29 - 06 - 2024

العرب بين ماض متوازن و حاضر مغتصب

العرب بين ماض متوازن و حاضر مغتصب

لقد احدث تفكك الاتحاد السوفيتي و انهيار المعسكر الشرقي خللا في موازين القوى في العالم عموما و ترك أثرا سلبيا على العالم العربي خصوصا فبعد انفراد الغرب و على رأسه الولايات المتحدة الأمريكية بالقوة العسكرية و الاقتصادية معا، انجّر عن ذلك انفراد بالقرار السياسي و نما نظام الاستعباد الرأسمالي و الاضطهاد الاستعماري و ظهر جليا استثمار الإنسان للإنسان و انعدم النضال ضد الأقطار الاستعمارية . فما هو اثر ذلك على العالم العربي خصوصا؟

لئن تحررت الأقطار العربية من الاستعمار المباشر بعد أن نهبت ثرواتها و فقدت الملايين من أبنائها، فإنها ما تزال إلى الآن أسيرة للاستعمار غير المباشر.

لقد وضع الاتحاد السوفيتي في سنوات الحرب الباردة بين المعسكرين حد الطموحات الغرب في استنزاف ثروات البلدان العربية و التدخل المباشر في شؤونها و الجم إسرائيل و حد من نفوذها في المنطقة و توسعها على حساب ارض فلسطين المحتلة، كما ظّل وفيا لردح من الزمن بالتزاماته تجاه العرب لتامين قوتها العسكرية من خلال مدّها بالسلاح و تأمينها غذائيا بمدّها بما تستحقه من كميات الحبوب اللازمة، كما ساهم بنسب متفاوتة إسهاما ناجحا في إصلاح البني التحتية و تطويرها...

و بسقوطه استفرد الغرب بالدول العربية التي باتت رهينة لقراراته و أملاءاته، و فكّ القيود على إسرائيل فباتت هذه الأخيرة تصول و تجول في المنطقة دون حسيب أو رقيب ، فدمرت الشعب الفلسطيني و أصبحت القاعدة المتقدمة للغرب في المنطقة تزوده بكل كبيرة و صغيرة و تنبهه إلى كل شاردة و واردة...

فماذا جني العرب؟ استغلال فاحش لثرواته الباطنية بالجملة، حروب متتالية أتت على الأخضر و اليابس، ديون متراكمة و متخلدة بالذمة، مدققة و مجدولة لن تزيد الشعوب العربية إلا استعبادا و تبعية و إذلالا.

إن الوضع العربي اليوم في حالة لا يحسد عليها و خاصة في بعض البلدان العربية، فسوريا لم تنعم بالهدوء و لسنوات، حرب و اقتتال و فوضى و أوضاع متردية، ليبيا تهددها الفتن و تترصدها الحرب الأهلية، تفتقر إلى قرارات سياسية جريئة من شانها أن تضع حدا للصراعات القبلية و إلى مظاهر الحرب الأهلية... بينما يئن اليمن تحت وطأة النيران و زحف الحوثيين على العاصمة و مطالبتهم بتقرير المصير ، فهل هي على قاب قوسين أو أدنى من عملية تقسيم البلد إلى يمن شمالي و أخر جنوبي على غرار السودان المقسم و الجريح ، فلا الوحدة أتت أكلها و لا الانقسام جنب البلد الحرب و ويلاتها، أما العراق فحدث و لا حرج، بلد مترنخ ، أهلكه الاقتتال الداخلي و الفتن و تربص به الأعداء و الطامعون من كل حدب و صوب، فاني يتخلص العراقيون من هذا الدمار الهائل و إني يقضون على الداء المنتشر على أرضهم و إني يبنون العراق عراق الآباء و الأجداد، عراق الحضارة و العظمة.

فهل تتحرر هذه البلدان من جديد؟ هل تتحرر أراضيها و أجواؤها من الاحتلال على مختلف ألوانه و أشكاله، و هل تصمم الحكومات على وضع حد لإطماع الطامعين و نفوذهم، أي كان سياسيا أم عسكريا و اقتصاديا و هل ستضع حدا للتنامي العقائدي و المذهبي؟ أم ستظل الشعوب تبكي مصيرها و تندب حظها؟

قال الشاعر:

          و ما الناس إلا ما رأوا و تحدثوا                            و ما العجز إلا إن أيضا يضاموا فيجلسوا

و قال أخر:

         نمشي الطريق و لا تخشى مصاعبه                        حتى تسد على أعدائنا السبل.

##

مقالات اخرى للكاتب

العرب بين ماض متوازن و حاضر مغتصب





اعلان