19 - 10 - 2024

حكم من طلق زوجته ثلاثا وشك هل كانت حائضا في إحداها أم لا

حكم من طلق زوجته ثلاثا وشك هل كانت حائضا في إحداها أم لا

السؤال:
عاجل جداً:‏ أولاً: صديقي طلق زوجته ثلاث ‏مرات متفرقة، لكنه يقول الآن إنه ‏استفتى أحد أهل العلم في محكمة ‏شرعية- وصاحب العلم ممن يثق ‏بدينه، وهو يأخذ بقول ابن تيمية في ‏عدم وقوع الطلاق أثناء الحيض - ‏فأجابه بجواز رجوعها إليه، وأنه ‏لا زالت لديه طلقة لم تحسب، باعتبار ‏أن إحدى الطلقات الثلاث لم تقع؛ لأن ‏الزوجة كانت في فترة وقوع الطلقة ‏حائضا- في الغالب، إذ إن الزوج ‏والزوجة ليسا متأكدين، ولكن يغلب ‏على ظنهما - وقال المفتي لصديقي إن ‏غلبة الظن تنزل منزلة اليقين، فيجوز ‏له إعادة زوجته - إضافة إلى أن ‏صديقي كان شديد الغضب جدا، ‏ويضرب زوجته، ويكسر الأشياء ‏حينما قام بالتطليق.‏ ‏ المشكلة أن صديقي استفتى بعدها ‏أناسا آخرين في المحكمة الشرعية - ‏وهم يفتون على مذهب الجمهور بوقوع الطلاق أثناء الحيض - وأفتوه ‏بعدم جواز رجوعها إليه.‏ ‏ فهل يجوز له الآن الأخذ بالفتوى ‏الأولى، وإعادة زوجته؟ ‏ السؤال الثاني: أتمنى إجابته بمعزل ‏عن الأول: لقد أخبرت زوجة صديقي ‏أنها لو عادت لزوجها، وخصوصاً أن ‏زوجها لا زال يحبها، أن فعلها هذا ‏سيرضي الله تعالى، وهي تقول لي ‏إنها لم تعد تحبه أبداً، بل تكرهه، لكن ‏إن كانت العودة لزوجها تحقق ‏مرضاة الله تعالى، فإنها ربما ستجبر ‏نفسها للعودة له، صديقي هذا كما ‏عرفته لسنوات هو من أفضل من ‏رأيت في حياتي، وهو صاحب خلق ‏رفيع، ودين (وهو نادر في هذا ‏الوجود) ولا أزكيه على الله تعالى، ‏لكنها تقول لي إنها مرة صفعته على ‏وجهه حينما حصل خلاف بينهما، ‏وبعدها طلقها الطلقة الأولى، ولم يكن ‏قبلها قد ضربها أبداً، لكنه بعد هذه ‏الحادثة بدأ عند كل خلاف يضربها، ‏وفي كل مرة يعودان، ويتصالحان ‏ويخبرها أنه لن يعود لضربها، لكنه ‏يعود ويضربها.‏ ‏ أنا صراحة لا أكاد أصدق أن ‏صديقي هذا الذي أعرف عنه كل ‏هدوء، وحلم، وصبر، وسكينة، ‏ووقار: كيف يغضب إلى حد الجنون ‏كما تخبرني زوجته، ويبدأ بضربها ‏بكل قسوة؟! في المرة الثانية، والثالثة ‏التي طلقها فيهما كانت هي التي ‏أصرت أن يطلقها؛ لأنه ضربها ‏بعنف، رغم أنه حاول ألا يطلقها، ‏والمشكلة أنه لا زال يحبها، ويريدها، ‏وقالت لي الزوجة أيضاً إنها كانت ‏ترفع صوتها عليه حين الخلاف، ‏فيزداد غضبه ويضربها، وتقول إنه ‏كان مقصراً جداً في تعليمها العلم ‏الشرعي، وكان لا يعيرها الاهتمام ‏الكافي كزوجة، وأنه أخبرها الآن أنه ‏لا بد لكليهما- الزوج، والزوجة- أن ‏يريا أن هذا الزواج، والعودة لبعضهما ‏ستكون نافعة كي يعودا، وأنا لم ‏أتحدث مع صديقي إطلاقا في ‏موضوع زوجته؛ لذلك لا أعلم هل ‏صديقي بالفعل زوج سيء، كما ‏تصفه زوجته، أم هي المستفزة التي ‏تخرج الحليم عن طوره؟ ‏ ما نصيحتكم لهذه الزوجة: هل تعود ‏لزوجها أم لا؟ ‏ وهل عودتها له سترضي الله تعالى ‏باعتبار أن عودتها ستفرح زوجها، ‏إلى غير ذلك من مصالح؟ ‏ أتمنى إجابتي على فرض أن العودة ‏لزوجها جائزة على كل حال (فربما ‏يتأكدان من أمر الحيض لاحقاً، أو ما ‏شابه ذلك).‏ ‏ ثالثاً وأخيراً: هل يجوز للزوجة أن ‏تذهب للمحكمة الشرعية، لتقوم ‏المحكمة بتزويجها مباشرة دون ‏اعتبار الولي (لأن والد الزوجة، ‏وأخاها الثاني لا يصليان، وأما ‏أخوها الأول فهو يصلي، لكن زوجها ‏أخبرها أن أخاها الأول خرج من ‏الإسلام أيضا؛ لأنه استخف مرة بأسرة ‏النبي صلى الله عليه وسلم، ولم تظهر ‏منه توبة إلى الآن من ذلك)؟ وماذا لو ‏كان الولي حيا، ومسلماً. فهل يجوز ‏لها تجاوزه، والذهاب للمحكمة ‏الشرعية مباشرة لإعادتها لزوجها؟ ‏ جزاكم الله تعالى خيراً.‏

الفتوى:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالمفتى به عندنا أن الطلاق في الحيض نافذ، وهذا قول أكثر أهل العلم، لكن من استفتى من يثق بدينه، وعلمه، فأفتاه بقول بعض أهل العلم ممن يرى عدم وقوع الطلاق البدعي، فلا حرج عليه في العمل به، ما دام مطمئنا إلى قوله، وليس متبعا لهواه، أو متلقطا للرخص؛ وانظر الفتوى رقم: 5583، والفتوى رقم: 241789 

 لكن بالنسبة لهذه القضية، فلا نستطيع أن نفتي فيها الزوج بعدم اعتبار الطلاق في الحيض، وتقليد القائلين بذلك؛ لأنه فيما يبدو غير متأكد من تلبس المرأة بالحيض وقت طلاقه لها، والأصل عدم الحيض؛ ولذلك ننصح الأخ صاحب المشكلة بمشافهة أهل العلم في قضيته، فقد يظهر لهم من كلامه مباشرة ما لا يظهر فيما لو طرحت المسألة من غير صاحبها، أو من الكتابة عنها.
والله أعلم.