع وترهيب للطلاب والأساتذة ، مع قوانين خربة عفنة ، تسمح بالفصل النهائي من الجامعة .. دون حتي التحويل لمجلس تأديب !!

هل اصبح رؤساء الجامعات جلادين النظام ، داخل مكان له حرمته ومكانته التنويرية علي مر العصور!

دائماً ما اعتقد ان بوستات الفيس بوك ، يفضل ان تكون في المختصر المفيد ، ولا أفضل كتابات طويلة .. ولكن اعتذر هذه المره ، اعتقد انها قد تطول بعض الشيء ، لان ما اكتبه حدث معي بالفعل..

نشرت من اكثر من عامين تقريبا حوار مع رئيس النيابة الادارية .. تناول فيه بعض قضايا الفساد التي يقوم الجهاز بالتحقيق وجمع المعلومات عنها.. قضايا فساد كبيرة ظهرت علي سطح الأحداث بعد ثورة يناير ..

من بين تلك القضايا .. قضية شركة "البحر الأحمر للفوسفات " والتي يملكها من "الباطن" كما توصل الجهاز الفني للنيابة الادارية بعد البحث - يملكها "حسين سالم "!! ..

جاءني اتصال تليفوني علي مكتبي في صالة التحرير ، يوم نشر الحوار ، والذي تصدر عناوينة قضايا الفساد ، مع إشارة للحوار في الصفحة الأولي -وكان المتصل استاذ جامعي كبير ، تصدرت أحاديثه الفضائيات وبرامج التوك شو ، في دفاعه عن الثورة والثوار ، وضرورة القضاء علي الفساد في الدولة ..

عندما سمعت اسمه ، اندفعت كالعادة بأنني اتابعه في جرأته وشجاعته في الدفاع عن الثورة .. وكانت الصدمة .. وجاء الحوار كالآتي ..

الاستاذ : حضرتك نشرتي حوار النهارده... وذكرتي فيه ان حسين سالم يملك شركة ... من الباطن .. ودا كلام غير صحيح..

انا : حضرتك دا حوار مع رئيس النيابة الادارية وأكيد هو اللي قال المعلومات عن القضايا اللي فيه.. انا ليه انشر ان حسين سالم يملكها من الباطن ! ايه علاقتي بيه ، واشمعني يعني اخترت حسين سالم بالذات ، دا حوار عملته ونشرت اللي اتقال فيه..

الاستاذ: علي فكره بقي انا المحامي بتاع رئيس النيابة الادارية ، وكمان صديقي جدا ، ولما سألته بيقول انه ماقالش كدا !

انا : لا هو قال .. وبعدين حضرتك علاقتك ايه بالموضوع اصلا ..

الاستاذ : انا المحامي بتاع شركة البحر الأحمر للفوسفات !! وكلام ان حسين سالم يملكها م الباطن يؤثر في موقف القضية في المحكمة طبعا...انا كل اللي بطلبه بس ..تعملي تصحيح بسيط انه لم يثبت ان حسين سالم يملك الشركة!!

انا: حضرتك ماينفعش اكتب كدا وانا متاكده من المعلومة وانها اتقالت من مين في الحوار ...

الاستاذ : علي فكره انا مؤمن بحرية الصحافة جدا، ومش بأحب أبدا ارفع قضية علي صحفي لأي سبب !! انا بطلب سطر بس تصحيح ...

انا :طيب حضرتك بقي اذا دا تهديد .. أتفضل ارفع قضية واسمي بالكامل ...... وأرجوك ارفعها وبسرعة جدا..

الاستاذ : لا انا مش قصدي ، انا بس باقول ان ممكن تراعي ان في قضية في المحكمة وان النشر بالشكل دا يؤثر جداً...

انا: حضرتك انا باعتذر ، انا مش ها انشر اي تصحيح أسفة جداً ...

وانتهت المكالمة وانا صدمتي كلها تنحسر في ان الراجل دا اللي بيتكلم في الفضاييات بكل هذا الحماس عن الثورة ! لدرجة اني استناه واسمعه باقتناع شديد- ازاي يكون محامي لشركة فاسدة يملكها من الباطن "حسين سالم" ! ازاي في ناس عندها كل هذا القدر من الخداع !!!!

بعد ايام قليلة وأثناء مرور الاستاذ "عبد العظيم حماد "رئيس التحرير وقتها بمكتبي بعد اجتماع الديسك ، وقف عندي وأعطاني خطاب موجه من رئيس النيابة الادارية ، لرئيس التحرير .. يقول فيه ، ان مانشر بخصوص شركة ... وان حسين سالم يملكها م الباطن ، هو لم يقوله لي وقد يكون اجتهاد من الاستاذه.....!!

حكيت لرئيس التحرير مكالمة الاستاذ الجامعي ومحامي الشركة ، وصديق المستشار رئيس النيابة الادارية .. فقال ببساطة خلاص ننشر سطر وخلاص نقول تصحيح .. ولاني اعرف الحقيقة قلت له بإصرار ، لا مش هاننشر حاجه .. أرجوك بلاش .. وافق وانتهي الكلام يومها..

بعد أسبوع علي خطاب المستشار رئيس النيابة لرئيس التحرير ، فوجئنا بقضية مرفوعة من الاستاذ الجامعي محامي الشركة ، علي جريدة الاهرام ورئيس التحرير وانا طبعا...، واتصلت الشئون القانونية بالأهرام برئيس التحرير وانا ، لنقل رغبة الاستاذ المحامي في نشر تصحيح سريع وإلا الاستمرار في القضية !!

طلبت من رئيس التحرير عدم نشر اي تصحيح ، وأعطاني فرصة معرفة قصة هذه الشركة العجيبة...

كانت بداية البحث في هيئة قضايا الدولة ، والمنوط بها رفع قضايا كممثل للحكومة ، وبعد قراءة تفاصيل القضية من ملفات قضايا الدولة ، عرفت خبايا كثيرة عن الشركة ومالكيها، وطريقة حصولهم علي عقود البحث والتنقيب والمليئة بالفساد والمحسوبية والرشوة الواضحة !!!

اجريت حوار مع المستشار رئيس قضايا الدولة ، عن شركة البحر الأحمر للفوسفات فقط .. كتبت فيه كل بلاوي الشركة وفسادها، بالتفصيل الممل ، علي لسان رئيس قضايا الدولة ...

عرفت من قضايا الدولة يوم الحكم في القضية من مجلس الدولة التي تحكم في هذه النوعية من القضايا...وكان باقي يومين بالظبط علي الحكم .. بمعني ان ما بيدي من معلومات لابد من وجوده عند رئيس التحرير بعد ساعات والموافقة علي اخد الصفحة كاملة ..

ذهبت مبكرة لمكتب رئيس التحرير ، ومعي الحوار والملفات كلها ، وطلبت منه صفحة اليوم ، لان جلسة الحكم غداً .. الحقيقة الاستاذ حماد كان متفهما ، وكان يشعر بحماسي وتاكدي من الحقيقة ، قال لي ضاحكا "اوعي قضايا الدولة ترفع علينا قضية هي كمان" رديتزضاحكه برضو "ماتخافش وانت معايا"..

نشرنا صفحة كاملة عن بلاوي وفساد وتزوير عقود وقصص وحكايات بالتفصيل.. وازاي كانوا بياخدوا العقود وبكام ومين اللي بيروح عضو لجنة سياسات يخلص العقود في احسن المواقع من الهيئة ... فضايح كتيره ليس الان ، المجال لذكرها ، تفاصيلها كتير اوي ...

 

نزلت المطبعة مع الحوار ، وكأنه امتحان اخر السنة ، وانتظرت حتي بعد الطبعة التانية لضمان عدم حدوث اي تعديل او تغيير في الصفحات ..

وكما انتظرت الجريدة انتظرت الحكم في اليوم التالي .. جاءني الاتصال "كسبنا القضية يا أستاذه " وكانت فرحة حقيقية ، فرحة انتصار ..فرحة كشف خبايا فساد ، في توقيت ثورة نشعر معها بالأمل في جديد قادم ، مختلف .. نقي ..طاهر...

ونشرت حكم مجلس الدولة ، الذي جاء بأبطال عقود شركة البحر الأحمر جميعها والتي ثبت انها قامت بالغش والتدليس .. ورد مبلغ 17 مليار جنيه للدولة قيمة استغلال المواقع طوال سنين وتصدير الفوسفات للخارج...

وفي النقض .. صدر حكم بتأييد الحكم السابق ....

انا حكيت الحكاية الطويلة دي علشان سببين ..

الاول .. ان الاستاذ الجامعي اللي كان فالقنا ع الشاشات كلام عن الثورة وشباب الثورة العظيم ! هو نفسه محامي الشركة الفايده بتاعة حسين سالم من باطن ولا من ضهر بقي، وهو اللي هددني ورفع قضية كمان دفاعا عن الفساد

وهو ذات نفسه دلوقتي رئيس جامعة مصرية ..يمارس الترويع والترهيب علي الطلبة والأساتذة ، اللي هو شايفهم انهم ضد النظام!!

كتير مننا بينخدع في ناس بتتكلم وبتكتب عن الحق والفضيلة والشرف والثورة والثوار .. وهم بعيدين كل البعد ، ولكنها كلمات الخداع .....

اما السبب التاني في الحكاية .. ان الشركة اللي صدر ضدها احكام نهائية من سنة او اكتر.. مازالت تستغل المواقع وتستخرج الفوسفات وتقوم بتصديره .. ولم تتوقف يوما واحدا... ولا يوم واحد ....

دولة القانون .. دولة القضاء الشامخ ..دولة الفساد ....

مقالات اخرى للكاتب

في معرض مكتبة الإسكندرية.. ندوة حول