26 - 09 - 2024

مع شظايا"الغربان"حنين لقلب القاهرة .."أسعاف تحرير عتبة جامعة الدول"

مع شظايا

  وكنا "الغر  الميامين " لا أجنحة لمخلوقات من نور نضمها مع دشت أوراق طالما سودناها بأحبار أقلامنا و أفرغنا نصفها من ساندوتشات فلافل العصاري مدخرين بقية قروشنا لليل البارد البهيم  .. وحولنا بقيتها الأخري الي وسادات لأرصفة " التحرير " ومظلات بحجم الأكف وربما أصابع اليد الواحدة .. لعلها تحجب رزاز مطر أو وهج شمس ظهيرة ماقبل " التنحي ".

هنا وقبل أن تتعانق أصابع بعضنا البعض في ملتقي محطة " أسعاف " وسط البلد .. أفرادا وجماعات .. تؤكد حروفنا العجلي دون أبطاء أو ترتيب أو حتي يقين .. أن الميدان موعدنا بعد ساعات وربما أيام .. لم نكن ندري ، تلمع أبخرة الماء الساطعة من زجاج السيارات المسرعة والبطيئة علي السواء ، للميكروباصات والميني والتاكسي الأبيض والأسود شهوة لا تنقطع لحمل معظمنا علي دفعات الي هناك .

القادمون من الأمام ومن الخلف .. الصاعدون من أقبية "المترو" ومظلات أتوبيسات تعبس دوما في وجوه وقامات المرابضون علي أعلي وأسفل سلالم "دار القضاء بمدخله المهيب وناديه الفخيم ورحابة وونس الفناء الرئيس لمدخل نقابة الصحفيين ، نستعيد فنون شخبطة بكارة شعارات "كفاية" ..و "العيش والكرامة والحرية والمساواة والعدالة الأجتماعية" .

يرتفع الآذان ويدق الجرس ولا أحد ينبه الآخر الي الوضوء أو بدأ التراتيل في موعدها ، ينته كل منا من سجوده وأبتهاله في صمت ويمضي ، " يعلو من جديد كورال ندائهم علينا .. " أسعاف تحرير عتبة جامعة الدول " .. ذات الرصة تجمعنا بعناية الحريص علي ملئ كافة أجزاء المقاعد الجانبية المضافة ، ذاهبون أو عائدون .. تتساوي زفراتنا .. نحراتنا .. تنهيداتنا .. حتي ضحكاتنا الطيبة والماكرة .. تعليقاتنا التلقائية .. وصرخاتنا غير المحسوبة بالورقة والقلم .. هديرنا الممزوج بتلك القرون الحامية التي تفتح شهيتنا علي عشاء بقية الأرغفة .

 لم نكن بعد قد أعتدنا علي تأمل وفرز الحضور .. علي تفتيش حقائب   غريب فوجئنا به يعرف أسمائنا رباعية   ،  لن ينفجر شئ معه ،  لن تتمطع الجدر  ولا الأشجار و الأسوار  والأرصفة حولنا لتتحول في لمح البصر الي شظايا "لغربان" لم نكن نعرفها ، تتفتت في لحم الواقفين في وداعة يرقبون أستكمال المسير أو عبور الميدان الذي هدأت ثورته .. فورانه .. تدفقه .. هديره .. لا أدري كم مرة أخري سوف أرفع من رصيف محاط بشريط أمني أصفر مدته التحقيقات " الي أجل غير مسمي".. لأستر  مع شهامة المارة .. أشلاءا .. ودماءا .. ؟! .

والي متي أظل أتمتم الي أن آتيكم من بين أبياته بقبس جديد .. قصيدة ... ينايرية ... كتبها "جلال عابدين"نوفمبر 2011 بين طيات "الهلال" العريقة ...... وكـأنه يتنبأ بمحاولات شظايا الغربان بكل ألوانهم ومشاربهم لخطف حنيننا لدفء قلب القاهرة  .. وهاتفا لنا من  بعيد للتصدي والمثابرة والمواجهة :

" أطلق رصاصتك الأخيرة ، ماعاد ينفع الأعتذار

 ماعاد شفع الأنتظار ، علي الذين بلاحياء يطعنون ظهورنا ويحفرون قبورنا

من غير خوف يسفكون دمائنا ، يفسدون هوائنا

ويعون بأنهم حسنوا النوايا والسريرة ، أطلق رصاصتك الاخيرة.

لا تستشر عمرا  أو زيدا ، لم يعد في الامر بعد الآن خيرة ، أطلق رصاصتك الاخيرة .

حتي لو نفدت من الكف المخضب بالتروي والتأني ، ماتبقي من دماء أو ذخيرة ، أطلق رصاصتك الأخيرة .

لا تخش بني قريظة والنظير ، ولا كلاب ابن المغيرة ، أطلق رصاصتك الأخيرة

 فالآن لا جذر ولا  مد ، فالمعتدين تعمدوا أن يضربوا في مقتل .

 لم يحسبوا أبدا حسابا أننا ، صارت سرايانا تدافع عن حمانا

 تقتل الغربان ان دخلت سمانا ، أطلق رصاصتك الأخيرة " .

##

مقالات اخرى للكاتب

مع شظايا