30 - 06 - 2024

وهل تداوي بالتي كانت هي الداء ياسراج ؟!!

وهل تداوي بالتي كانت هي الداء ياسراج ؟!!

" فضيحة في القاهرة " هو العنوان الأول الذي وضعه نجيب محفوظ لعمله السردي الذي تحول فيما بعد لفيلم سينمائي، وأقصد به القاهرة 30  أو القاهرة الجديدة، تذكرت ذلك العنوان وأنا أقرأ مقالا للشاعر أحمد سراج عنونه:" فضيحة القاهرة .. رسالة إلى سيد محمود " والذي نشر على صفحات جريدة " المشهد".

دخلت كغيري من القراء أبحث عن فضيحة ما. قرأت المقال ووجدت أن أحمد سراج بمهارة صحفي متمرس قرأ العدد الثاني من جريدة القاهرة قراءة دقيقة ومتأنية وسطر هذه الرسالة إلى سيد محمود ليخبره عن الأخطاء المهنية التي يمكن لأي صحفي أن يكتشفها بسهولة، نعم قرأت العدد مثل أحمد سراج، ونعم اكتشفت بعيني الخبيرة أيضا هذه الأخطاء أو يزيد، وأتفق في كل  ما جاء في المقال، لكنني أتحفظ أيضا عليه لأنه أولا عنون المقال بعنوان غرضه الإثارة ولا يتمتع بالمهنية التي يبحث عنها في جريدة القاهرة، فليس ثمة فضيحة، بل هي أخطاء مهنية قد يقع فيها أي رئيس تحرير، فما الذي جعلنا نهتم مع أحمد سراج بجريدة القاهرة؟ ما الذي يوجد في جريدة القاهرة يجعلنا نحن القراء نسعى لأن تصدر بمهنية وحرفية؟

جريدة القاهرة هي مطبوعة متخصصة في الفنون والآداب تصدرها وزارة الثقافة، كان لها تاريخ مشرف، فهي امتداد لمجلة القاهرة التي كان يرأس تحريرها الناقد الكبير غالي شكري. تفتقد مصر وجود مجلة ثقافية متخصصة عميقة. في مصر آلاف من الفنانين والكتاب والشعراء والنقاد ألا يستحقون وجود مجلة متخصصة عميقة ولها ثقل فكري وثقافي؟ مصر بهذا الثقل الثقافي في الوطن العربي ألا تستحق أن يكون فيها مجلة عميقة تليق بها؟ معظم المجلات العربية إن لم تكن كلها قائمة على جهود صحفيين وكتاب ونقاد وشعراء ومفكرين مصريين، وأي مصري حر ويعي قيمة مطبوعة ثقافية مهمة يفضل أن يُنشَر له مقالٌ في مجلة مصرية ربما لا يأخذ مكافأة عنه تتعدى الجنيهات القليلة على أن ينشر مقالاته في مطبوعات عربية يأخذ في مقابلها مكافآت بالدولار. لذا حين أُسندت رئاسة تحرير القاهرة لصحفي ثقافي برصانة ووعي سيد محمود كنت من الناس الذين فرحوا وهللوا للخبر، لأن لسيد محمود تجربة ثقافية مهمة أداها وهو مسؤول عن صفحات الثقافة في جريدة البديل.

اتسم أداء سيد محمود وهو في البديل بالحيادية والنزاهة وعدم الوقوع في الانحيازات والشللية، لذا كنا نتوقع الأفضل والأعمق منه في القاهرة، لكن من الواضح أن رئاسة التحرير فقط هي ما تغيرت في القاهرة، فالطاقم الفني المنفذ معه ما زال كما هو وطاقم الصحفيين كما هو باستثناءات قليلة لكتاب ونقاد استكتبهم حين جاء، لذا لن يقدر على أن ينهض بالجريدة إلا إذا وضع استراتيجية تحريرية واضحة وعميقة تسعى إلى استنهاض الوعي ومقاومة الثقافة العنصرية والطائفية التي تحكم حياتنا.

نتوقع من سيد محمود ابن الفكر اليساري أن يقدم ثقافة تحاول أن تغير ما يعاني منه المجتمع المصري من أفكار ظلامية وعنصرية. يمكن لسيد محمود الذي رأس تحرير القاهرة أن يراهن على الانتشار الواسع للجريدة عبر خطة توزيع جيدة وساعتها يمكن له أن يحارب هذه الأفكار التي أغرقت المجتمع في الغيبيات والظلامية والارهاب. كذلك يمكن له أن يفتح صفحات جريدة تدفع الدولة تكاليف إصدارها للشباب المبدع ، وتراهن على أجيال واعية وشابة.

هل يمكن لنا أن نتفق مع أحمد سراج في مقاله كلية؟ أنا شخصيا أتفق معه في المضمون أو المحتوى الذي قدمه، لكن ما لا يمكنني أن أتفق معه أن يكتب لسيد محمود على الفيس بوك انتقاداته، ويرد عليه سيد محمود برحابة صدر، ثم يكتب هذا المقال.

ما لا أتفق معه أن يصدر لنشر مقاله على الفيس بوك بعد أن نشر في المشهد بجملة " كأني أتجرع السم " في الحقيقة ما شعرت به أنه لا يتجرع السم ولا يحزنون هو كتب المقال بتربص وإلا كان ذهب لسيد محمود في مكتبه وناقشه في التفاصيل الفنية في العدد، لكن على أية حال هذا الوعي الذي صار سمة عامة للمصريين وليس لأحمد سراج فقط سوف يحقق نتائج جيدة وأداء محترما، فأتصور أن سيد محمود سيراجع كل كلمة في العدد الثالث من الجريدة ، فلأحمد سراج ولسيد محمود الشكر والتقدير، لمن انتقد بمهنية ومن تقبل النقد بمهنية تفوقها .

##

مقال أحمد سراج

http://almashhad.net/Articles/876359.aspx

 

مقالات اخرى للكاتب

وهل تداوي بالتي كانت هي الداء ياسراج ؟!!





اعلان