16 - 08 - 2024

وكانت ليلةً حتى مَطلع الشِّعر باتحاد كتاب وأدباء الإمارات

وكانت ليلةً حتى مَطلع الشِّعر باتحاد كتاب وأدباء الإمارات

 ليلةُ عِشق من ليالٍ انسكبَ فيها بَوح المشاعر والود مع روعة الكَلِم والحروف؛ فكانت قابَ قوسين أو أدنى مِن مُنتهى الجمال وألق المشاعر وسمو الوجدان ورُقِيّه؛ ليلة تُهيئ فيها شِغاف قلبكَ ومعارج روحكَ التائقة للإنصات لهمس أرق أسرار الكون السَّكرى، أسرارٌ تسلبك التوحش والتخلف والبشاعة بل والوضاعة؛ تمنحك جمال إشراقة زهور الشرفات؛ فيسافر قلبك بين الجمال حتى تتقمصه وتتوحد به ليصبح خبيئتك الذي تحن إليها وتغافلك إليها نفسك؛ فتُسَربلك بمسوح الروعة والسكينة لتهنأ به دوماً.

ليلة حتى مطلع الشِّعر؛ رواؤها نهرُ حُبٍ جارف مُصاحَب بأعذب الكلم وأرق الإحساس لصاحبتيّ قصص العشق الخالدة على مر التاريخ؛ مادُوّن منه وما لم يُدوّن؛ الحبيبتان الحاضرتان تواً ودوماً وأبداً؛ المرأة والوطن؛ ذواتا الخَلاق الوافر مِن أسْمى وأرق المعاني، أما ساعة تجتمع الحبيبة والوطن والشِّعر؛ فلابد أن يكون ألق الدُّرِّ الكامن في أصداف لغتنا الجميلة رابعهما.

أمسية ماتِعة نظمها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات بأبوظبي؛ أدارتها الشاعرة الإماراتية شيما الشامسي؛ حضر الندوة على أبو الريش رائد الرواية الإماراتية، وكريم معتوق شاعر المليون، والشاعر والروائي الفلسطيني أنور الخطيب، والشاعر العراقي عباس جيجان، والشاعر السوري نعيم عيسى، وسط حضور جماهيري لافت من الشعراء والأدباء والإعلاميين والذائقة والمهتمين.

تألق د.أديب حسن محمد/ الشاعر والكاتب والطبيب السوري؛ من مواليد 1971 مدينة القامشلي؛ له تسعة دواوين؛ والعديد من الكتب والمقالات النقدية والدراسات في القصيدة الومضة؛ شارك في تحكيم عدد من مسابقات الشعر والقصة القصيرة، حائز على جوائز عدَّة منها جائزة سعاد الصباح بالكويت، وجائزة البياتي، وطنجة المغربية،ومجلة دبي الثقافية، من دواوينه: موتى من فرط الحياة، مَلك العراء، وثامنهم حزنهم، البرية كما شاءتها يداكِ.

يقول في قصيدته "خُذْ قلبي":

خُذْ قلبي

ياقارئ هذا الحزن وغنِّ

عُشب البرية ينصتُ

والأحجار

ولهفة عشاق الليل

وهذا البنيّ

خذ عمري

قسِّمه الآن

على َمن شئت مِن العشاق

لعل الأشواق تشكلهم

ورداً لا يفشل في تفسير جنون الريح

إذا ما هبت كي تفرح

جسد الغربة في وحشتها

نبضةُ روح الأحباب

ترفرف مثل الأشجار وتحمل وجع التربة عني

..........

أما قصيدته: "لا أُشبه نفسي" فاختارمنها بعض الأبيات:

وأخيراً..

أغلقت الباب

ونزعت جميع الأثواب

عارٍ

وحدي

في ظلمة ما بعد الروح سلامٌ

وأمامي

يمتد شريط الأيام على مهل

لا شيء ورائي

سيعطلني عن طقسي

في كل الأسفار

أظل الغائب عن معنى الخطوات

وعن تفسير الوجع الكامن

في تيه الطرقات

وفي صعلكة الأمس

فكاني صوت الماء على جثث الأعشاب

سيجري

بعد فوات الخضرة

منتقماً

من خذلان الكل

أراود كالعادة نفسي

عن حلم في مستنقع هذا العمر

سيجري

منفلتا في كيد المعنى

وأحاول تفسير الليل

بما اُتيت من اليأس

مازلتُ أحبُ الحُب

وأبني من حبته القبة

مازلتُ

أراقب أيامي

في حنظلها الدامي

تطحنها في فلوات الله الغربة

وأقيس جراحي في البرية

وحدي وسمائي

حزني شوك

ينزل مثل الدمعة في حضن الرض

...................

ثم ألقى قصيدته: "أحجار سيزيف"

يارب إنّي قد أتيت بأدمعي

فارحم عبادك في الجهات الأربع

مادام يحيا في القلوب نقيها

لملم شتات العاشقين .. وجمّعِ

وإذا جعلت العشق نهراً جارياً

فازرع ورود الضفتين بأضلعي

صوتي يدق وباب الليل منغلق

هلا همست لكي أحظى بمفتاحِ

قُومي أطلي على قلبي وذاكرتي

تيبس الكل من وجدِ وأتراحِ

أنت الوحيدة إن جادت بمبسمها

تنقل الخدُّ من وردٍ لتفاحِ

مشت إلى قلبي وما برحت

تُعطر الخطو مرسالاً من الورد

في غابر الحُب قد نامت قرنفلتي

من أيقظ الورد في خالٍ على الخد

وليت لواعجي صارت كتاباً

يقلبه الحبيب بحسن ظن

فرُبَّ قصيدة صارت شفيعاً

وصالحت الربابة والمغنى

ثاني الاثنين كان الشاعر المصري محمود جمعة مواليد 1961، الذي يكتب بالفصحى والعامية المصرية والعامية الخاصة ببعض الدول العربية، صدر له عدَّة دواوين منها: بوادٍ غير ذي عشق، شهقة أخرى، إذا مسني منك عشق، المراية والمجنون، في البداية كانت العامية المصرية حاضرة في قصيدته "أنا والبحر وعينيكي":

أنـَا والبــــحر وعنيـكِي
تـلاته تعبــهم المشـــوارْ
مِشيتْ ع الناي أغنِيكي
جَـرفْنِي البـحر والتيـارْ
بقِيت شَايلِك وأنا فِيكي
وحُبـك بَحـر م الأسرارْ


أنـا والبـحر وعنيـكي
شِراع منفي علي جزيره
وخـايف يركـب الميــه
تشّده إيديكي والحيره 
وبحـري راسـه مَحْنِيه
ويحكيله الغرق سِيـره
وانا والموج سَواسِــيه

أنـا والبحـر وعنيـكي
تميل الشمس ف المغربْ
وتحبس نورها ف محاره 
وأنـا بَحـرك وباتعــذب
يا جُوه الصدفة محتاره
قوليلي ازاي أكون أقربْ
وأنا مَاسْـَكانِي سِنـاره

أنـا والبـحر وعنيـكي
تداري ضِلُوعي أحزانِك
وتطلع ضحكتي تجلجل ْ
يقول البـحر ف غرامِك
أنـا المدبـوح مـن الاول ْ
عنيكي تغُوص ف أوهامِك
ألاقـي الـموج بيتـحولْ

أنـا والبـحر وعنيـكي
في عِز البـرد والعتـمه
تلاته ع الطريق ماشين
عنيـكي ف دَرْبِنا حاكـمه
وأنا والبحر مش صابرين
يا نِسـرق للهوي نجمــه
يا تِسرقنا المنا
.............

وفي قصيدته "تراتيلُ الظلام" يقول:

لاشيءَ غيرُك

كي يحاورَهُ الظلامُ ويصطًفيكْ

ويصوغُ من سبعٍ عجافٍ

آخرَ الأحلامِ فيكْ

لاشيءَ غيرُ السّقفِ

يقرأ وجهيَ الأعمَى

يراكَ ولا يُرِيكْ

هي حكمةُ أخرى

يرتّلُها الظلامُ

على فراغِ الروحِ

والموتِ الوشيكْ

لاتحسبنّ الصّبحَ

دوماً قارئاً

سفرَالوجودِ ليحتويكْ

فلربّما شمسُ الوداعِ

تجيءُآآآ من حزنِ الشتاءِ

وتجتبيكْ

تلكَ الوجوهُ على جدارِ العمرِ

شاخَ الحبُّ في دمِها

فلا عبدَ هناكَ

ولا مليكْ

وأنا وقافلةُ الحنينِ

إلى الطفولةِ

يستوي فينا الغروبُ

وهدأةُ الفجرِ

الضحوكْ

كهلاً أعودُ لصدرِ أمِّي

نازفاً

فتُجيبني :

أوليسَ ذا ما قالَهُ

..................

وفي قصيدته "في سنين" يقول:

ياعازفَ الناي

هذا الناي يكتبني

أغالبُ الشوقَ في صبرٍ

فيغلبني

من ألفِ عامٍ

تنوح العازفاتُ أسى

حتي أتيتِ

فناح الناي من شجني

قلبي تفتتَ

في ألحانِ غربتِها

أستمطرُ

الغيبَ رُوحا

تحتوي وثنِي

الليلُ والخمرُ

والماشون في دمِنا

مروا علي

صورةٍ خرساءِ

تسكنني

ليلٌ تعود

أن يلهو بنشوتِنا

خمرُ

أشد من الأحزانِ

يُسكرُني

أنت التي وجعُ الأشجارِ

فتنتُها

في عشقِ أزهارِها

الاشواكُ تحملني

هذا الصبي غريبُ القلبِ

نادمني

من بطنِ أمي

الي المجروحِ في زمني

وصبّ في جرحِها

ما كان من جُرحِي

فمضت تغني

كأني منه أسمعني

تستلهمُ الناي سراً

نام في جسدي

وتستفيقُ

اذا ما الليل

رقرقنيآ

أحلام أيزيس

أوزوريس ضيعها

وشتت الريحُ

في انحائِها

سكني

بسطت ضفائَرها

للفجرِ أغنية ً

فاسترسل الضوءُ

يحكي

قصةَ الوطنِ

وبنهاية الأمسية قام الشاعر سالم أبوجمهور رئيس فرع اتحاد كتاب وأدباء الإمارات بأبوظبي بتسليم الشاعرين شهادات التكريم.