17 - 07 - 2024

صباحية فى وسط البلد

صباحية فى وسط البلد

هذه الكعبة كنا طائفيها والمصلين صباحا ومساء كم سجدنا وعبدنا الحسن فيها كيف بالله رجعنا غرباء.....سؤال طرحه الدكتور إبراهيم ناجى الطبيب الشاعر الرومانسى الذى طغت رائعته الأطلال التى شدت بها أم كلثوم بالحان رياض السنباطى (الكبير قوى) على قصائده الاخرى واقترن اسم ناجى بها ليصبح شاعر الأطلال. ....تذكرت تلك الابيات عندما شعرت بقلبى يرفرف وانا أمر بجوار سور جامعة القاهرة وعينى تتعلق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية التى عشت فى رحابها 4 سنوات.....المكان هو هو لكن المشاهد مختلفة عما كانت عليه فى منتصف السبعينيات.....زحام على أبواب الجامعة....كم هائل من عربات الشرطة ورجال الأمن الذين أشعر دائما وابدا بالتعاطف معهم وأدعو الله أن يعينهم على مهنتهم التى تتحمل سوءات كل المهن الاخرى....حتى شكل الطلاب والطالبات لم يعد كما كان أيامنا. ...طبيعى

بعد نحو نصف ساعة وجدت نفسى أردد نفس أبيات إبراهيم ناجى وانا أمر من وسط البلد وبالتحديد من ميدان طلعت حرب  الذى عشت فى رحابه سنوات وسنوات وانا طالب فى مدرسة طلعت حرب الثانوية ثم عندما التحقت بالهيئة العامة للاستعلامات (فى مبناها القديم الرائع بوسط البلد) وقت أن كان يرأسها الدكتور مرسى سعد الدين ومن بعده صفوت الشريف....نفس الإحساس هاجمنى المكان هو هو لكن المشاهد مختلفة والناس غير الناس....طبيعى فالزمن لا يتوقف ولا يمكن إعادته بالريموت كنترول......

لفت نظرى جدا مشهد الزحام الواضح أمام أحد المحلات بما يشبه المظاهرة أو بالأحرى الوقفة الاحتجاجية. ...مع الاقتراب اكتشفت أن المكان هو الخطوط الجوية الليبية....الباب شبه مغلق وكفاح وصراع من مئات المصريين للوصول إلى الباب.....سألت نفسي أى قوة تدفع هؤلاء للكفاح والنضال من أجل السفر إلى دولة تشهد اضطرابات ومخاطر....ومشاهد المصريين الذين فروا بحياتهم من ليبيا لتونس ليست ببعيدة...وأنباء سقوط ضحايا مصريين للعنف فى ليبيا ليست بعيدة.....سألت نفسى هل هؤلاء لا يعلمون ما تعيشه ليبيا الآن. .....هل حصلوا بالفعل على فرص عمل حقيقية أم أنهم سيجربوا ويبحثوا ويعانون وقد يتعرضوا للابتزاز والتهديد وهل تكون البداية أم النهاية للبعض....

وأنا ابحث عن إجابات وجدت تجمعا مشابها يضم أيضا مئات المصريين يصطفون فى طوابير طويلة وأيضا أمام فرع الخطوط الجوية الليبية قرب ميدان مصطفى كامل. .....سألت هل يذهبون بارجلهم للموت...أم أنهم يسعون للحياة ويوجهون دعوة للإخوة فى ليبيا دعوا الصراع وعيشوا الحياة سنضع أيادينا فى أيديكم من أجل البناء والنماء.... أم أنهم يطلقون صرخة احتجاج لمن يهمه الأمر فى مصر المحروسة (نفس صرخة الاحتجاج التى يطلقها من يخوضون مخاطر الهجرة غير الشرعية لأوروبا بالبحر) فحواها الغربة ليست غربة مكان فقط وإنما غربة زمان وغربة بطالة .....ترى هل لفتت طوابير المصريين أمام الخطوط الجوية الليبية أنظار الحكومة وهل لفتت نظر وزيرة القوى العاملة.....الأسئلة كثيرة ولا اجابات .

##

مقالات اخرى للكاتب

عجاجيات|