في الثالث والعشرين من يوليو الجاري أصدر المجلس العسكري الأعلى في مصر بيانه رقم 69 الذي يتهم فيه حركة السادس من أبريل بمحاولة الوقيعة بين الجيش والشعب ، ويشير إلى أن هذه الحركة تمول من الخارج ولها أجندات خارجية . وفي الرابع والعشرين من يوليو قال اللواء حسن الرويني لقناة الجزيرة مباشر " إن حركة السادس من أبريل تتلقى أموالا من الخارج لتقويض الدولة ، وإن أعضاءها تدربوا في صربيا " . وأضاف اللواء الرويني أن شعار الحركة هو شعار الثورة الصربية ، مؤكدا أن المجلس العسكري لديه معلومات تفصيلية عن ذلك . ولا ندري لماذا لم يستجب المجلس العسكري لدعوات تقديم بلاغ للنائب العام بما لديه من " معلومات " بشأن هذه الحركة .
عندما استمعت لاتهامات المجلس العسكري واللواء الرويني تبادر إلى ذهني على الفور مقالة مترجمة نشرت على موقع قناة " روسيا اليوم " في 11 يوليو الجاري ( أي قبل بيان المجلس العسكري وتصريحات اللواء الرويني ) بعنوان " من علم الثوار المصريين" للباحث يوري شيجلوفين من معهد الشرق الأوسط بموسكو . شيجلوفين يتهم حركة السادس من أبريل في مقالته بأنها تلقت التدريب في صربيا ويقول " لقد أثبتت الحقائق نهائيا في الوقت الحاضر، ان قادة الحركة الشبابية " 6 ابريل " في جمهورية مصر العربية تعلموا في حلقات دراسية بعنوان " ثورات غيرعنيفة " في صربيا. هذه الحلقات نظمتها منظمة غير حكومية تسمى" مركز تطبيق الفعاليات والإستراتيجية بدون عنف " الذي تأسس بعد سقوط نظام ميلوشوفيتش، وهو حاليا " مدرسة " أساسية للثوار من مختلف بلدان العالم بدء من جورجيا وانتهاء بفنزويلا. وكل الحركات التي تنطلق من هذا المركز متشابه حتى باسمائها وشعاراتها وطبعا بأسلوب تنظيم الاحتجاجات واستخدام الانترنت لهذا الهدف ". ويذكر شيجلوفين أن المركز المذكور تموله منظمتان أمريكيتان هما المعهد الجمهوري الدولي والمعهد الديمقراطي الوطني، اللذان تتكون ميزانيتهما من التبرعات و المساعدات الحكومية من خلال الصندوق الديمقراطي الوطني وكذلك وزارة الخارجية الأمريكية ووكالة التنمية الدولية . ويشير أيضا إلى أن من بين الممولين مؤسسة " فريدوم هاوس ". ويجب التذكير هنا بأن وسائل الإعلام الروسية تعج بمثل تلك المقالات التي تروج لفكرة واحدة واعتقاد سائد في الأوساط السياسية الروسية بأن الثورة في مصر والدول العربية الأخرى تعتبر صناعة أمريكية وغربية . ولا يتساءل من يكتب تلك المقالات أو يطلق تصريحات مشابهة من المحللين الروس عن غياب المنطق في ما يقولون أو في ما يكتبون . فنظام مبارك المخلوع كان متورطا حتى أذنيه في التبعية للولايات المتحدة ، فكيف لواشنطن أن تتخلى عن مثل هذا النظام الذي كان يلبي كل ما تريد .
كاتب مقالة " من علم الثوار المصريين ؟ " يوري شيجلوفين كما ذكرنا أعلاه يعمل في معهد الشرق الأوسط بموسكو ، وهو معهد مشبوه يترأسه يفجيني ساتانوفسكي المعروف بمواقفه المعادية للعرب والمؤيدة لإسرائيل على طول الخط . ويكفي أن نشير إلى أن ساتانوفسكي تولى في الفترة 2001 ـــ 2004 رئاسة المؤتمر اليهودي الروسي . ويكفي أيضا أن نذكر أن ساتانوفسكي في الأول من فبراير الماضي دعا الرئيس المخلوع إلى ضرورة إخماد الثورة في مصر لما لها من تأثير سلبي على المنطقة ( هو بالطبع يقصد هنا تأثير سلبي على إسرائيل ) . وقال في هذه التصريحات " إذا وصل الإخوان المسلمين إلى السلطة في مصر ، فإنهم سيذبحون الأقباط " . وعندما ُسئل عن البديل في حال إسقاط مبارك ، قال ساتانوفسكي " إن أفضل بديل هو عمر سليمان " . وبعد سقوط مبارك وعمر سليمان ، دعا ساتانوفسكي السياح الروس إلى الامتناع عن السفر إلى مصر ، مشبها الوضع فيها بالوضع في روسيا أثناء الحرب الأهلية في عام 1918 . وتجدر الإشارة أن موسكو الرسمية كانت قد فرضت حظرا على السياحة إلى مصر بسبب أحداث الثورة ، ولكنها رفعته مؤخرا .